تجري الانتخابات الرئاسية الروسية، المقررة يوم الأحد المقبل، في جو تعرف فيه العلاقات السياسية والاقتصادية بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية الكثير من التوتر، الذي ما فتأ يزداد منذ فرض عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية، وانضمام شبه جزيرة القرم إلى هذا البلد في مارس سنة 2014.
وعلى الرغم من الآثار الايجابية للوضع الداخلي على شعبية الرئيس بوتين المرشح الأوفر للفوز ، فإن التوترات المتنامية منذ نهاية الحرب الباردة، بين روسيا والغرب، تلقي بظلال كثيفة على هذه الانتخابات.
ويقول الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن الولايات المتحدة الأميركية تسعى من خلال فرض عقوبات جديدة على موسكو إلى التأثير على سير الانتخابات الرئاسية في روسيا لسنة 2018 ، مشيرا إلى أن هذه العقوبات لن تصل إلى غايتها.
كما أن التصريحات والتصريحات المضادة خاصة بعد الأزمة التي نشبت مؤخرا بين روسيا والمملكة المتحدة والتي تتهم فيها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، روسيا بقتل الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية، وعميل الاستخبارات البريطاني السابق سيرغي سكريبال وابنته زادت من حدة التوتر القائم بين هذه البلدان وروسيا.
وعززت العقوبات البريطانية الأخيرة على روسيا المخاوف من حرب باردة جديدة مع موسكو وهي نقطة خلافية جديدة تنضاف لسلسلة من التوترات من قبيل الحرب في سورية والتدخل الروسي في الانتخابات الامريكية والنزاع في أوكرانيا.
وأعلنت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن روسيا ستضطر لاتخاذ تدابير مضادة إذا حاولت عدد من الدول التدخل في الانتخابات الرئاسية المقبلة ، وقالت”لدينا أيضا معلومات عن خطط لتدخل بعض الدول في الشؤون الداخلية لروسيا في سياق حملة الانتخابات الرئاسية”.
ويجسد الرئيس الحالي المنتهية ولايته ،الذي يشارف على ولاية رابعة شبه محسومة الأحد بعدما حكم روسيا لأكثر من 18 عاما، طموح “روسيا الاتحادية ” التي استعاد لها نفوذها ومكانتها.
فخلال عرضه أسلحة جديدة “لا تقهر”، حذر بوتين الغرب في خطابه الأخير أمام البرلمان في مطلع مارس قائلا “لم يكن أحد يريد التحدث إلينا، لم يكن أحد يريد الاستماع إلينا. استمعوا إلينا الآن!”.
ويترشح في هذه الانتخابات ثمانية مرشحين، ويشارك حوالي 109 مليون ناخب روسي في أكثر من 94 ألف مركز اقتراع داخل روسيا ، في حين سيدلي مليون و800 ألف ناخب بأصواتهم بالخارج في 369 مركز اقتراع .
وحسب المقتضيات القانونية يتعين على الفائز في هذه الاستحقاقات الحصول على أكثر من نصف أصوات الناخبين، وفي حالة تعذر ذلك فإن المرشحين الاثنين المتصدرين للنتائج، يتقدمان إلى الجولة الثانية، التي تنظم بعد ثلاثة أسابيع من إعلان النتائج.
وبحسب المراقبين، فإن الرئيس الحالي فلاديمير بوتين يعتبر الأوفر حظا في هذه الانتخابات التي يتقدم لها كمستقل ولرابع ولاية رئاسية ، حيث أن آخر استطلاع للرأي العام أظهر أن نحو 70 في المائة من الروس ينوون التصويت للرئيس الحالي خلال الانتخابات المقررة في 18 مارس الجاري.
من جانبه، أفاد استطلاع أجراه المركز الروسي لدراسة الرأي العام ،بأن كلا من المرشحين المنافسين ويتقدمهم بافل غرودينين عن الحزب الشيوعي حل في المركز الثاني بنسبة 7 في المائة من الأصوات، فيما احتل فلاديمير جيرينوفسكي، زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي المركز الثالث بنسبة تأييد بلغت 5 في المائة.
وحازت الإعلامية كسينيا سوبتشاك على نسبة 2 في المائة من نوايا التصويت، فيما حصل كل من زعيم حزب يابلوكو غريغوري يافلينسكي، وسيرغي بابورين على 1 في المائة فقط من الأصوات، وحاز المرشحان بوريس تيتوف وماكسيم سورايكين على أقل من 1 في المائة من الأصوات.
يذكر أن بوتين كان قد انتخب لأول مرة سنة 2000 بعد تسليمه السلطة من الرئيس أنذاك بوريس يلتسين، قبل ستة أشهر من انتهاء ولايته.
وعلى مر السنوات قضى بوتين أربع ولايات في منصب رئيس للوزراء، احتراما للدستور الذي يتيح ولايتين متتاليتين فقط للرئيس، ولكن بعد أن غادر ديمتري مدفيدف الرئاسة في 2012، مدد النواب الروس فترة الولاية الرئاسية من أربع سنوات إلى ستة، وهذا يعني أن بوتين يستطيع أن يظل في سدة الحكم حتى سنة 2024.