نشرت شبكة “إن تي في” الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن الاتصالات المتواصلة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، التي تعمل على تحديد ملامح التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط، خاصة أن العلاقة بين الطرفين تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.
وذكرت الشبكة الإخبارية، في تقريرها، أن التقارب بين الرياض وتل أبيب لم يكن نتيجة محاربة التمدد الشيعي في الشرق الأوسط فقط، وإنما هناك خطط كبيرة يخفيها هذا التحالف الجديد في المنطقة.
وخلال السنوات الأخيرة، تغير واقع الشرق الأوسط بصورة جذرية، وانتهت فكرة “القضاء على إسرائيل”، وبالأخص منذ إبرام معاهدة السلام مع مصر والأردن، لتبدأ الآن شراكة جديدة مع المملكة السعودية.
وأوضحت شبكة “إن تي في” أن هذه الشراكة كانت مستحيلة في الماضي، حيث رفضت السعودية سنة 1947 خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين، كما أرسلت جيوشها لمحاربة الاحتلال الصهيوني سنة 1948 و1973، وانتقدت معاهدة السلام الإسرائيلية سنة 1979 بشدة. ولفترة طويلة، كانت السعودية مقربة من حركة حماس لأسباب دينية.
ونقلت الشبكة تصريحا للمتحدث باسم الوزارة الخارجية الإسرائيلية، إيمانويل نحشون، أفاد فيه بأن “الشرق الأوسط اليوم يختلف تماما عما كان عليه في الماضي، لاسيما أنه أصبح للسعودية أعداء جدد”، في إشارة إلى إيران، التي تعد عدوا مشتركا بين إسرائيل والسعودية. كما أكد نحشون أن هذا الرأي لا يختلف عليه أي سياسي سعودي أو إسرائيلي.
ومؤخرا، ارتفعت وتيرة الصراع بينهما في ظل دعم إيران لنظام الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، في الوقت الذي تقود فيه السعودية صراعات مباشرة وغير مباشرة مع الأطراف الثلاثة.
وأوردت الصحيفة أن إسرائيل تخشى من تنامي نفوذ إيران، بعد أن نشرت إيران ميليشياتها بالقرب من هضبة الجولان، وقيام حزب الله بنشر أكثر من مائة ألف صاروخ جنوب لبنان، يمكن أن تصل لكل مكان في إسرائيل.
فضلا عن ذلك، انتقدت إسرائيل الاتفاق النووي الإيراني مع الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما. وقد لاقت هذه الانتقادات الإسرائيلية قبولا واسعا في كل من السعودية والإمارات.
وبينت الشبكة أن إيران استغلت مليارات الدولارات التي جنتها بعد رفع العقوبات عنها لإثارة الاضطرابات في المنطقة، واستأنفت برنامجها النووي في مخالفة واضحة للاتفاق.
وبعد تسلم رئاسة البلاد، نسف دونالد ترامب الاتفاق النووي مع إيران، وكان واضحا أنه مدعوما من تل أبيب والرياض وأبوظبي.
وحيال هذا الشأن، أكد نحشون أن “سفر ترامب مباشرة من الرياض إلى إسرائيل أثناء زيارته للشرق الأوسط في شهر أيار/ مايو 2017 لم يكن من قبيل الصدفة”.
وذكرت الشبكة أن نظرة الخليج لإسرائيل تغيرت تماما. ففي بداية، ماي، نشر وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، تغريدة قال فيها إن “إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد أي مصدر تهديد”، قاصدا إيران، كما اعترف ابن سلمان بدولة إسرائيل.
وبالفعل، زار محمد بن سلمان تل أبيب سرا الخريف الماضي، والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وأكدت مصادر أخرى أن نتنياهو التقى بولي العهد السعودي في العاصمة الأردنية، عمان، أثناء زيارته الأخيرة للأردن.
وأفادت الشبكة بأن الشراكة السعودية الإسرائيلية لا تتعلق بالتعاون العسكري والسياسي فحسب، وإنما تشمل المستوى المدني أيضا.
وقد رفض نحشون الحديث عن تفاصيل أخرى، ولكنه ذكر بعض النقاط. ففي الربيع الماضي، حصلت شركة طيران الهند على إذن لدخول المجال الجوي السعودي، متجهة إلى إسرائيل، وكان ذلك ممنوعا في السابق.
