جرى أمس الأربعاء بهلسنكي الإعلان عن تأسيس مجموعة سفراء الدول الافريقية المعتمدين في فنلندا ، وذلك خلال حفل عرف حضور عدد من المسؤولين الفنلنديين ، من ضمنهم رئيسة البرلمان ، باولا ريسيكو.
وقال سفير المغرب في هلسنكي ، محمد أرياض ، في كلمة ألقاها نيابة عن رؤساء البعثات الدبلوماسية لبلدان القارة الافريقية المعتمدين في فنلندا ، “لقد كنا نعمل جميعا منذ فترة طويلة لإحداث إطار مؤسسي لتنسيق أنشطة السفراء الأفارقة في فنلندا”.
وأوضح أرياض ، وهو عميد السفراء الأفارقة في فنلندا ، أنه “حان الوقت لوضع هذا الإطار الذي نأمل في أن يشكل أيضا آلية للتشاور المنتظم مع أصدقائنا الفنلنديين بغية تشجيع سبل تعزيز العلاقات بين فنلندا وافريقيا”.
وأضاف أن هذا الحدث يتزامن مع الاحتفال بالذكرى الخامسة والخمسين ليوم افريقيا ، الذي أعلنت عنه منظمة الوحدة الافريقية (الاتحاد الافريقي حاليا) يوم 25 ماي 1963 في أديس أبابا.
وأشار الدبلوماسي المغربي إلى أنه “لم يتوقف الأفارقة منذ ذلك الحين عن الحلم بافريقيا موحدة مستقرة ومزدهرة” ، معتبرا أن الاحتفال بهذا اليوم يشكل “لحظة للتفكير والتقييم وتحليل الحقائق الحالية لقارتنا ، وكذا دراسة آفاق المستقبل”.
وأكد أرياض ، في هذا الصدد ، أن قمة الاتحاد الافريقي ، التي انعقدت في يناير الماضي جعلت 2018 سنة افريقيا لمكافحة الفساد ، مضيفا أن القارة سلكت ، خلال العقود الأخيرة ، مسار التغيير العميق بشكل لا رجعة فيه.
وقال “لقد أصبحت الدول الافريقية أكثر تعلقا بتعميق الديمقراطية والسلم والاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. ويتمتع الملايين من الرجال والنساء الأفارقة بمزيد من الحرية وفرص اقتصادية وأمنية أكبر مقارنة بما سبق” ، مؤكدا أن “افريقيا اكتسبت مزيدا من الوضوح على الساحة الدولية من خلال هذه الانجازات”.
وأضاف “ندرك تماما أن افريقيا لا تزال تواجه العديد من التحديات ، من حيث القضاء على الفقر وعدم المساواة الاجتماعية ، وتحسين التعليم ، وتدبير الهجرة ، ومكافحة التغيرات المناخية ، وهي من بين القضايا التي ينبغي إيجاد حل لها”.
وقال الدبلوماسي المغربي إن افريقيا تبذل جهودا كبيرة لمواجهة هذه التحديات من خلال المبادرات المحلية القائمة على روح التضامن والتعاون جنوب-جنوب ، مضيفا أن هناك مشاكل عالمية ذات تأثيرات أوسع تتطلب إيجاد أجوبة جماعية من قبل جميع شركاء القارة ، وخاصة الدول الأوروبية المجاورة.
وأكد أرياض ، في هذا الصدد ، على “ضرورة التضامن الذي يسترشد بمفاهيم جديدة تستند على مبدأ الاحترام المتبادل ومقاربة رابح-رابح” ، مشيرا إلى أنه “مطلوب من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي العمل معا أكثر من أي وقت مضى” “باعتبارهما تكتلين إقليميين قويين ومتضامنين ، وذلك في إطار شراكة أفقية حقيقية”.
ودعا فنلندا إلى الاضطلاع بدور مركزي في الاتحاد الأوروبي من أجل تعزيز العلاقات بين القارتين.
ويرى الدبلوماسي المغربي أن الاهتمام الذي توليه فنلندا لافريقيا يتجلى إلى حد كبير في العديد من الزيارات رفيعة المستوى والمشاركة الفعالة في مختلف المنتديات والتجمعات في القارة.
وقال “لقد حان الوقت لقطاع الأعمال في فنلندا أن يلعب دورا أكثر نشاطا في تعزيز العلاقات الفنلندية الافريقية” ، معتبرا أن الأفارقة يظلون “منفتحين على جميع المبادرات وأنواع التعاون التجاري والتقني والعلمي والثقافي التي تمكننا من تحويل الامكانيات الهائلة في افريقيا إلى ثروة حقيقية تعود بالنفع على الجميع”.
من جهتها ، أكدت رئيسة البرلمان الفنلندي أنه من الضروري تعزيز التعاون والشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، خاصة أن القارتين تواجهان تحديات كبيرة تهم ، على الخصوص ، التغيرات المناخية وقضية الهجرة.
وأشادت ريسيكو ، بالمناسبة ، بالعلاقات الممتازة التي تربط بين فنلندا والبلدان الست الأعضاء في المجموعة (المغرب ، ومصر ، وتونس ، والجزائر ، وجنوب افريقيا وناميبيا).
وقالت “لقد عرف التعاون مع دول القارة تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة” ، مضيفة أن افريقيا أصبحت قوة اقتصادية صاعدة.
واعتبرت رئيسة البرلمان الفنلندي أنه “توجد إمكانيات كبيرة من أجل إقامة شراكة اقتصادية وتجارية وثيقة بين فنلندا وبلدان القارة الافريقية”.
كما أعربت عن الأمل في أن تعطي هذه المجموعة الجديدة دفعة قوية للجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات بين بلدان الشمال الأوروبي وافريقيا.
وتميز هذا الحفل بحضور عدد كبير من السياسيين الفنلنديين ، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في فنلندا ، وشخصيات أكاديمية وثقافية ، وكذا ممثلين عن الجاليات الافريقية المقيمة في فنلندا.