يغتنم أفراد الجالية المغربية المقيمين بإيطاليا شهر رمضان الفضيل لمد جسور التضامن بين المسلمين وغير المسلمين، والتعريف بمبادئ الإسلام السمحة، وخلق أجواء روحانية تتعدد فضائلها بالاجتهاد في الطاعات و إعمار المساجد.
ففي أجواء مفعمة بالتآخي والتضامن بين المغاربة في الديار الإيطالية، وكذا مع باقي الجاليات المسلمة وحتى من ديانات أخرى، تنصهر كل الفوارق و الجنسيات والأعراق حين يلتئم الصائمون حول موائد الإفطار التي تقام في المساجد، والتي تتجاوز أهدافها مجرد تقديم الوجبات.
فإلى جانب فضائله الدينية، يشكل هذا الشهر نافذة لاستكشاف غنى الطبخ المغربي، وتذوق أطباقه التقليدية التي تباع جاهزة أو يتم اقتناء لوازم تحضيرها في البيت لتأثيث مائدة الإفطار.
بعض المغاربة ممن يتعذر عليهم تحضير بعض الأطباق نظرا لظروفهم المهنية، يتوصلون بالحلويات التقليدية التي تميز هذا الشهر الفضيل من ذويهم بالمغرب تساعدهم في خلق أجواء عائلية والتأقلم مع خصوصيات ونمط الحياة في رمضان ببلد الإقامة.
وتبقى الجالية المغربية وفية لمائدة الإفطار المعروفة بالأطباق التي تميز الشهر الفضيل، وخاصة شوربة “الحريرة” ومختلف الأكلات التي تزين موائد رمضان، كما تحرص على خلق أجواء استثنائية تحظى بإعجاب غير المسلمين الذين يحضرون رفقة عائلاتهم الصغيرة لاستكشاف تقاليد المغرب الأصيلة.
ويعتبر الإفطار الجماعي خير مناسبة لإظهار أسمى صور الإسلام المعتدل و السمح والتعريف به في المجتمع الإيطالي و بالسلوكيات والعادات الدينية و الإجتماعية التي تميز هذا الشهر العظيم ، كما أنه فرصة ثمينة لنشر قيم التآلف والتضامن والتعايش بين الأديان. وفي هذا السياق، أكد حميد زريات، وهو طبيب جراح مغربي و إمام مسجد بتورينو أنه، وطيلة شهر رمضان، توجه الدعوة للإيطاليين لمشاركة أفراد الجالية المسلمة فرحة الإفطار العائلي من أجل توطيد أواصر المودة و التراحم وتعزيز قيم التعايش المشترك.
وقال السيد زريات، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه في رمضان تتضاعف المبادرات التحسيسية ، لاسيما بتقديم خلال الدقائق الفاصلة بين صلاة العشاء و التراويح إرشادات في المجالين الديني و الطبي وشرح المغزى من صيام رمضان و التعريف بأبعاده الروحية وفوائده الجمة.
وأكد هذا الإمام أن رمضان مناسبة مواتية أيضا لتلقين أطفال وشباب الجالية المغربية بإيطاليا دروس حفظ وتجويد القرآن الكريم وتنظيم مسابقات محلية على غرار تلك التي تقام في المغرب ، بما يعزز تمسكهم بهويتهم الدينية و بوطنهم الأم .
واعتبر أن هذه المبادرات ” تبقى محدودة بالنظر لنقص الأئمة في إيطاليا، خاصة في رمضان، حيث يحتاج المغاربة المقيمين في هذا البلد إلى المزيد من الأئمة لتأمين تأطيرهم الديني وتقديم النصح والإرشاد من خلال دروس و محاضرات”.
وبالفعل، يعود الحديث كل سنة عن إشكالية غياب عدد كاف من الأماكن اللائقة للعبادة وممارسة الشعائر الدينية ، لاسيما عند أداء صلاة الجمعة و التراويح، حيث يختار بعض المغاربة و مسلمين آخرين من جنسيات مختلفة أداء الصلاة في منازلهم بالتناوب، في ما يرتاد كثيرون أماكن أخرى أكثر شساعة من قبيل مواقف السيارات والحدائق. وبصرف النظر عن هذه الإكراهات، يزداد ارتياد المساجد والإقبال على الإحسان وتلاوة القرآن الكريم خلال رمضان، وخاصة في العشر الأواخر ، إذ تشكل هذه الأجواء الروحانية خير ملاذ للتخفيف من الشعور بالغربة والحنين للأسرة.