يعد مسرح محمد السادس بوجدة منارة ثقافية وفنية متفردة. كما يشكل فضاء ذا بعد سوسيو- ثقافي بامتياز، يتيح لعشاق الفن بجهة الشرق، لاسيما الشباب صقل مواهبهم الفنية وتنمية طاقاتهم الإبداعية.
وقد ساهم هذا الصرح الفني والثقافي، الذي دشنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2014، في الدفع بالحركية الفنية والمسرحية والثقافية بالجهة، وتكريس إشعاعها الفني، خاصة من خلال احتضان العديد من المهرجانات والملتقيات الثقافية والفنية الجهوية والوطنية والدولية، التي استقطبت مبدعين وفنانين كبار.
وقال الحسين بوحسين، خريج المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذا المسرح، الذي يتوفر على مواصفات تضاهي المسارح الكبرى الدولية، يمثل مكسبا كبيرا للمنطقة الشرقية بشكل عام، ولمدينة وجدة بشكل خاص.
وأشار السيد بوحسين، الحاصل على ماستر متخصص في المسرح، إلى أن هذا الفضاء يستقبل مختلف أنواع الفنون، من قبيل العروض المسرحية والموسيقية والمهرجانات بمختلف أنواعها، بما فيها المهرجانات السينمائية.
وسجل الفنان المغربي، الذي يشتغل إطارا بمسرح محمد السادس، أن المسرح يشهد دينامية هامة، بحكم أنه يعرف إقامة عروض وأنشطة يومية تقريبا، مشيرا إلى أن الوتيرة ستكون أسرع هذه السنة بحكم اختيار وجدة عاصمة للثقافة العربية ل 2018.
ومن بين الأنشطة الموازية التي يعرفها هذا الفضاء، ورشة للمسرح يشرف عليها الفنان بوحسين، ويستفيد منها هواة من مختلف مدن جهة الشرق.
وفي هذا الصدد، لفت المتحدث إلى أن هذه الورشة لا تستهدف الراغبين في التكوين في مجال التمثيل فقط، ولكنها تنفتح أيضا على الراغبين في تملك تقنيات الإلقاء والحديث أمام الآخرين ومهارات الثقة بالنفس والاندماج بشكل أفضل في المجتمع.
من جانبه، قال لخضر لوكيلي، المدير الفني لفرقة كوميدراما بوجدة، في تصريح مماثل، إن فضاء مسرح محمد السادس يمثل إضافة نوعية بالنسبة للفرق المسرحية الممارسة بالمدينة، بالنظر إلى طاقته الاستيعابية الكبيرة التي تعادل 1200 مقعد “وهو ما لم يكن متاحا في ما مضى”.
وعلى الصعيد التقني، يضيف السيد لوكيلي، يتيح فضاء المسرح إمكانيات متطورة للغاية في ما يتعلق بالصوت والإضاءة، فضلا عن قاعات تغيير الديكور والكواليس ومعطيات تقنية أخرى تساعد على إنجاح العروض المسرحية.
وتندرج هذه المعلمة الثقافية، الذي تم إنجازها وفق معايير ومواصفات عالية، في إطار الإستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع المسرحي وتكريس دور البنى الثقافية في تحقيق التنمية.
وينسجم هذا المشروع تمام الانسجام مع أهداف المبادرة الملكية لتنمية الجهة الشرقية، التي تتوخى تمكين الجهة من التجهيزات الأساسية الضرورية لجعل مدينة وجدة العريقة تضطلع بدورها الريادي كعاصمة لجهة الشرق.
ويكمن الهدف من إنجاز هذا الصرح الثقافي، بالخصوص، في تحسين ولوج الساكنة المحلية لبنيات التنشيط الثقافي والفني، وكل ما يتعلق بذلك من تنمية القدرات الفكرية والطاقات الإبداعية.
كما يروم تقريب الثقافة من المواطن، والارتقاء بالوعي لدى الساكنة بمكانة الفن والمسرح في تثمين الذوق الفني وصقل المواهب الشابة، باعتبار المسرح ليس مجرد فضاء للفرجة والترفيه، وإنما أداة فعالة لبناء الشخصية المتزنة والقويمة ووسيلة فعالة للتثقيف والتهذيب الاجتماعي.
وقد تم إنجاز مسرح محمد السادس بوجدة على مساحة إجمالية قدرها 6500 متر مربع، من بينها 4900 متر مربع مغطاة، وباستثمار إجمالي قدره 80 مليون درهم، في إطار برنامج التأهيل الحضري للمدينة (الشق المتعلق بتعزيز البنيات الثقافية والرياضية).
ويشتمل المسرح على قاعة للعروض وقاعات للكواليس وقاعات للفنانين وثمان ورشات وفضاء لضيوف الشرف، وجميع المرافق المطلوبة في هذا النوع من المنشآت.
ويحتضن مسرح محمد السادس جزء هاما من الأنشطة المندرجة ضمن البرنامج العام لاحتفالية وجدة عاصمة للثقافة العربية خلال الفترة الممتدة من 13 أبريل 2018 إلى غاية 29 مارس 2019.
ويشمل برنامج هذه الاحتفالية تظاهرات ثقافية وفنية كبرى ذات بعد وطني وعربي ودولي، ومهرجانات وندوات فكرية، وتكريم شخصيات ثقافية، بمشاركة حوالي 1200 مثقف وفنان.