استعرض الأمین العام للرابطة المحمدیة للعلماء أحمد عبادي، مساء أمس الثلاثاء بروما، تجربة المغرب “الرائدة”
في مجال محاربة التطرف وتفكیك خطابھ من أجل تمنیع الشباب من المفاھیم التي تؤدي إلى الفكر المتشدد.
وأوضح عبادي، في محاضرة ألقاھا بالمركز الإسلامي الثقافي بروما حول “التجربة المغربیة في مجال محاربة
التطرف”، بحضور سفیر المغرب بإیطالیا السید حسن أبو أیوب، أن ھذه التجربة تشكل الیوم نموذجا یحتذى بھ على
المستوى الدولي، إذ تعتمد على مقاربة مندمجة بقیادة أمیر المؤمنین صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ما جعلھا
تشكل مصدر إلھام للعدید من بلدان العالم.
وأشار إلى أن الانشغال بتفكیك مفھوم الجھاد الذي یروج لھ في مواقع التواصل الاجتماعي أفضى إلى اكتشاف جملة
من الخصائص التي تمیز ھذا الخطاب المتطرف، أولھا أنھ یتاجر في خمسة أحلام لھا راھنیتھا وتجذرھا في واقع
المسلمات والمسلمین وھي “حلم الوحدة والكرامة والصفاء والخلاص ثم حلم السیطرة على مجریات الأحداث ”
الذي یجعل الشخص متوھم بأنھ أصبح مسیطرا على الوضع بعد أن كان في حیرة من أمره، بالإضافة إلى جملة من
العلل والمفاھیم كقضیة “الحكم بما أنزل الله وفریضة الجھاد الغائبة والانغماس في العدو” وغیرھا من المفاھیم التي
اشتغل المغرب على تفكیكھا. وسجل أن ھذه المقاربة مكنت من “تقدیم أجوبة ناجعة على جمیع الانحرافات المتطرفة
في المنطقة و العالم” التي یتم الترویج لخطابھا بالاعتماد القوي على الوسائل التكنولوجیة الحدیثة.
وشدد عبادي على ضرورة إنتاج خطابات بدیلة تتسم بالتجدید والجاذبیة والإبداع موجھة للأطفال والشباب، عن
طریق على الخصوص انتاح ألعاب فیدیو، والقصص المصورة، والرسوم المتحركة ” الحاملة للقیم البانیة المسعفة
على السلم والتسامح”، فضلا عن ضرورة تأھیل وبناء قدرات رجال الدین، و إعداد “وسطاء وفاعلین یعون مخاطر
خطاب الكراھیة، ولھم العدة العلمیة التي تمكنھم من مواجھة ھذا الخطاب في المیدان”.
وأكد على أن تجدید الخطاب الدیني المعاصر یجب أن یرتكز على استحضار العدید من التحولات والتغیرات
والمعطیات، لاسیما في البعد التواصلي وخاصة على مستوى المواقع الاجتماعیة.
وأبرز عبادي أن الرابطة اعتمدت آلیة التثقیف بالنظیر التي استلھمتھا فیما بعد دول أخرى بالنظر لتأثیرھا الكبیر،
حیث تم إطلاق منصة رقمیة جدیدة تحمل اسم “وحدة الفطرة” بھدف بث الوعي و بناء القدرات المعرفیة لدى
الناشئة لتمكینھا من الإبحار الرقمي الوظیفي، والتفاعل الھادف في فضاءات تعج برسائل حاملة لقیم العنف
والكراھیة، مشیرا إلى أن عملیة التثقیف بالنظیر تم مواكبتھا بآلیات لقیاس مدى نجاعة ونجاح ھذه التجربة.
وأضاف أنھ تم الاشتغال بمعیة وزارة التربیة الوطنیة والتكوین المھني والتعلیم العالي والبحث العلمي التي تبنت ھذه
المقاربة، كما تم تطبیق برنامج التثقیف بالنظیر في المؤسسات السجنیة، حیث بلغ عدد المكونین والمكونات 22
ألف شخص استفادوا جمیعھم من ھذه المبادرة وأصبحوا مثقفین نظراء یعملون على نشر ثقافة التسامح ومحاربة
التطرف العنیف داخل السجون.
وأوضح أن نجاح ھذه التجربة شجع على تعمیمھا على المؤسسات التعلیمیة من خلال أندیة المواطنة والحیاة
المدرسیة التي تمكن الشباب من الانخراط في أنشطة جماعیة لتنفیذ مشاریع مشتركة وتعلم الریادة و الأخذ بزمام
المبادرة وبناء قدرتھم المعرفیة بما یعود بالنفع على محیطھم ثم بلدھم والعالم ككل. وقدم الأمین العام للرابطة
المحمدیة للعلماء التجربة المغربیة في مجال محاربة التطرف وتفكیك مفھوم الجھاد ، أمام نخبة من الشخصیات
الإیطالیة وكذا أفراد من الجالیة المغربیة.