بين قمم سلسلة جبال الريف، تتوسد قرية “إكاون” تلة تبعد بحوالي 30 كلم عن مدينة “إيساكن”، أقرب مركز حضري للمنطقة، حيث توجد مجموعة من المنازل المتناثرة هنا وهناك، محاطة بالغابات والمرتفعات والوديان من كل جانب. جمال طبيعة المنطقة يخفي بين ثناياه قدرا من المعاناة يتكبدها السكان للحصول على الخدمات الأساسية، خاصة ما يتعلق بالمرافق الصحية.
ولكون المركز الصحي للقرية، التي تعتبر مركزا لجماعة “عبد الغاية السواحل”، غير كاف لتلبية حاجات السكان، خاصة النساء الحوامل اللواتي يحتجن إلى متابعة متواصلة، فقد برمجت سلطات إقليم الحسيمة مشروع بناء دار للأمومة، سيجنب حوامل القرية ومناطقها المجاورة، عناء التنقل الدوري إلى المركز الصحي أو إلى مدينة “إيساكن”، كما سيخفف عنهن آلام المخاض، ليأخذ بيدهن نحو وضع آمن تحت إشراف طبي.
وتسارعت وتيرة أشغال بناء دار الأمومة بقرية “إكاون”، الذي تطلب إنجازه استثمارا بقيمة مليون و 799 ألف درهم ضمن برنامج التنمية المجالية “الحسيمة منارة المتوسط”، بشكل ملموس خلال الأشهر القليلة الماضية ليصل تنفيذه الآن إلى مراحله الأخيرة، حيث ينتظر أن يفتتح مرافقه خلال الأسابيع المقبلة أمام النساء الحوامل، بطاقة استيعابية تصل إلى 8 أسرة، ستوفر فضاء ملائما للوضع.
وستستقبل دار الأمومة النساء الحوامل 3 أيام قبل الموعد المرتقب للوضع، حيث سيلقين الرعاية الطبية والاجتماعية المتواصلة، قبل نقلهن إلى المركز الصحي للقرية مع اقتراب المخاض، ليعدن إل دار الأمومة بعد الوضع للبقاء تحت العناية الطبية اللازمة، ثم مغادرتهن للدار بعد التأكد من سلامتهن وصحة مواليدهن.
وستقدم دار الأمومة هاته خدماتها إلى نساء الجماعتين القرويتين عبد الغاية السواحل (25 ألفا و 817 نسمة) وتمساوت (13 ألفا و 711 نسمة)، واللتان تضمان عددا من القرى الواقعة في مناطق صعبة التضاريس، تعيق في أحيان كثيرة تنقل النساء الحوامل إلى المراكز الصحية للوضع، حيث ستقدم هذه البنيات الحل الأمثل لهن من أجل ولادة آمنة.
بجماعة “بني عمارت”، القصية عن مدينة تارجيست ب 35 كلم، شرع أيضا في تجهيز دار أمومة أخرى ستفتح أبوابها في ظرف أسابيع قليلة بطاقة تصل لستة أسرة، موزعة على ثلاث حجرات لإيواء النساء الحوامل، وقاعة للأمهات لمواكبة وتتبع الحمل، وهي المنشأة التي ستقدم خدماتها لنساء جماعتي “بني عمارت” وسيدي بوزنيب” البالغ عدد سكانهما معا أزيد من 10 آلاف نسمة.
سواء تعلق الأمر بدار الأمومة ب “إكاون” أو “بني عمارت”، فهما مجرد مثالين من بين 6 مشاريع دور أمومة يجري إنجازها حاليا بالعالم القروي لإقليم الحسيمة باستثمار إجمالي يصل إلى 8,5 مليون درهم، وفق ما أكده رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم الحسيمة، السيد عبد الحق اليوسفي، مبرزا أنه تم الانتهاء من إنجاز اثنتين، بينما الأربع الأخرى يتراوح تقدم الأشغال فيها بين 60 و 70 في المائة.
وأضاف المسؤول أن اثنتين من هذه الدور يجري بناؤهما ضمن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بينما الأربعة الأخرى تشيد في إطار برنامج التنمية المجالية “الحسيمة منارة المتوسط”، الذي أطلقه جلالة الملك محمد السدس نصره الله.
وأوضح أن مشاريع دور الأمومة ستساهم في تمكين النساء الحوامل، خاصة النساء المنحدرات من العالم القروي، من الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية، وتمكينهن من الرعاية الطيبة قبيل عملية الولادة وبعدها، إلى جانب الرفع من نسبة الولادة تحت الرعاية الطبية، وهو ما سيمكن في نهاية المطاف من تقليص وفيات الامهات والمواليد الجدد.
وتأتي هذه المنشآت الاجتماعية، وغيرها من المراكز الصحية، لتساهم في ردم الفوارق المجالية بين الوسطين القروي والحضري، ولتقريب الخدمات الصحية الأساسية من النساء الحوامل.
عن جريدة: فاس نيوز ميديا