سيلقي الرئيس الجديد لجنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، مساء اليوم الجمعة، أول خطاب له حول حال الأمة، وهي مناسبة احتفالية بكل تأكيد، غير أنها تتميز هذه السنة بكونها بداية لعهد جديد في جنوب إفريقيا، بعد ولاية مضطربة لجاكوب زوما.
ويأتي هذا الخطاب في جو حماسي لم يسبق أن شهدته بلاد قوس قزح منذ نهاية نظام الأبارتايد وانبثاق عهد الحرية قبل 24 عاما.
وشهد المواطنون الجنوب إفريقيون بلادهم تغرق في أزمة اقتصادية لم يسبق لها مثيل، مع تفاقم البطالة لتمس أزيد من 27 في المائة من الساكنة النشيطة وارتفاع مقلق في مستويات الفقر الذي أصبح يمس أزيد من نصف الساكنة الإجمالية لهذه الأمة الفتية التي تبلغ حوالي 56 مليون شخص.
وأدت الفضائح السياسية والمالية التى طبعت ولاية الرئيس السابق زوما، والتى اضطرته إلى الاستقالة أول أمس الأربعاء بعد ضغوط هائلة من قيادة حزب المؤتمر الوطني الإفريقى الحاكم بقيادة رامافوزا، إلى ازدياد حالة عدم اليقين السياسي، وتراجع التصنيف السيادي للبلاد وفقدان ثقة المستثمرين.
وفي هذا السياق القاتم يأتي الصعود القوي لرامافوزا، التي تتطلع إليه أنظار المواطنين الجنوب إفريقييين لإخراج البلاد من أزمتها.
وسيكون خطاب هذه الجمعة، مناسبة للرئيس الجديد للبلاد، لعرض رؤيته للمسار المستقبلي للبلاد.
وفي التقليد السياسي لجنوب أفريقيا بعد نظام الفصل العنصري (الأبارتياد)، يعتبر هذا الخطاب حدثا ذات أهمية كبرى. ويشكل مناسبة لكل فروع السلطة (التنفيذية والقضائية والتشريعية) للاجتماع بغاية الوقوف على التحديات التي تواجهها البلاد.
وأثار انتخاب رامافوزا على رأس المؤتمر الوطني الأفريقي في دجنبر الماضي، وصوله إلى السلطة، موجة من البهجة عمت المجتمع الجنوب الإفريقي.
وللمواطنين العاديين، بما فيهم السياسيين وكذلك المعارضة، وحتى الفاعلين الاقتصاديين والماليين، انتظارات كبيرة.
وينتشر التفاؤل في صف المستثمرين، بعد سنوات زوما التي تعتبر بأنها “سوداء”.
وقال المحلل السياسي ريشارد كالاند “عندما سيأخذ الكلمة اليوم لإلقاء خطابه، سيكون الرئيس رامافوزا بلا شك على علم بالآمال التي أثارها وصوله للسلطة، وذلك بعد فترة طويلة من القلق والمخاوف”.
وأضاف المحلل أنه بفضل تجربته السياسية الطويلة، يتمتع رامافوزا (65 عاما) بكل المزايا، التي ستمكنه من قيادة البلاد نحو الاستقرار الذي يبحث عنه المستثمرون.
رامافوزا، ناشط سياسي منذ السبعينات، عندما كان زعيما للحركة الطلابية بسويتو، مدينة صفيحية ذات رمزية كبيرة ومعقل للمؤتمر الوطني الأفريقي، بجنوب جوهانسبرغ، يتمتع اليوم بسمعة طيبة بين الجنوب الأفريقيين.
ويقول المحللون، إن ماضيه كنقابي متمرس والخبرة الكبيرة التي اكتسبها في عالم الأعمال، منذ خسارته في السباق الرئاسي لسنة 1999، تعزز قيادته، مؤكدين أنه منذ عودته إلى المشهد السياسي الجنوب الافريقي في 2014، ساهم المقرب السابق لنيلسون مانديلا في تسوية العديد من القضايا الشائكة.
وهذه القدرة على التفاوض الماهرة، سمحت له بكسب لقب “Mr Fix It” (السيد القادر على حل المشاكل) تلميحا لقدرته على إيجاد حلول للمشاكل الصعبة.
وقال جاكي سيليي، من معهد الدراسات الأمنية، إن المحللون وكل الرأي العام الجنوب الإفريقي ينتظر الخطاب الذي سيلقيه في البرلمان لرؤية كيف ينوي الرئيس الجديد الاستجابة لتطلعات الشعب، مسجلا أن الاقتصاد سيغلب على الخطاب.
ومنذ انتخابه رئيسا لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، أكد رامافوزا في عدة مناسبات، اهتمامه بتحفيز النمو الاقتصادي.
وخلال زيارته الأخيرة إلى دافوس (سويسرا) حيث قاد الوفد الجنوب الأفريقي إلى المنتدى الاقتصادي العالمي، وعلى غرار مناسبات سابقة، أكد رامافوزا على أن جنوب افريقيا مفتوحة للمستثمرين، وأنه ملتزم التزاما راسخا بالنمو الاقتصادي في بلاده، الذي يعاني من تباطؤ شديد.
وبالإضافة إلى إعادة إنعاش النمو، فإن قضايا مثل تعزيز التحول الاقتصادي ومحاربة الفساد، ستكون أيضا في صلب خطابه أمام البرلمان.