يعيش كويز ميلوكهل البالغ من العمر 27 عاما، والذي لم يتلق أي تكوين مناسب، على غرار ملايين الشباب السود في جنوب افريقيا في وضع اجتماعي هش يعكس داء بلد غير قادر على تحقيق أحلام غد أفضل منذ تحرر هذه الأمة الفتية من نير التمييز العنصري قبل أكثر من عقدين.
ويحكي كويز “لقد مضى وقت طويل وأنا في بحث عن عمل مستقر” مضيفا “من وقت لآخر ، أتمكن من الحصول على وظائف مؤقتة براتب لا يكفي لتلبية احتياجاتي الأساسية.”
ويعلم كويز يقينا أن ليس أمامه خيار آخر سوى المثابرة والتضحية أكثر خاصة وأن لديه عائلة كبيرة يتعين إعالتها .
“إن العثور على عمل أصبح صعبا أكثر فأكثر حتى بالنسبة للأشخاص الذين تلقوا تكوينا ، فمابالك بأمثالي الذين لم تتح لهم فرصة الذهاب إلى المدرسة”، يؤكد كويز بمرارة.
وتعكس تصريحات هذا الشاب الجنوب الافريقي الواقع القاسي والهشاشة التي يعاني منها غالبية الشباب المنحدرين من الغيتوهات، هذه الأحياء الكبيرة والفقيرة التي تقطنها غالبية من السكان السود منذ النهاية الرسمية للفصل العنصري في عام 1994.
وتشكل هذه البلدات أحزمة حقيقية للبؤس والفقر التي تحيط بأكبر المدن الرئيسية في بريتوريا وجوهانسبروغ، حيث يتواجه الفقر مع الثروة التي لا تقدر بثمن والتي تتركز في أيدي أقلية بيضاء وطبقة من الأثرياء الجدد الذين تمكنوا من شق طريقهم في عصر الحرية.
ويرى المحللون أن البيانات التي يتم نشرها بانتظام عن حالة سوق الشغل في جنوب أفريقيا ، تعكس في واقع الأمر ، ارتفاعا متواصلا للبطالة التي تحتاج وقت طويلا لاحتوائها.
ولم يعد السياسيون والمحللون السياسيون يخفون مخاوفهم ، محذرين من أن المشكلة تشكل حاليا “قنبلة موقوتة” تهدد بالانفجار في أي وقت.
وتذكر صور أعمال العنف، التي بثتها وسائل الإعلام هذا الأسبوع ، والتي تظهر شبابا في منطقة دوربان (جنوب شرق البلاد) ، يقومون بتدمير ناقلات تحمل بضائع موجهة إلى المتاجر الكبرى ، حجم هذه المشكلة.
وفي ردهم على تساؤلات وسائل الإعلام ، قال هؤلاء الشباب العاطلون إنهم عبروا عن غضبهم من عدم القدرة على إيجاد عمل.
ويرسم تحليل نشرته الصحف المحلية مؤخرا صورة قاتمة حول وضعية سوق الشغل. وحسب هذه الدراسة ، فإن معدل البطالة الوطني البالغ 27.7 في المائة من الساكنة النشيطة، يخفي واقعا أكثر مرارة.
وتقول الدراسة إن هذا المعدل يرتفع إلى أكثر من 60 في المئة بين الشباب في المناطق المحرومة حيث يعيش غالبية السود، مضيفة أن 39 في المئة من سكان جنوب إفريقيا عاطلون حاليا عن العمل.
ويقول ديريك يو ، أستاذ الاقتصاد في جامعة كاب الغربية ومؤلف الدراسة ، إن غالبية الشباب في بلد قوس قزح يجدون صعوبة متزايدة في ولوج سوق الشغل.
ووفقا للدراسة ، يبدو الوضع في جنوب أفريقيا أكثر إثارة للقلق مقارنة بالبلدان الأفريقية الأخرى ذات الدخل نفسه.
واستنادا إلى تقرير البنك الدولي ، تظهر الدراسة أن نسبة 27.7 في المائة التي أعلنتها الحكومة أعلى بكثير من نسبة 18 في المائة المسجلة في البلدان الأفريقية المتوسطة الدخل.
ويعتقد المحللون الاقتصاديون في مركز جوهانسبروغ المالي أن الحكومة التي يقودها المؤتمر الوطني الإفريقي منذ عام 1994 تواجه مهمة شاقة، ذلك أن المشكلة تفاقمت كثيرا مما
يتطلب بذل جهود طويلة النفس