مسرح كريستوبال كولون تحفة معمارية تكتسي قيمة رمزية في تاريخ كولومبيا الحديث

يعد مسرح كريستوبال كولون، مركز فن الغناء والرقص الواقع في قلب المدينة القديمة ببوغوتا، من بين المعالم التاريخية الأكثر رمزية بكولومبيا.

وقد بني مسرح كولون، كما يحلو للكولومبيين تسميته، بين 1885 و1895 في فترة اعتمدت فيها البلاد سياسة الانفتاح بهدف تشجيع الأوروبيين على الهجرة إلى أراضيها.

وبفضل تصميمه المعماري، يعتبر هذا الصرح دار أوبرا مرموقة بأمريكا اللاتينية إلى جانب مسارح سوليس دي مونتيفيديو (الأوروغواي) وسانتا آنا (المكسيك) والمسرح البلدي لسانتياغو (الشيلي) ومسرح كولون بالعاصمة الأرجنتينية بوينوس أيريس، فضلا عن كونه إحدى الوجهات السياحية الرئيسية بالعاصمة الكولومبية بحكم جمالية صرحه المعماري التقليدي المستوحى من فن العمارة الايطالي.

وتقع هذه التحفة المعمارية على مساحة 2400 متر مربع ، واستعمل الحجر في تشييد واجهتها التي تضم ثلاثة أجزاء.

وتم تدشين هذا المسرح، الذي يحمل اسم المستكشف الايطالي كريستوف كولومبي (1451-1506)، في 12 أكتوبر 1892 لتخليد الذكرى الأربعمائة لاكتشاف أمريكا اللاتينية.

وقد أشرف على بنائه المهندس المعماري بييترو كانتيني، الذي كان يعمل حينها على بناء مقر البرلمان الكولومبي.

وأقيم كريستوبال كولون على أنقاض مسرحي مالدونادو وكوليسي راميريز اللذين أمر الرئيس الكولومبي آنذاك، رفاييل نونيوز، بهدمهما، لإفساح المجال أمام المسرح الجديد حينئذ.

وعهد لأشغال تزيين وزخرفة هذا المسرح من الداخل والخارج للمهندس المعماري السويسري لوغي راميي والنحاتين سيزاري سينغيلونفي وفيليبو ماستيجاري وجيوفاني ميناريني.

وتلقى العمال ال163 الذين شاركوا في أشغال بناء هذه المعلمة التاريخية تكوينا متخصصا بمدرسة مهن البناء التي أحدثت خصيصا لهذه الغاية.

وتبلغ طاقة هذا المسرح، الذي أعلن معلما وطنيا بمرسوم رئاسي سنة 1975، 900 شخص، ويتشكل من ثلاثة قاعات واحدة منهن فسيحة.

ويثير هذا الصرح الثقافي، على الخصوص قبته التي زينت بتماثيل تجسد آلهة الإلهام اليونانية القديمة، إعجاب زائريه من الكولومبيين والأجانب.

ويتميز الطابق الثاني من المسرح بزخرفته المعمارية المثيرة للإعجاب بدورها، على الخصوص جدران البناء وأبوابه ونوافذه، فضلا عن اللوحات الكبيرة الحجم التي زين بها.

ويمكن لهذا الطابق المخصص لمجموعات الأوركسترا الصغيرة الحجم والأمسيات الموسيقية استقبال ما بين 150 و200 شخص.

وزينت قاعة فيكتور ماجارينو باستعمال زرابي تعود الى القرن ال 19 صممت وأنتجت في ايطاليا.

ويكتسي مسرح كولون، الذي يعتبر إحدى عجائب كولومبيا السبعة، قيمة رمزية في التاريخ الحديث للبلد الجنوب أمريكي حيث احتضن حفل توقيع الرئيس الكولومبي، خوان مانويل سانتوس، وقائد حركة “القوات المسلحة الثورية لكولومبيا” (فارك)، رودريغو لوندونو ، في 24 نونبر 2016، اتفاق السلام بين الحكومة والحركة الذي وضع حدا لنزاع مسلح استمر لنصف قرن.

وبعد مرور 125 عاما على بنائه، لم يفقد كريستوبال كولون بريقه وسحره، وما زال يستقطب سنويا آلاف الكولومبيين والأجانب الراغبين في اكتشاف خبايا هذه الجوهرة المعمارية.

عن جريدة: فاس نيوز ميديا