أبرزت ندوة دولية نظمها، اليوم الاثنين بالرباط، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أهمية إرساء حوار اجتماعي متجدد من أجل رفع تحديات سوق الشغل.
وقال رئيس المجلس السيد نزار بركة في افتتاح الندوة التي نظمت تحت عنوان: “من أجل تجديد الحوار الاجتماعي: أي دور للمجالس الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات المماثلة لها” إن هناك اليوم تحديات جديدة ومطردة، حيث يشهد عالم الشغل تغي رات بنيوية وعميقة في ظل انعكاسات التحو لات الديمغرافية وتداعيات العولمة والثورة التكنولوجية والتغيرات المناخية؛ مما يفرض العمل على بلورة واعتماد تدبير متجدد للحوار الاجتماعي.
وأبرز السيد بركة أن الثورة التكنولوجية وتأثيرها على العديد من القطاعات ، ومنها التشغيل، يفرض تجديدا متواصلا لإطار وميكانيزمات الحوار الاجتماعي.
وأوضح أن التغيرات الديموغرافية والاجتماعية المرتبطة بالعولمة والثورة التكنولوجية “تضع النماذج الاقتصادية الحالية أمام أشكال ومحتويات جديدة للعمل، وأنماط مستجدة من العلاقات بين أرباب العمل والشغيلة، وهو الأمر الذي أفرز كذلك إشكاليات جديدة في سوق الشغل” مشددا على أن هذه التطورات تقتضي “العمل على بلورة واعتماد تدبير متجدد للحوار الاجتماعي، مع الحفاظ على الأولويات الأساسية المتعلقة بتعزيز العمل اللائق، وتعميم أرضية الحماية الاجتماعية، وإذكاء روح المسؤولية البيئية لدى المقاولات والدول”.
وذكر بأن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للمملكة المغربية، ما فتئ يوصي في عدد من تقاريره وآرائه، لا سيما في إطار الميثاق الاجتماعي الجديد الذي أعده سنة 2011، بتدابير تروم التطوير المستمر لمضمون الحوار الاجتماعي.
ومن جانبه، سجل السيد محمد يتيم وزير الشغل والإدماج المهني أن موضوع الحوار الاجتماعي قد أصبح يشغل بال مختلف السلطات والمؤسسات والهيئات الدستورية والمنظمات المدنية، ويحظى بأهمية بالغة ليس فقط لكونه آلية إرادية لمعالجة مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، بل لكونه أضحى يجسد مستوى متقدما للديمقراطية التشاركية النشيطة والفعالة التي تشرك مختلف مكونات المجتمع في بلورة السياسات العمومية و تتبع تنفيذها وتقييمها.
وأكد السيد يتيم أن حوارا اجتماعيا متجددا يشكل “آلية لتثمين الرأسمال البشري، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية وتحقيق الاندماج والتماسك المجتمعي، ووسيلة لا محيد عنها للمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولتكريس مفهوم المسؤولية المجتمعية للمقاولة عبر النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، كما هي متعارف عليها في المواثيق والإعلانات والالتزامات الدولية” .
وذكر الوزير بأن المغرب سعى منذ الاستقلال إلى إرساء قيم الديمقراطية وتثبيت دعائم دولة الحق والقانون وتكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وتطوير المؤشرات المرتبطة بها، كما عملت على تكريس مبدأ الثلاثية ومأسسة مستوياته من أجل التشاور والحوار في تدبير مختلف قضايا المجتمع، الشيء الذي ساهم، في الاستقرار الاجتماعي وتحسين مناخ الأعمال وتقوية تنافسية وجاذبية الاقتصاد الوطني.
ومن جهتها، أشارت مسؤولة وحدة البرامج الإقليمية للجوار الجنوبي في المفوضية الأوروبية، إيرين مينغاسون، إلى أن الحوار الاجتماعي الذي يجري على صعيد وطني له أيضا بعد إقليمي، بالنظر الى التحديات التي يواجهها المشغلون والعمال في القرن ال 21.
وأضافت أن ضرورة النهوض بالحوار الاجتماعي تنبع من طبيعة قطاع الشغل الذي هو ذو طبيعة متحولة وبالنظر الى مختلف التغيرات التكنولوجية وتقليص عدد المصانع التي تمركز آلاف مناصب الشغل في نفس المكان وكذا توسع المقاولات الصغرى والمتوسطة.
وشددت المسؤولة الأوروبية على أن المقاولات التي يوجد بها حوار اجتماعي سليم هي أكثر استعدادا للتقدم والصمود في وجه الصعوبات.
وتروم الندوة منظمة في إطار لقاء دراسي إقليمي بشراكة مع الاتحاد الأوروبي و برنامج “النهوض بالحوار الاجتماعي بجنوب المتوسط”، بحث آفاق لتشجيع وتجديد الحوار الاجتماعي وتبادل الخبرات والممارسات المثلى بخصوص تحولات سوق الشغل، وكذا أشكال إدماج هذه التغيرات في تنظيم الشغل. ويناقش المشاركون في الندوة ثلاثة محاور رئيسية تهم “تجديد الحوار الاجتماعي : سبل إدماج التحولات في تنظيم العمل من أجل رفع تحديات توفير العمل اللائق والمستدام”، و”الأشكال الجديدة للعمل، ظروف العمل وتحولات سوق الشغل”، و”الوساطة والمنطلقات الأساسية الجديدة للحوار الاجتماعي”.