تجدر الاشارة أولا الى أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قرر مؤخرا بتاريخ 14 ماي 2018، تعيين الأستاذ نجيم الشاوني نائبا لوكيل الملك لذى المحكمة الابتدائية بالرباط مع استمرار إلحاقه بسفارة المملكة المغربية بلاهاي، ويعتبر القاضي الشاوني من القضاة الشباب المتميزين على الصعيد الوطني، حيث بمجرد تخرجه من المعهد العالي للقضاء بالرباط أواخر سنة 2011 عمل قاضيا بالمحكمة الابتدائية بتازة، فعمل كقاضي للتحقيق، وقاضي الأحداث، وترأس هيئة القضاء الجنحي، سواء قضايا الجنحي التلبسي أو الجنحي العادي، ومارس القضاء الاجتماعي، والجنحي سير استئنافي، والقضاء العقاري، والقضاء الأسري، وترأس هيئة الحكم للبث في القضايا الادارية المتعلقة بالطعون في القرارات الادارية للجنة المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية، كما ترأس اللجنة المحلية للمنازعات الضريبية، وكان ينوب عن السيد رئيس المحكمة في القضايا المختلفة.
وبعد سنتين ونصف من العمل بهذه المحكمة تمت المناداة عليه أواسط سنة 2014 للعمل كقاضي ملحق بالبعثة الدبلوماسية للمملكة المغربية بلاهاي، فالتحق بذلك سنة 2015، حيث يعمل حاليا قاضي ملحق بسفارة المملكة المغربية بلاهاي كمستشار قانوني، ويدخل في اختصاصه كل من سفارات المملكة المغربية بهولندا, والدنمارك, والنرويج – اسلندا، وفنلندا، والسويد، والقنصليات العامة للمملكة المغربية بكل من أمستردام، ودين بوش، وروطيردام، وأوتريخت، إضافة الى تمثيل بلاده في العديد من اللقاءات والمؤتمرات سواء منها الوطنية أو الدولية، ويعتبر هذا أصغر قاضي يلتحق للعمل بالسلك الدبلوماسي في تاريخ المغرب، حيث لم يكن يتجاوز سنه 30 سنة في بداية الالحاق.
ومنذ التحاقه بعمله بهولندا أحدث الأستاذ الشاوني تغييرا جذريا في منهجية العمل غير مألوفة لذى من سبقوه للعمل هناك، وهو ما استشعره وارتاح اليه كل أفراد الجالية المغربية، فمكتبه دائما مفتوح للجميع بدون استثناء ولا مواعيد محددة، رغم أن كل شيء في مجموع تراب هولندا يتم بناء على مواعيد تحدد مسبقا قد تطول مدتها أو تقصر حسب الحالات من أجل قضاء غرض اداري أو قضائي معين، إلا أن الأستاذ الشاوني كسر هاته القاعدة، كما أن رقمه الهاتفي تجده عند كل فرد من أفراد الجالية المغربية المقيمة بهاته الدول، حيث يرد على كل المكالمات التي ترد عليه في إبانه، وفي حالة ما اذا كان في اجتماع أو عمل أكثر أهمية يعيد هو الاتصال بالمتصل ويعتذر له بأدب ثم يسأله في ماذا يمكن مساعدته حيث يقوم بمساعدة الجميع بالرشد، والنصح، وقضاء أغراضهم وفقا للقانون وبكل تجرد وحياد، وهذا بشهادة كل من اتصل به أو تعامل معه بشكل مباشر، بما في ذلك جمعيات المجتمع المدني النشيطة في الميدان، وما يلاحظ عليه هو كونه دائم التنقل بين مختلف المراكز القنصلية التابعة اليه لمتابعة العمل عن كثب، بكل تفاني في العمل ونكران للذات، ويقوم بتلبية كل الدعوات والمناسبات التي ينظمها أفراد الجالية المغربية بالخارج سواء
منها الدينية أو الوطنية أو الفولكلورية الاستعراضية، فيتعامل مع الجميع كأخ وصديق، وبدون تكلف برتوكولي، وهو ما جعله محبوبا بين صفوف هذه الجالية، ولهذا السبب أيضا
