كرة القدم أو الساحرة المستديرة، هي الرياضة الجماعية الأولى والأكثر تأثيرا و شعيبة في العالم، والتي تخلق لنا أكبر التجمعات و التجمهرات، والتي قيل فيها أنها تجمع ما فرقته الظروف والحروب والسياسة، والتي بدأت فعليا منذ سنة 1863 بظهور أول اتحاد لهذه الرياضة بدولة إنجلترا، وتعتبر الملاعب من أهم الفضاءات التي يفرغ فيها الإنسان جل الضغوط التي يتلقاه خلال الأسبوع وهذه هي ماهيتها الأصلية، بالإضافة إلى أهداف أخرى والمتمثلة في نشر قيم التسامح والتأخي والمحبة والود، لكن أن تنتقل من كونها لعبة ترفـــه عن الناس و توحد اللغات و الثقافات رغم كل الاختلاف إلى لغم موقوت ينفجر في أي لحظة مفرقا توحد الأمم و الأوطان رافعة شعار القبلية و التعصب، تحت مجموعة من المسميات التي تجسد مبدأ الولاء لشعار واحد داخل نفس الوطن، بل الأكثر من هذا داخل النادي الواحد، فهل زاغت هذه المستديرة عن سكتها التي أنجزت من أجلها؟
توالت النكسات و الآفات و الحروب في دولة اسمها كرة القدم، فكم خلفت لنا من موتى و جرحى و معطوبين، و كم من اليتامى و كم من رجال الشرطة موتى أو مصابين وكم من الدموع نزلت على خدود الأمهات ليس لشيء فقط لطيش من أفراد يصنفون أنفسهم محبين لكرة القدم بل انتقلوا إلى مهووسين بهذه القطعة من الجلد المملوء بما يقارب ب450 غرام من الهواء، بل الأكثر من هذا فقط شهدنا بفضلها حروبا بين دول لها نفــس الماضي و الحاضر و الدين و التوجه، لا لشيء فقط من أجل 90 دقيقة من اللعب هدفها في الأساس هو المتعة و التعارف و إزالة الحدود الجغرافية و لنا من الأمثل في ماضينا القريب ما يملأ به الكتب و لا ينتهي فكلنا يتذكر حادثة أم درمان السودانية و كيف لمباراة بين شقيقين -أحدها مصري و الأخر جزائري- كيف خلقت أزمة دبلوماسية و إعلامية بين الشقيقتين فأصبحنا ننتقل من المتعة إلى نشوب حرب إعلامية ودبلوماسية كادت تتحول إلى حرب عسكرية بين الطرفين، دون نسيان ما خلفته من دمار سواء في البنيات التحتية أو حتى من حيث الخسائر البشرية، أما بخصوص ما حصدته هذه القنبلة المتفجر في وطننا الحبيب فحدث و لا حرج انطلاقا مما لُقبَ بالخميس الأسود بين نادي الجيش الملكي و الرجاء البيضاوي، أو حتى ما وقع بين جمهور ذات الفريق فرغم تشجيعهم لنفس الفريق فولائهم كان لشعار الفصيل، و بالتالي قبل أن أتم لابد من طرح سؤال هل ولاء هؤلاء -إن كان هناك ولاء- هل هو للنادي أم للفصيل التشجيعي؟ و ما جعلني أطرح هذا السؤال هو مجموعة من الأحداث التي توالت و التي سأذكر منها فقط مثالين الأول المواجهة التي وقعت بين جماهير الوداد البيضاوي بمدينة الدار البيضاء و الأمن، و الأخيرة بين الأمن و جماهير الرجاء البيضاوي بمدينة مراكش، شخصيا لا أفهم منطق الألتراس و قيمة الشعارات المرفوع أو ما يصطلح عليه “الباش”، لكن من خلال ما رأيت من استجوابات المهتمين فهمت أن المشكل بين الأمن و الجماهير هو “الباش” و بالتالي ما لاحظناه أن أهمية هذه الأخير تعدت محبة الفريق أو النادي، إذن فالسؤال المطروح و بشدة ألم تُخلق الالتراس من أجل النادي ودعمه؟ فلماذا تعدت أهميتها أهمية النادي بحد ذاته؟
إننا ولحدود اللحظة لا زلنا لم نجد مقاربة أمنية أو توعية من أجل الحد من ظاهرة الشغب داخل الملاعب وخارجها، بالإضافة إلى التغاضي الأندية عن دورها في تأطير و توعية محبيها بحيث تصرف الملايين بُغيت استقطاب لاعبين جيدين، و بالموازات فهم لا يصرفون و لا سنتيم من أجل المساند الرسمي لهم و الداعم الأساسي، بل يكتفون بدور المشاهد في حين أنهم المعني رقم واحد في الأمر، بالإضافة إلى اللامبالاة أتجاه الأبناء من طرف الأسر و تفادي الكيل بمكيالين من طرف السلطات أحيانا بتطبيق القانون بحذافيره و أحيانا بغض الطرف عنها و هذا ما يأزم الوضع و يجعل أحد الأطراف دوما ما يشكك في استهدافه من طرف جهة معينة.
الكاتب : عبد الاله رشقي
عن موقع : فاس نيوز ميديا