وأوردت الشبكة أن الشراكة السعودية الإسرائيلية تتحول مع مرور الوقت إلى شراكة “عملاقة”. وذكر نحشون أن مواضيع على غرار “التغير المناخي، ونشأة صحاري جديدة، سيكون لها تأثير ضخم على المنطقة. وخلال الثلاثين أو الأربعين سنة القادمة، لن تكون تجارة النفط مربحة”.
في الواقع، تستثمر السعودية حاليا الكثير من الأموال في قطاع التعليم، وفي عملية التحرر والانفتاح. ومن جهته، أكد نحشون أن ما يعتبره البعض أمرا بسيطا، على غرار منح المرأة حق قيادة السيارة في السعودية، يعتبر داخل المجتمع السعودي أمرا جللا.
ونقلت الشبكة تصريحات نحشون، الذي أكد أن شركاء إسرائيل في المنطقة يستفيدون من التكنولوجيات الحديثة التي تقدمها إسرائيل.
وأضاف نحشون أنه “من بين هذه التكنولوجيات، إدارة المياه وإعادة تدويرها، وتحلية مياه البحر، واستصلاح الأراضي الصحراوية”.
وبغض النظر عن القطاع المدني، يعتبر التعاون العسكري مثمرا للغاية، فالجيش السعودي يعد أغلى ثالث جيش مجهز على مستوى العالم بعد الجيش الأمريكي والصيني، ويضم تقريبا نصف مليون جندي. كما تعد إسرائيل أقوى جيش في منطقة الشرق الأوسط.
وأكدت الشبكة الإخبارية أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد نقطة خلاف بين السعودية وإسرائيل. ومع ذلك، مازال الفلسطينيون يمثلون إزعاجا لولي العهد السعودي.
وأثناء اجتماعه مع يهود أمريكيين في نيويورك خلال مارس الماضي، صرح ابن سلمان بأن “الإدارة الفلسطينية رفضت عدة مقترحات لعملية السلام خلال العقود الماضية، ولقد آن الأوان لقبول المقترحات الحالية والتفاوض حولها، أو التزام الصمت وعدم التذمر مرة أخرى”.
كما قال نحشون “كان الجميع يعتقدون أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو أساس الصراعات في المنطقة، وفي حال الوصول لحل يناسب جميع الأطراف، ستهدأ الصراعات.
ولكن حل القضية الفلسطينية لن يفيد سوى القضية الفلسطينية، ولن يؤثر بأي حال من الأحوال على التغيرات الهائلة التي تحدث في المنطقة”.
ولسائل أن يسأل، هل تستعد الدول العربية مثل السعودية والإمارات والبحرين للتخلي عن القضية الفلسطينية؟ ومن الواضح، أن سياسة ابن سلمان الحالية تتخذ هذا الاتجاه.
ونقلت الشبكة عن نداف تامر، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، شمعون بيريز، أن “الفلسطينيين لا يهتمون كثيرا بمحمد بن سلمان، حيث أنه لا يمثل غالبية الشعب السعودي بالتأكيد. فمن المرجح أن سياسة ابن سلمان لا يتوافق عليها 30 مليون سعودي.
وعلى الدولتين ألا يؤسسا شراكات حاليا قبل حل الصراع، وإنما بعد أن يجدوا حلا للصراع المزمن في المنطقة”.
وفي الختام، نوهت الشبكة بأن سعي ابن سلمان لتأسيس دولة موالية للغرب وإسرائيل دون موافقة الشعب سيؤدي لحدوث اضطرابات داخلية، خاصة في ظل قمع الأصوات المعارضة. ومؤخرا، تمكن الأمير السعودي، خالد بن فرحان، من الفرار إلى ألمانيا.
وفي مقابلة له مع “ميدل إيست آي”، قال ابن فرحان إن هناك غضبا كبيرا داخل العائلة المالكة تجاه سياسة بن سلمان، فضلا عن معارضة عسكريين بارزين وشخصيات تتمتع بنفوذ كبير للإصلاحات التي يقوم بها، ومن المرجح أن يحدث انقلاب ضده قريبا.
عن موقع : فاس نيوز ميديا