شرعت اليونان ابتداء من اليوم الإثنين في تخفيف تدابير مراقبة السيولة والأرصدة البنكية ،من خلال السماح بالكثير من المرونة في السحب والتحويل ،وذلك تزامنا مع قرب خروج البلاد من برامج الإنقاذ المالي الأوربية وعودة اقتصادها تدريجيا الى وضعه الطبيعي.
وفي يونيو 2015 وفي خضم الأزمة الاقتصادية اليونانية أغلقت السلطات المصارف لأسبوع، وحظرت على جميع أصحاب الحسابات البنكية الحصول نقدا على مبالغ مالية من حساباتهم تتجاوز 60 أورو يوميا .
كان ذلك القرار صعبا لبلد على حافة الإفلاس وأوشك على الخروج من منطقة الأورو، لكنه ضروري للحيلولة دون انهيار النظام البنكي من كثرة عمليات السحب ،والتي جعلت البنوك تفقد أزيد من 40 مليار أورو من السيولة في ظرف عامين بسبب الضبابية العامة التي كان البلد يعيشها.
ومنذ ذلك التاريخ أدخلت عمليات تخفيف بسيطة على العملية بحيث سمح لاحقا بسحب بلغ أسبوعي من 420 أورو دفعة واحدة، ثم بعدها سحب مبلغ 2300 أورو شهريا على أقساط أو دفعة واحدة.
وبموجب التدابير الجديدة ،التي تدخل اليوم حيز التنفيذ بعد نشرها في الجريدة الرسمية للبلاد ،ينتقل المبلغ المسموح بسحبه نقدا من الحساب البنكي ل 5000 أورو شهريا بدل 2300 أورو.
وفي ما يتعلق بالمعاملات التجارية أصبح مسموحا للشركات تحويل مبلغ 40 الف أورو شهريا للخارج بدل 20 ألف سابقا.
كما أصبح مسموحا للأفراد المتوجهين للخارج بأن يحملوا معهم في كل رحلة مبلغ 3000 أورو بدل 2300 . وابتداء من الأول من يوليوز المقبل سيسمح للأفراد بتحويل مبالغ من 4000 أورو كل شهرين للخارج.
ويؤشر هذا التطور بالعودة التدريجية للثقة إلى النظام المصرفي في البلاد، وهي إشارة نفسية هامة، وقوة دفع هامة للاقتصاد تزيل جو الضبابية والانتظارية الكبير ،الذي ساد خلال السنوات الأخيرة ،وتحفز المستثمرين وعموم المدخرين باستعادة الثقة وعودة الأمور لطبيعتها.
كما أن هذا القرار اتخذ بعد تسجيل العودة التدريجية للسيولة المتواجدة في البلاد خارج النظام البنكي، فوفق إحصائيات البنك المركزي اليوناني ارتفعت ودائع البنوك ب 870 مليون أورو في أبريل الماضي فيما ازدادت في مارس ب 1ر1 مليار أورو.
وتستعد اليونان في 20 غشت المقبل للخروج من برامج الإنقاذ الأوربية. فبحلول ذلك التاريخ ينتهي البرنامج الثالث للقروض الموقع بين أثينا ومجموعة الأورو ،والذي حصلت بموجبه على حزمة قروض من 86 مليار أورو. ويوشر ذلك لقرب عودتها بكل حرية للأسواق الدولية لتلبية حاجياتها التمويلية بدون وصاية من المانحين باستثناء عمليات التتبع البعدية التي ستبقى قائمة ربما لسنوات قادمة.
وكان هذا البرنامج هو الثالث، حيث حصلت أثينا في 2010 و2012 على برنامجي تمويل بقيمة 240 مليار أورو من قبل صندوق النقد الدولي ومجموعة الأورو والآلية الأوربية للاستقرار المالي (صندوق النقد الأوربي).
وتبلغ ديون اليونان حاليا 320 مليار أورو أو 179 في المائة من الناتج الداخلي الخام. تؤدي سنويا عنها خدمات دين من قرابة 20 مليار أورو.
وتأمل اليونان في أن يفتح المانحون بعد نهاية البرنامج الحالي ملف ديونها الثقيلة على أمل التخفيف منها، غير أن هذا المطلب ما يزال يصطدم برفض المانحين وخصوصا ألمانيا ودول شمال أوربا الغنية ،التي تربط أي حديث عن الموضوع بتسجيل تقدم على المدى المتوسط في ملف الإصلاحات المالية والاقتصادية اليونانية.
كما أن الأزمة السياسية الإيطالية الأخيرة مع صعود الأحزاب الشعبوية المناوئة للاتحاد الأوربي ولمنطقة الأورو الى الحكم تؤثر سلبا على الملف اليوناني ،فأي تساهل سيمثل سابقة تحفز دولا مثل إيطاليا وإسبانيا على مطالبة نظرائها الأوربيين بالتخفيف من ديونها أو شطب جزء منها.