حول إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، فشله في ”هزم” الإسلاميين، عبر مشروعه الحزبي؛ إلى مقارعتهم عبر كتاب من الحجم المتوسط (حوالي 190 صفحة)، يستعرض فيه تاريخ نشأة الجماعات الإسلامية في المغرب وخارجه، وكذلك المكاسب والإخفاقات التي حققتها.
الكتاب الصادر عن ”الفاصلة للنشر”، والموضوع رهن إشارة القراء في المعرض الدولي للكتاب المقام بالدار البيضاء في دورته الحالية، استهله الكاتب إلياس العماري، برصد الخريطة التنظيمية العالمية للإخوان المسلمين، بدءا من التأسيس سنة 1928، ورفعها لشعار ”الإسلام هو الحل”، الذي قال العماري إنه أحد الدوافع التي كانت وراء مؤلفه ”تحولات الجماعات الإسلامية..التنظيم العالمي للإخوان المسلمين نموذجا”؛ إذ يرى فيه ”شعارا صداميا يؤسس للمواجهة والتفرقة في مجتمعات لم تكن منقسمة حول موقفها من الإسلام”، وفق ما جاء في الصفحة 22 من مدخل الكتاب.
بعدها، عرج العماري في كتابه إلى الحديث عن الإطار التأسيسي للإخوان، موضحا أن حركة ”التوحيد والإصلاح” الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، لها ارتباط وثيق بهذا التنظيم العالمي، رغم نفي قادتها، ويتجلى ذلك، بحسبه، في ” طبيعة الوثائق الدينية التي كانت تشتغل بها الحركة وتؤسس عليها مواقفها من الدولة والنظام والمجتمع والنظام” ( ص28 من الكتاب).
وفي حديثه عن التأسيس، تحدث العماري بإسهاب عن ”الفرع المغربي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين ”، وأوضح أن هذا الفرع العالمي عمل في البدايات على استقطاب زعماء سياسيين إلى حظيرته، وهو ما ذهبت إليه ” شهادات كتبها رموز فاعلون في تاريخ الحركة الإسلامية السياسية، وفي طليعتهم الشيخ عبد الكريم مطيع، مؤسس أول فصيل إسلامي سياسي بالمغرب، الذي يذهب إلى تأكيد اتهامات الاختراق والاستقطاب من قبل ممثلين للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين” ( ص 46).
وذكر المؤلف، وهو يواصل حديثه عن الإخوان، أن تفجيرات 11 شتنبر التي هزت أمريكا، خدمت كثيرا التنظيمات الإسلامية السياسية، وبالأخص جماعتي الإخوان المسلمين والتنظيم العالمي للإخوان، مؤكدا أنها استفادت من نتائج الاعتداءات ” لأنها معنية بتطبيق السياسات التي بلورتها الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، بتعاون مع بعض الدول العربية في مواجهة الجهاديين، وذلك في إطار الحرب على الإرهاب” (ص61).
وعن العلاقة التي تربط ”الإخوان” بما أطلق عليه ”الربيع العربي” الذي اجتاح دول عربية أسقط أنظمة بعض منها، شدد العماري على أن التنظيمات الإسلامية، اعتبرتها فرصة لإحياء ” دولة الخلافة الذي يعتبر مشروع جميع الحركات الإسلامية عبر فقه التدرج وآلية التمكين” ( من الصفحة 82إلى 84 من الكتاب).
وأوضح في هذا الباب، أن الحركات الإسلامية، حققت مكاسب كما منيت بإخفاقات إبان ”الربيع العربي”، تمثلت المكاسب في تصدرها المشهد السياسي، وأعطى نموذجا على ذلك بقيادة حزب العدالة والتنمية للحكومة سنة 2011، وتناوب على السلطة نموذج حزب النهضة بتونس، وفوز مرشح الإخوان بالانتخابات الرئاسية بمصر عام 2012، وإن وقعت عليه ”ثورة مضادة” بضع سنوات، مضيفا العماري، أن حالة مصر تُعد أول ضربة تلقاها التنظيم بعد ” الثورات العربية”.
ووقف العماري، في الباب الرابع والأخير من كتابه، على ما أسماه ” مخرج ما بعد الإسلام السياسي” للحركات الإسلامية، مستحضرا تجربة كل من تركيا الذي قال إنها تخلت عن الطرح التطرفي ( ص108)، ثم التجربة المصرية التي أقرت أنها أخطأت حين خلطت بين الأمور السياسية والدينية، ما دفعها إلى القيام بـ ” مراجعة وتقييم شامل لأداء الجماعة” ( ص114-115)، وعن ”إخوان تونس”، خلص المؤلف إلى أن حركة النهضة، أشهر التنظيمات الإسلامية بالبلد قامت بدورها بمراجعات جذرية وصلت حد الدفاع عن مطلب الحريات الفردية ( ص 125)، أو إقرارها بحقوق المرأة، عبر دعوة زعيمها رشيد الغنوشي إلى إعادة قراءة التراث الديني في هذا الجانب، بل ذهب الغنوشي أبعد من ذلك حين أكد ” ألا ليس هناك في الإسلام ما يبرر إقصاء المرأة” (ص127 من كتاب العماري).
وعاد إلياس بعد ذلك للحديث عن ”إسلاميي المغرب ومخرجهم ما بعد الإسلام السياسي، حيث يحاول الكاتب أن يبرهن مُجددا، عن علاقة إخوان بنكيران بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وعن تفضيلهم لمنطق ”الجماعة على حساب الوطن”،عبر استعراضه لنماذج أثارتها الصحافة الوطنية وكانت مثار جدل كبير (ص132 إلى 139).
وختم العماري كتابه بخلاصات أبرزها، أن هناك معيقات تقف حجرة عثرة أمام تأسيس كيان قوي لـ ”التنظيم العالمي للإخوان المسلمين”، لكون كل فرع محلي للتنظيم يتعامل مع الأوضاع بـ ”ماهو متاح” (ص 141)، مؤكدا على أن انخراط الإسلاميين في السياسة افقدهم ” الطهرانية التي كانت مرتبطة بهم في مرحلة الدعوة”، مطالبا الجماعات الإسلامية بإعادة النظر في ” المفاهيم والمواقف والقرارات” التي يشتغلون بها، داعيا كافة الفرقاء السياسيين داخل الأنظمة الإقليمية إلى فتح قنوات الحوار لـ” تقريب وجهات النظر”.
عن موقع : فاس نيوز ميديا