الناخبون الإيطاليون يتوجهون غدا الأحد لصناديق الاقتراع لاختيار أعضاء البرلمان

يتوجه أزيد من خمسين مليون ناخب إيطالي ، غدا الأحد، إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ لولاية جديدة تمتد لأربع سنوات، وذلك وفق قانون انتخابي جديد يصعب معه التنبؤ بالنتيجة ويجعل فرص حصول أي حزب على الأغلبية المطلقة ضئيلة.

ويتنافس في هذه الانتخابات تحالف اليمين، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق سلفيو برلسكوني المؤلف من حزب “فورزا إيطاليا” اليميني وحزبي اليمين المتطرف “رابطة الشمال” و”إخوة إيطاليا”، وحركة خمس نجوم (الشعبوية) التي يترأسها لويجي دي مايو، والحزب الديمقراطي (اليسار) الحاكم الذي يمثله أمينه العام ماتيو رينزي.

ويعد تحالف اليمين المرشح الأقوى لتشكيل الحكومة المقبلة بالنظر لحصوله على حصة الأسد من نوايا تصويت الناخبين في آخر استطلاعات للرأي ، حيث يتوقع فوزه ب 37 إلى 38  في المائة من الأصوات، غير أن ذلك لن يمكنه من تحقيق الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة بسبب قانون انتخابي شديد التعقيد.

فبموجب قانون الانتخابات الجديد الذي تمت الموافقة عليه العام الماضي فإن ثلث المقاعد في مجلس النواب ستنتخب وفق النظام الأكثري أي فوز من يحقق أعلى عدد من الأصوات، بينما ينتخب الثلثان الباقيان وفق التمثيل النسبي.

و يعزز القانون الجديد التحالفات ويحد من فرص أحزاب مثل حركة خمس نجوم التي استبعدت دخولها أي اتفاق بعد الانتخابات مع أحزاب أخرى.

غير أن برلوسكوني لم يخف طموحه بتحقيق الأغلبية  من خلال تحالف اليمين واليمين المتطرف عندما اعتبر أن توقعات استطلاعات الرأي “تقارب بفارق أقل من نقطة نسبة 40 في المائة من الأصوات، مضيفا أنه “في ظل القانون الانتخابي الجديد، فإن هذه النسبة  تعني إمكانية الفوز بالأغلبية”.

ويستند برلوسكوني (81 عاما) إلى هذه الاستطلاعات المشجعة ليؤكد أنه عازم على “الانتصار لمرة أخيرة قبل الانسحاب” من العمل السياسي.

وركز هذا التحالف في برنامجه الانتخابي على خفض الضرائب وزيادة حجم الاستثمارات ورفع المعاشات التقاعدية وعدم اتخاذ تدابير تقشفية ، بالإضافة إلى طرد 600 الف مهاجر غير شرعي من البلاد، بالإضافة إلى اقتراح إعادة إدخال الليرة كعملة موازية و أن “يسود دستور إيطاليا فوق القانون الأوروبي”.

وفي حال فوز حزب برلسكوني في هذه الاستحقاقات سيكون رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني المرشح الأول لتولي منصب رئيس الوزراء في الحكومة المقبلة.

أما حركة خمسة نجوم (المعارضة) فقد أعلنت أمس الجمعة في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ إيطاليا، عن الفريق الذي ستتشكل منه الحكومة القادمة إذ حققت الفوز في اقتراع غد.

وقال دي مايو البالغ من العمر 31 سنة و المرشح لمنصب رئيس الوزراء ، “نحن بصدد القيام بخطوة غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية وهي تشكيل فريق حكومي و اقتراحه قبل إجراء الانتخابات”.

ورغم تقدم خمس نجوم في استطلاعات الرأي وحصولها على 27,8 في المائة من نوايا التصويت ، يستبعد أن تحصل لوحدها على غالبية مطلقة من الأصوات ، ما يجعل فرص هذه الحكومة في تولي السلطة فعليا ضئيلة. و في حال إحرازها غالبية نسبية، ستكون ملزمة بعقد تحالفات مع أحزاب أخرى، وهو ما رفضته حتى الآن.

وترفض خمس نجوم أن تصنف كحزب سياسي، وتصر على تقديم نفسها كحركة مناهضة للنخب السياسية التقليدية، وبديل “نظيف” لها، مستثمرة في ذلك حالة من الغضب الشعبي على الممارسة السياسية التي راكمت لأصحابها الامتيازات و”التحالف” مع القوى المالية وأصحاب النفوذ.

من جانبه، فشل الحزب الديمقراطي الحاكم في الحفاظ على شعبيته و استغلال الانتعاش الاقتصادي الذي حققته البلاد، إذ تراجع في استطلاعات الرأي (22,9 في المائة من نوايا التصويت)، ومع ذلك يحذوه الأمل في الفوز من خلال التعهد بتقديم تحفيزات في مجال سوق العمل ومكافحة التهرب الضريبي، وتحقيق سبل الشعور بالمواطنة لأطفال المهاجرين.

من جهة أخرى، تشكل انتخابات الغد امتحانا حقيقيا لعلاقات إيطاليا بالاتحاد الأوروبي  في ظل تابين مواقف  الأحزاب المتنافسة بين مناهضة للسياسات الأوروبية وخاصة في المجال النقدي وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني، وبين مؤيدة لهذا التكتل.

فقد أثارت تصريحات لأعضاء في حزب رابطة الشمال وحركة خمس نجوم و التي عبروا فيها عن تأييدهم للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، قلق المسؤولين الأوربيين من انعكاس ذلك على الاتحاد برمته وتهديد وحدته.

وفي آخر خرجة إعلامية، لم تستبعد الرابطة “مغادرة الاتحاد الأوروبي في حال رفضت بروكسل إعادة التفاوض في غضون العامين المقبلين بشأن قوانينها المتعلقة بالضرائب والهجرة “.

بالمقابل، حذر الأمين العام للحزب الديمقراطي (الحاكم) ماتيو رينزي من تداعيات “كارثية على الاقتصاد الوطني” في حالة التصويت في استفتاء شعبي مفترض بخروج بلاده من المنطقة الأوروبية.

اما الاتحاد الاوروبي فيراقب العملية الانتخابية بتوجس ، عبر عنه مفوض الاتحاد للشؤون الاقتصادية، بيير موسكوفيتشي الذي وصف الوضع بإيطاليا في ضوء الانتخابات التشريعية المقبلة بكونه من ضمن “المخاطر السياسية” التي تلوح في سماء أوروبا خلال السنة الحالية.

وفي رأي مراقبين، فإن انتصار الأحزاب المشككة في الأورو لن يشكل تهديدا للمنطقة الأوروبية ، لأن مرحلة ما بعد الانتخابات ستكون الحلقة الأكثر تعقيدا في العملية السياسية بسبب القانون الانتخابي الجديد الذي جعل هذه الاستحقاقات مثل “اليانصيب”.

وتبقى نتائج هذه الانتخابات صعبة التنبؤ إذ أن تشتت الأصوات بين اليمين ، اليسار و الوسط وحركة خمس نجوم من شأنه أن يترك البرلمان بلا أغلبية واضحة، وهو وضع لا يعد جديدا في بلد شهد 64 حكومة منذ إعلان الجمهورية عام 1946.