دقائق بعد صلاة العصر، تشرع مقاهي عاصمة المملكة في فتح أبوابها المغلقة على غير العادة في هذه الفترة من اليوم، وتشرع في عمليات التنظيف ورص الكراسي والطاولات تأهبا لاستقبال زبائنها.
وفي وقت تقبل فيه أفواج المصلين، بعد الإفطار، على بيوت الله العابقة بالأجواء الروحية لتدبر آيات الذكر الحكيم في صلاة التراويح والتشبع بروحانيات هذا الشهر الفضيل، تفضل فئة أخرى التوجه للمقاهي لارتشاف كوب القهوة اليومي قبل التوجه للمسجد.
وبمجرد الانتهاء من صلاة التراويح، تلتحق أفواج من المصلين بمقاهي الشوارع الرئيسية للمدينة بحثا عن لحظات من الترفيه والراحة والاستمتاع بكؤوس الشاي والقهوة، وتجاذب أطراف الحديث مع الأصدقاء والأقارب، الذين يجتمعون بموعد أو بدونه في ليال للأنس والمتعة تتميز بأجواء مختلفة عن باقي فترات السنة، ولاسيما لتزامن الشهر الكريم مع قرب حلول فصل الصيف.
وهكذا تغص جنبات المقاهي بزبناء من النساء والرجال والأطفال من مختلف الأعمار، حيث يصبح العثور على طاولة شاغرة في بعض الأحيان مهمة صعبة، خاصة بالمقاهي المتواجدة بالشوارع الرئيسية لمدينة الرباط كشارعي فرنسا ومحمد الخامس.
ورغبة في الاستجابة لهذا الطلب الهائل والمتزامن، يحرص أرباب المقاهي على توفير كل الوسائل اللازمة لتحقيق هذه الغاية، من طاولات إضافية وزيادة عدد المستخدمين بهدف استغلال المدة الزمنية القصيرة لأمسيات رمضان لتعويض نقص المداخيل، وكذا لإرضاء زبنائهم.
وبهذا الخصوص، يقول رئيس الجمعية المغربية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، نور الدين الحراق، إن ” شهر رمضان الكريم يشكل حالة استثنائية بالنسبة للمقاهي، حيث يتحول الإقبال على ارتيادها من ساعات اليوم الطويلة إلى فترة زمنية قصيرة لا تزيد عن بضع ساعات”، مشيرا إلى أن هذا الإقبال يبلغ ذروته بعد انقضاء صلاة التراويح وإلى غاية منتصف الليل.
وأوضح الحراق أنه رغم هذا الإقبال المكثف خلال ليالي رمضان، فإن مداخيل المقاهي تسجل تراجعا كبيرا بالمقارنة مع باقي الشهور، قد يصل في بعض الأحيان إلى 60 في المائة.
إلا أن هذا الإقبال ترافقه في بعض الأحيان بعض المظاهر التي تخلف سخطا كبيرا لدى المارة، الذين يجدون أنفسهم في حلات كثيرة مرغمين على السير في الممرات الخاصة بالسيارات نظرا لاحتلال أرصفة الطرقات من طرف مرتادي المقاهي.
وفي هذا الصدد، أوضح رئيس الجمعية المغربية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب أنه لا يمكن إنكار ما قد يرافق الإقبال المكثف على المقاهي في رمضان من تجاوزات بعض أرباب المقاهي، الذين قد تدفعهم رغبتهم في احتواء الأعداد الكبيرة للزبناء في بعض الأحيان لتجاوز المساحة القانونية المخصصة للمقهى ووضع طاولات إضافية على الأرصفة. ومما لا شك فيه أن المقاهي تفرض نفسها كفضاءات اجتماعية مهمة وتعد ملاذا لشرائح واسعة من المغاربة خلال ليالي رمضان، حيث تحلو جلسات السمر وتبادل أطراف الحديث بين الأصدقاء حتى مطلع الفجر.