منذ دخول فصل الشتاء لهاته السنة، عرف المغرب تساقطات مهمة عمت أنحاء المملكة، وذلك بعد أن تبين عدم استقرار الضغط المرتفع الآصوري الديناميكي الذي يشكل المحور الأساسي للدورة الهوائية على المغرب والذي يتأثر بفعل الحركة الظاهرية للشمس، حيث يؤدي أحيان إلى نزوح هاته الضغوط المرتفعة نحو الجنوب أو امتداده جهة الغرب للمحيط الاطلنطي كما هو حاصل خلال هذا الأسبوع لتفسح المجال أمام المنخفضات الجوية القادمة من الشمال لكي تنشط على الشريط المتوسطي حيث يكون البرد شبه بارد وممطر. فتعاقب وتردد هاته الطقوس الجوية تنبئ في غالبيتها على حدوث سنة رطبة حيث تكون هذه الاضطرابات محملة بزخات مطرية تأخذ منحى الاعتدال في الشمال نحو الوسط وأحيانا تصاحب برياح قوية ورعدية في المرتفعات، مع نزول الثلوج في المرتفعات لا سيما الاطلس الكبير والمتوسط.
إذن خلال بداية فصل الربيع وبالخصوص ابتداء من الثلث الأخير من شهر مارس حيث تبدأ الأنظمة الجوية بالتغيُر، وتزايد الفترات الدافئة وتفاقم التقلبات الجوية المُفاجئة، دون أن يعني ذلك عدم استمرار المُنخفضات الجوية أو قدوم البرد لحوض البحر المتوسط خلال بعض الفترات.
وهذا ما استنتجناه منذ تاريخ 22 مارس 2018 حيث تميز بتركز الضغط المرتفع الآصوري شمال غرب البلاد ساهم في ظهور طقس جوي معتدل نتيجة حبس التيارات الوافدة من الشمال والغرب باستثناء بعض التساقطات المطرية يومي 24-25 مارس 2018 همت بعض مناطق الشمال والوسط وغرب حوض اللكوس، هذه التساقطات الآتية من الشمال حصلت نتيجة تراجع الكتل الهوائية المدارية الساخنة نحو العروض الدنيا والامتداد الذي يعرفه الضغط المرتفع الآصوري جهة غرب المحيط الأطلنطي، لينزح بعده هذا الضغط المرتفع الآصوري شرقا مشكلا فاصلا أمام هبوط الكتل الهوائية الباردة القادمة من الشمال مع ظهور بعض السحوب والغيوم المتفرقة والمحملة بزخات مطرية ضعيفة في بعض المناطق ليستمر الحال على هذا الوضع حتى الأسبوع الأول من شهر ابريل ليعرف يوم 6 ابريل 2018 نزوح كامل للضغط المرتفع الآصوري نحو الجنوب فاسحا المجال بانسلال اضطراب جوي من الشمال متجها نحو شمال المغرب بضغط يصل إلى 1005 هكتوباسكال هذه الخصوصية تتحدد بأشكال الدورة الهوائية التي تتم بمجال التربوسفير الأوسط والاعلى وهو ما يعرف بتيار الجث (Jet Stream) حيث يرسم منعطفات ومنعرجات يتغير شكله بتغير سرعة الرياح.
فخلال هذا الأسبوع ومع نزوح كلي للضغط المرتفع الآصوري جهة الجنوب وتكون ضغط مرتفع قاري شمال أوروبا تحديدا بالنرويج والسويد ساعد على هبوب تيار هوائي بارد (الضغط المنخفض الايسلندي)، حيث ستعرف من خلاله البلاد تساقطات مطرية قوية وثلجية وقد تنخفض درجة الحرارة الى ما دون الصفر يومي الثلاثاء والاربعاء كما هو مبين في الخريطة رقم 2. إذ ستعم هذه التساقطات الواجهة الشمالية الغربية والجهة الغربية للمحيط الأطلسي والسهول الشمالية والوسطى (اللوكوس وسايس) والمرتفعات حيث يتوقع تساقط ثلوج على علو يفوق 1600 متر بالأطلس المتوسط والكبير. واستنادا إلى المعطيات التي تم استخلاصها من الويب التالي: www.wetter3.de. فإن التساقطات ستستمر حتى يوم السبت 14 ابريل 2018 ومع نهاية الأسبوع سيتراجع الطقس إلى حالته العادية بفعل تفكك الضغط المرتفع الذي تكون في سواحل النرويج وفي المقابل تصاعد الهواء المداري البحري وتعتبر الدورة الهوائية في هذه الحالة طولية méridienne كما هو مبين في الخريطة رقم 5.
بطاقة الكاتب: الحسين مزوز
دكتور وباحث في علم المناخ والهيدرولوجية / خريج كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس – موسم 2014/2015 / مختبر الأبحاث والدراسات الجيوبيئية والتهيئة (LAGEA) بنفس الكلية.