سوف لن أخوض في الكلام عن زكاة الفطر وحكمها والحكمة من مشروعيتها وتوقيت إخراجها باعتبار أن هذا الأمر أصبح معلوما لدى الخاص والعام، لكن ما أود الحديث عنه في هذه التدوينة المتواضعة هو ما يتعلق بكيفية إخراجها: هل تخرج قمحا أو شعيرا أو تمرا كما تشير إلى ذلك النصوص الشرعية الواردة بشأنها؟ أم تخرج نقدا؟، حيث إن هذه المسألة أحيلت على علماء وفقهاء وتكلموا فيها: وهناك من جوز إخراجها بالقيمة أي نقدا، وهناك من قال بإخراجها بالتمر أو الحبوب أو الشعير باعتبار أن إخراجها بهذا الكيف يبقي على ارتباط المسلم بالنص الذي وردت فيه على هذا الكيف، والراجح عندي والله أعلم أن إخراجها بالقيمة نقدا أولى من إخراجها حبوبا أو تمرا أو شعيرا، وهو الأقرب إلى تحقيق الحكمة من مشروعيتها وهي إغناء الفقير عن السؤال يوم العيد حيث قال صلى الله عليه وسلم:”اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم”، إذ بما يتجمع للفقير المحتاج من نقود يستطيع تحقيق ذلك باقتناء مستلزمات العيد من أكل ولباس وغيرهما، وهذا ما يجعله في غنى عن السؤال في هذا اليوم، بخلاف ما إذا تجمع لديه حبوب أو قمح أو شعير، فهذا أمر لن يتمكن به من الاستغناء واستيفاء حاجياته الاستهلاكية، كما أنه إذا قام بإعادة بيع ما تجمع لديه من ذلك فلن يحصل على القيمة الحقيقية لها بل سيبيعه بأبخس الأثمان وهذا ما سيضيع له فرصة الاستفادة أكثر من زكاة الفطر، هذا أمر، والأمر الآخر أن هناك من يستصغر قيمة الزكاة ويراها قليلة، وجوابه أن ما وجب عليه أدائه هو من باب “أضعف الإيمان”، ومن زاد زاده الله فضلا وتقبل منه ولا حرج في ذلك “لينفق ذو سعة من سعته” و”تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم”، ويبقى المستحق فرضا وما زاده المسلم هو من باب النافلة المحمودة والخيرات التي أمرنا أن نستبقها، كما أود أن أنبه إلى أمر آخر وأخير وهو أن الأولى استهداف الأقارب ممن لا تجب علينا نفقتهم بالزكاة، فهذا خير كبير سيجعلك مؤديا للزكاة وواصلا للرحم ومحييا للمحبة التي يجب أن تدوم بين الأقارب.
وعيدكم مبارك سعيد وتقبل الله منا ومنكم.
هشام الإدريسي
خريج كلية الشريعة بفاس