وذلك في حرص تام على ضمان الأمن والاستقرار وتخليق الحياة العامة وتوفير المناخ الملائم للنمو الاقتصادي والاجتماعي وتشجيع الاستثمار.
وأضاف في كلمة خلال افتتاح أشغال المؤتمر الدولي الأول حول العدالة المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حول موضوع “استقلال السلطة القضائية بين ضمان حقوق المتقاضين واحترام قواعد سير العدالة “، أن النيابة العامة ستحرص أيضا على حماية استقرار الأسرة وحماية الممتلكات ومواجهة الإجرام المنظم بتعاون مع المؤسسات والهيئات الوطنية والدولية.
وفي معرض حديثه عن استقلال السلطة القضائية ،قال السيد عبد النباوي، إنه “لا يمكن تحقيق هذا المبتغى من خلال الدساتير والقوانين وحدها ، بل إن استقلال السلطة القضائية هو فضلا عن ذلك ، ممارسة وأعراف وتراكمات، فلا يمكن الحديث عن الاستقلال الحقيقي للسلطة ما لم يؤمن القاضي قبل غيره باستقلاله وتجرده عن الأهواء والتأثيرات بمختلف أشكالها وألوانها”.
واستطرد قائلا ” كما أنه لا يمكن الحديث عن استقلالية السلطة القضائية ما لم يؤمن كل المتدخلين في حقل العدالة بحتمية هذه الاستقلالية ، وتظافر جهودهم جميعا لتحقيق هدف أسمى وأوحد، هو ضمان اشتغال الآلية القضائية بتجرد وحياد واستقلالية”.
كما أن استقلال القضاء ، يضيف المتحدث ، ليس مزية للقاضي تحصنه وتحول بينه وبين المساءلة والمحاسبة الدستورية ، ولكنها قاعدة قانونية وضعت لفائدة مبادئ العدل والإنصاف ولحماية القضاة من كل تأثير أو تهديد يمكن أن يحيد بقراراتهم وأحكامهم عن تطبيق تلك المبادئ والالتزام باحترام القانون وتطبيق المساطر بعدالة ونزاهة وحياد.
وشدد في هذا السياق ، على أن التطبيق الأمثل لمبدأ الفصل بين السلط يقتضي خلق آليات للتعاون والتكامل ضمانا لوحدة الدولة ودينامية وفعالية مؤسساتها، مشيرا إلى أن المسؤولية الجسيمة والأدوار الصعبة الملقاة على عاتق القضاة تستدعي اهتمام الجميع بالسلطة القضائية وتوفير الإطار القانوني والمؤسساتي لضمان استقلالها، وتسخير الوسائل والإمكانيات التي تمكنها من الاضطلاع بمهامها بنجاعة وفعالية وحياد وتجرد.
ولم يفته التذكير بأن الرهان الكبير على إنجاح التجربة المغربية في مجال العدالة “هو تمرين شاق وطويل يتطلب تطوير أدائنا في حقل العدالة” مع استحضار القيم المثلى للعدل وإحقاق الحق والمساواة أمام القانون، لكسب ثقة المواطن في القضاء وترسيخ حكم القانون وسموه في نفوس أفراد المجتمع.
ويعرف هذا المؤتمر ، المنظم من قبل رئاسة النيابة العامة على مدى ثلاثة أيام، مشاركة مجموعة من وزراء العدل ورؤساء مجالس عليا للقضاء ورؤساء نيابات عامة، إضافة إلى منظمات وهيئات حقوقية ومهنية وخبراء وأكاديميين من عدد من الدول.
وتميزت الجلسة الافتاحية لهذا المؤتمر، الذي يأتي في إطار الاحتفال بالذكرى الأولى لتنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمملكة المغربية وما تلى ذلك من إقرار لاستقلال النيابة العامة، بالرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للمشاركين والتي تلاها السيد عبد اللطيف المنوني، مستشار صاحب الجلالة.
ويكتسي موضوع المؤتمر أهمية بالغة وراهنية على صعيد مختلف الأنظمة القضائية التي تسعى إلى تعميق دورها في صون الحقوق والحريات وفي ترسيخ الأمن القضائي اللازم للدفع بعجلة التنمية وحماية المجتمع، كما يشكل فرصة سانحة للمشاركين على اختلاف أنظمتهم القضائية لتشخيص ما يعترهضم من تحديات وتقديم ما يرونه من إجابات شافية وحلول مبتكرة لمواجهتها على ضوء المبادئ الكونية التي يتقاسمونها.
ووضعت رئاسة النيابة العامة، بهذه المناسبة، مع مختلف الشركاء الساهرين على إنجاح هذا المؤتمر الأول من نوعه في المغرب، برنامجا مكثفا، ينكب على مناقشة محاور تهم تطور استقلال السلطة القضائية في عالم متغير، وحكامة الإدارة القضائية وتعزيز نجاعتها، وإنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة وتخليق منظومة العدالة.
وتشهد فضاءات المؤتمر، أيضا، مشاركة مسؤولين برئاسة النيابة العامة من أجل تقديم تجاربهم المميزة في تطوير عمل النيابة العامة وتفعيل دورها في حماية الحقوق والحريات وتعزيز الولوج إلى المؤسسة القضائية، ومن أجل عرض حصيلة عمل مؤسسة رئاسة النيابة العامة في صيغتها الجديدة بعد سنة على اعتماد نظام قضائي جديد بالمملكة واستقلال مؤسسة رئاسة النيابة العامة.
كما يشكل هذا المؤتمر مناسبة لاطلاع المسؤولين القضائيين برئاسة النيابة العامة على تجارب دولية وعلى الإشكاليات التي رافقت أوراش تنزيل استقلال السلطة القضائية بدول أخرى.