ليلة القدر خير من ألف شهر، هكذا وصفها ربنا عز وجل و جعلها من اعظم الليالي تعبدا وتضرعا إليه، لعل المرء تطاله نفحاتها الربانية وتدركه رحمة خالقه، فإذا كان البعض ينتظر قدومها بشغف ديني كبير للتعبد، فإن البعض الآخر يستثمر البركة العظيمة لهذه الليلة في الاتجاه المعاكس، حيث يمارس خلالها طقوسا سحرية غريبة يحرص على تنفيذها في هذه الليلة بالضبط، لاعتقاده بأنها ليلة مصيرية في حياة الإنسان، فيها يتحدد مصيره ورزقه ويستمر إلى غاية نفس الليلة من العام القادم، لكن وفي مقابل ذلك، هناك نساء مومنات طائعات راكعات ساجدات يحرصن على آداء فرائضهن بكل خشوع لايهتمن بهذه الخزعبلات، يهيئن طعام الكسكس ويتصدقن به في المسجد تقربا للمولى عز وجل.
طقوس شيطانية على رؤوس الموتى
العديد من العائلات، أبدت انزعاجها وتخوفاتها من الانتهاكات الخطيرة التي تتعرض لها قبور موتى المسلمين من قبل ممتهني السحر والشعودة والمتسكعين والمنحرفين من جلساء الخمر والماحيا، لمزاولة أنشطتهم الشيطانية من نبش للقبور وملئها بطلاميس الشعوذة والحروز البالية في انتهاك صارخ لحرمات الموتى، فيما عائلات أخرى قررت هجرة قبور ذويها لغياب الامن والامان وحرمة المكان، لاسيما وان معظم المقابر باتت مكانا مناسبا لانتشار مظاهر الشعودة والسحر، ومرتع للدواب من حمير وبغال وكلاب ضالة التي باتت تسرح وتمرح داخل المقابر على رؤوس موتاها.
النموذج هنا نسوقه من مدينة سطات، وبالضبط بالقرب من مقبرة سيدي عبد الكريم، تنتاب المرء مشاهد من أسراب من الحمير المربوطة من الأعناق والأرجل على طول سورها المهترئ، محولة المكان إلى فضاء يعج بالروائح النثنة وبقايا العلف والفـضلات، ضمن مشهد مقزز يوحي بغياب حكامة جيدة في تدبير قطاع النظافة والاعتناء بفضاء المقابر احتراما لمشاعر الأحياء قبل الأموات الذين لاقوا ربهم.
غير بعيد عن هذه المقبرة التي أُقفلت منذ زمن، يأخذك المسير نحو مقبرة مولاي أحمد الموجودة بدورها بالقرب من حي سيدي عبد الكريم وهي المقبرة التي تحولت في الآونة الأخيرة إلى مكان مخصص لإحياء طقوس الشـعودة والـسحر، حيث وقفت فعاليات جمعوية مؤخرا لحظة قيـامها بعمليات تـنظيف هذه المقبرة على هول هذه الظاهرة الخطيرة والتي كشفت عن العثور على عدد كبير من التمائم والطلاسم المستعملة في السحر، منها المدفون إلى جانب قبور موتى المسلمين، ومنها المعلق بأشجار بالمقبرة.
عن موقع : فاس نيوز ميديا