يأتي عنده بعض أفراد الجالية المغربية من بعض الدول الأوربية الأخرى القريبة من هولندا، مثل بلجيكا وألمانيا ملتمسين منه طلب يد المساعدة لهم فيما يعترضهم من مشاكل قانونية، خاصة وأن الجالية المغربية تعاني من عدة مشاكل مستعصية، سواء تلك التي لها ارتباط بالأسرة مثل قضايا الطلاق، وإشكالية النسب، والنفقة، حيث أن العديد من الرجال يخافون من الاعتقال عند زيارتهم للمغرب، لكون أن زوجاتهم رفعت بهم دعاوى النفقة أمام المحاكم المغربية بالرغم من أن الطلاق قد تم أمام المحاكم الهولندية، وأن الأبناء توفر لهم السلطات الهولندية تعويضات وإعانات شهرية، والزوج المطلق في غالب الأحيان يستفيد فقط من الاعانات الهولندية لكونه عاطل عن العمل، لكنه عندما يتواجد بالمغرب يفاجأ بالمبالغ الضخمة التي تراكمت عليه لسنوات نتيجة لحكم يتعلق بالنفقة، اضافة الى هذا هناك مشكل الزواج المختلط وما ينتج عنه من اشكاليات وظواهر مستعصية، خاصة وان دول أوربا الغربية تعتبر ملجأ لطالبي اللجوء سواء السياسي أو الاقتصادي، وعند ارتباط أفراد الجالية المغربية عن طريق عقد الزواج بالأجانب، بما فيهم اللاجئين أو بالأشخاص الموجودين بطريقة غير شرعية على تراب بلد الإقامة، في غالب الأحيان يعانون من عدة مشاكل، خصوصا على مستوى انجاز ملف الزواج، لكون أن الأشخاص اللاجئين أو الأشخاص الموجودين بطريقة غير شرعية، والذين يريدون الارتباط بزواج مع طرف مغربي، يصعب عليهم احضار بعد الأوراق من بلدهم الأصلي، كعقد الازدياد مثلا وباقي الوثائق الأخرى، وذلك إما خوفا على أنفسهم لكون بلدانهم في حالة حرب، أو خوفا من اعتقالهم من طرف سلطات بلدانهم، اضافة الى ذلك أن العديد من أفراد الجالية لهم مشاكل في قضايا العقار في بلدهم الأم لها علاقة اما بنزاعات حول الإرث، أو الاستيلاء على عقاراتهم عن طريق التزوير والنصب، من طرف بعض المجرمين، خاصة وأنهم يعيشون بعيدون عن بلدهم، وبالتالي يصعب عليهم مراقبة عقاراتهم بشكل دوري، مع العلم أن عطلتهم الصيفية تكون قصيرة جدا، ويصعب عليهم قضاء كل أغراضهم الادارية أو القضائية في تلك الفترة خصوصا عندما توجد تلك العقارات في عدة مدن وقرى بعيدة مختلفة.
وفي اتصال لنا مع الأستاذ الشاوني، صرح لنا بأنه يعمل في حياته بصفة عامة على مبدأ واحد، وهو “الخير في المساعدة” وذلك مصداقا لحديث رسول الله عندما قال: ” المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يشتمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة”، مضيفا أن الصلاح ليس شيئا جامدا، وإنما هو حركة وعمل في الاتجاه الصحيح، ليس فقط في أمور الدين كالصلاة والصيام، وإنما في كل عمل يحكمه العقل والدين والإنسانية في نفس الوقت، فتعبيد الطرق يعتبر عملا صالحا، وتدريس التلاميذ في الجبال يعتبر عمل صالح، وزراعة الأرض يعتبر عملا صالحا، والحكم بين الناس بالعدل يعتبر قمة الصلاح، وكل ما من شأنه خدمة الناس يعتبر عملا صالحا، وقد جاء في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: « إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه »، ومن إتقان العمل إتمامه، وكما قال الشاعر أبو العتاهية:
اقضِ الحوائجَ ما استطعتَ وكُنْ لهَمِّ أخيكَ فارِجْ
فَلَخيرُ أيَّامِ الفَتى يَومٌ قَضى فِيهِ الحَوائجْ
بقلم الهروالي محمد
عن موقع : فاس نيوز ميديا