أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، اليوم الخميس بالرياض، أن الدول العربية، التي اختارت الإلتزام بتنفيذ أجندة التنمية المستدامة 2030، مطالبة بالتعاطي بجدية مع التحديات الخطيرة التي تواجه جهودها التنموية في المستقبل، خاصة فيما يتعلق باستدامة مواردها الطبيعية.
وأشار أبو الغيط، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورتها ال 29 المقرر عقدها يوم الأحد المقبل بالسعودية، إلى أن 40 في المئة من سكان المنطقة العربية يعيشون في مناطق شح مائي، ومن المتوقع أن تؤدي التغييرات المناخية إلى خفض مواردها المائية بنسبة 20 في المئة إضافية بحلول عام 2030، مما بفرض تحديات خطيرة خاصة فيما يتعلق باتساع الفجوة الغذائية في العالم العربي، والتي سجلت ارتفاعا مزعجا من 18 مليار دولار عام 2005 إلى 34 مليار دولار عام 2014.
وأضاف أن قضايا المياه والطاقة والبيئة وإنتاج الغذاء، مترابطة ومتكاملة، وكلها تستلزم تخطيطا يخاطب المستقبل ويستشرف مخاطره التي ستنعكس بصورة مباشرة على نوعية حياة المواطن العربي ومستوى معيشته وأمنه الاقتصادي، مشيرا إلى أنه بالرغم ما تحقق على صعيد التكامل الاقتصادي العربي، إلا أن الانطلاقة الكبرى نحو تحقيق هذه التطلعات ما زالت تنتظر الإرادة السياسية من أجل تحويل الحلم إلى واقع.
وقال إن تطورا هاما سيتحقق هذا العام على صعيد تعزيز التكامل الاقتصادي العربي وهو اعتماد قواعد المنشأ التفصيلية للسلع العربية المتفق على تداولها في منطقة التجارة الحرة العربية، والتي تتجاوز 90 في المئة من إجمالي قواعد المنشأ للسلع العربية، مبرزا أن تذليل معضلة الاتفاق على قواعد المنشأ التي طالما مثلت عقبة كبيرة في طريق استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، سوف يمهد الطريق لاستكمال خطوات تفعيل التكامل الاقتصادي بإيقاع أسرع وتوافق أوسع.
وأكد أن الحاجة لتعزيز العمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، تشتد اليوم أكثر من أي وقت مضى، مشيرا إلى أن الأزمات الخطيرة المتوالية التي ضربت المنطقة العربية منذ 2011 لا تؤثر على دولة بعينها، وإنما تمتد تأثيراتها السلبية وتبعاتها الخطيرة متخطية الحدود، وتزيد من صعوبة الأوضاع الاقتصادية في عدد من الدول العربية.
وأضاف أن هذه الأوضاع الصعبة تدفع الجميع إلى الاستمساك بصورة أكبر بالمشروع الاقتصادي الأهم في المنطقة، ألا وهو مشروع التكامل الاقتصادي الذي آن أوان انتقاله إلى حيز الفعل والتنفيذ، مشيرا إلى الجهود التي بذلت خلال السنوات الماضية على صعيد استكمال الأركان القانونية والمؤسسية لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والاتحاد الجمركي العربي، وتحرير التجارة العربية في مجال الخدمات.
ولفت إلى أن الدول العربية مطلوب منها أن تخوض معركتين في آن واحد، وبنفس الدرجة من التصميم والعزم، معركة القضاء على الإرهاب واستئصال جذوره من التربة العربية، وأخرى تتعلق بالتنمية والتحديث على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
وأعرب عن أمله في أن تصب الجهود المرصودة من جانب عدد من الدول العربية في إقامة مشروعات اقتصادية كبرى، يكون من شأنها تعبيد الطريق أمام ولوجها إلى عصر الثورة الصناعية الرابعة، في سد الفجوة الخطيرة في مجال التوظيف، حيث بلغت البطالة في العالم العربي، خاصة بين الشباب، معدلات مرتفعة تصل إلى 30 في المئة من قوة العمل، معتبرا أن النمو المنشود هو ذلك الذي يأخذ بيد كافة شرائح المجتمع، ويسهم في تخفيف حدة الفقر، ويقود إلى زياة الانتاجية والاستثمار، ومن ثم توفير المزيد من فرص العمل.
وأشار إلى أن إعادة الإعمار تفرض نفسها على الأجندة العربية كمشروع رئيسي في هذه المرحلة الحاسمة، الأمر الذي سيحتاج لسنوات من العمل والجهد التنموي من أجل استعادة ما دمر وإعمار ما خرب، وهو ما يمثل أيضا فرصة كبيرة لمشروعات تكامل عربي تركز على هذا الجانب الذي يسهم في تعزيز الوضع الاقتصادي العربي في مجمله.
ويناقش المشاركون في هذا الاجتماع الملف الاقتصادي والاجتماعي الذي سيتم رفعه إلى القمة العربية ال 29 ليوم 15 أبريل الجاري، والذي يشمل عددا من الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية التي تمثل أولوية في أجندة الاهتمامات العربية.
ومن ضمن هذه المواضيع، مناقشة تقريرين للأمين العام للجامعة العربية حول العمل الاقتصادي والاجتماعي والتنموي العربي المشترك، ومتابعة تنفيذ قرارات القمة ال28 ، بالإضافة إلى تطورات الاتحاد الجمركي العربي ومسار العمل بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وكذا مناقشة الوثيقة العربية لحماية البيئة وتنميتها والاستراتيجية العربية للحد من مخاطر الكوارث 2030، والأعباء الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على استضافة اللاجئين السوريين وآثارها على الدول العربية المستضيفة.
ويمثل المغرب في هذا الاجتماع سفير صاحب الجلالة في القاهرة، المندوب الدائم للمملكة لدى جامعة الدول العربية، السيد أحمد التازي.