انتهت الانتخابات الرئاسية بجمهورية تركيا من جولتها الأولى بفوز الرئيس السابق وممثل حزب العدالة والتنمية التركي رجب طيب اردغان أمام منفسيه من حزب الشعب الجمهوري محرم انجه وبمنافسة من العنصر النسوي والعضو السابق بحزب العدالة والتنمية التركي ميرال أكشنار عن حزب الخير التركي بالإضافة لممثل حزب الشعب الديموقراطي الكردي والسجين السابق صلاح الدين ديميرتاش والمنافس الأخر عن حزب السعادة التركي تميل كرم الله أغلو بالإضافة إلى مرشحين أخرين يبقيان على الهامش، و تأتي هذه الانتخابات في ظل التعديل الدستوري الجديد للجمهورية التركية و الذي و لأول مرة منذ إسقاط الخلافة العثمانية سيحظى الرئيس بصلاحيات تنفيذية تعتبر كبيرة وضخمة و على رأسها تعيين كبار المسؤولين في القطاع العام و بمن فيهم الوزراء و حتى نواب الرئيس، بالإضافة إلى إرجاع حق الانتماء و روابط الصلة بين الرئيس المنتخب و حزبه و بالتالي الجمع بين عمله الرئاسي و السياسي، ويبقى ابرز تعديل هو تحول الجمهورية التركية من نظامها الجمهوري إلى نظام رئاسي، بالإضافة إلى كون هذه الانتخابات هي سابقة لأوانها و تأتي بعد الانقلاب الذي لم يطح بالرئيس رجب طيب اردغان، هي كلها معطيات تجعل من الانتخابات التركية لسنة 2018 و نتائجها و خصوصا مع الخصوم المباشرة و الغير مباشرة و حتى الأصدقاء، و خصوصا الذي قد راهنوا على انتخاب سواء ميرال أكشنار أو محرم انجه وفقا لاستطلاعات الرأي، لكن الصدمة هي بفوز أردغان من الجولة الأولى و بالضربة القاضية، فهل هو تمهيد لتوسع الإخوان المسلمين و فرض السيطرة كما يروج ذلك أعداء الجمهورية التركية أو بالأحرى أعضاء العدالة و التنمية التركي، أم أن الأتراك يمهدون لعودة أل عثمان و السيطرة على العالم كما يهتف مؤيدو الجمهورية التركية و أصدقاء العدالة و التنمية. في بداية الفقرة سأفتتح كلامي بما قاله رئيس المخابرات التركي هاكان فيدان و الذي جاء على الشكل التالي “إن شاء الله من هنا إلى سنة 2035 سنربي أجيالا تعيد لنا محمد الفاتح من جديد، ومن هنا إلى 2045 سنربي الألاف من ألب أرسلان، و سنعود نحن أحفاد العثمانيين لنحكم العالم من جديد،” هي كلمات في مهرجان خطابي رسمي من شخصية رسمية توضح بالملموس الهدف الذي ينسجه في الأفق هؤلاء الأتراك، و يبقى حقا مشروعا لهم، لكن من سيرى التسلسل منذ إنشاء نجم الدين أربكان أول حزب بتوجه إسلامي يواجه به نظاما وضعه مؤسس تركيا الحديثة كمال الدين أتاتورك وهو حزب النظام الوطني سنة 1970 إلى حدود حلهم لحزب الرفـــاه التركي سنة 1998 و ظهور حزب أخر بخلفية و توجه إسلامي يسمى العدالة و التنمية التركي بقيادة الخماسي المعروف و على رأسهم الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردغان، و هذا التسلسل يوضح مما لا يدع مجالا لشك أن التوجه كان هو إعادة تركيا إلى توجهها الإسلامي بعد أن وضعها كمال الدين أتاتورك في مصاف الدول العلمانية، وهذا ما يعزز الطرح الذي ذهب نحو إعادة الدول العثمانية للواجهة وسيادة حكمها كما كانت سابقا. أما الطرح الثاني أن ما يقع الأن هو امتداد لتنظيم الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم بعض الدول العربية الإسلامية والغربية وغيرها من الدول، وبالتالي فإن أول أسئلة اوجهها لهم هل حقا هو خوف على الإسلام كما تدعون أم أنه خوف على حلفائكم في الخفاء كالكيان الصهيوني، أم أنه خوف من إزالة البساط لهيمنة بعض الدول والتنظيمات المسيطرة في الخفاء على العالم؟ أم حقا هو خوف من الإرهاب وأن حزب العدالة والتنمية التركي هو من يحمي الإرهاب ويدعمه بسبب دفاعه على النظام المصري في شخص رئيسه المنتخب أحمد مرسي؟ هي أسئلة لابد من الإجابة عنها لفهم ما يقع في هذا العالم المتناثر الأشلاء البعيد عنما يروجونه من مبادئ الإنسانية والتجرد من التعايش والسلام والذي يتواجد فقط على الورق لا أقل و لا أكثر. بعد هذا الاستعراض من الواجب أن نضع النقاط في الختام على الحروف والتي من أهمها لماذا كانت دول وجهات معينة تروج على أن حزب العدالة والتنمية فقط شعبيته في تركيا، في حين أن الانتخابات أثبتت العكس وبوأت الصدارة والرئاسة من جولة واحدة لذات الحزب؟ أكيد الجواب واضح فكلا الطرحين السابقين هم يخيفان الدول الأخرى، و بالتالي كيف أصبحت كل الجرائــــد و القنوات التي أكدت أن محرم انجه أو ميرال أكشنار هو من سيكون رئيسا لتركيا الجديدة، و ماهي ردود الفعل في حيال ما وقع و ما أصفرت عليه النتائج، بلغة أدق هل لهم وجه بمواجهة العامة بعض هذه النتائج الصادمة لهم، والتي تعتبر عادية بالنسبة لمن يؤمن بحزب قيل أنه فعل الكثير لوطنه، أما السؤال الذي سأطرحه هل بعد هذه الصلاحيات و التغيير الجذري في دستور الدولة التركية و أهمها الانتقال من النظام الجمهوري إلى نظام رئاسي و توسيع صلاحيات الرئيس إلى أقصاها و تكبيل يد القوات العسكرية، هل سيبقى حزب العدالة و التنمية التركي على نفس النهج أم أن ما حضر منه معارضو الحزب الحاكم التركي سيكونون على حق؟ أكيد الأيام القادمة كفيلة لنا بالإجابة. تركيا و حزب العدالة و التنمية التركي قصة عشق لها أبطالها، هي اليوم تقع بين مطرقة من يريد وضع حد لهذا العشق و بين سندان من يريد أن يثمر لنا زواجا دائما، لكن ومنذ بداية هذه القصة و نحن نتابع عن قرب تطور هذا العشق بين العشيقين بين من يحلل و أخر يحرم، لكن لابد من وضع الأمور في نسقها فتركيا أفضل بكثير من تركيا أمس، بل الأكثر من هذا فقول المرشح المنافس المباشر للرئيس التركي في كلمة ألقاها أمام العلن وهي جملة أعتبرها تعبر في ثناياتها عن عديد الأشياء موجهها للرئيس المنتخب الجديد-القديم رجب طيب اردغان “هنيئا لك سيدي الرئيس و تقدم نحو الأمام و كن رئيسا لكل تركيا، كن رئيسا لنا جميعا”، إنها الثقافة و الديموقراطية الحقيقيتين و هم رفع الوطن نحو الأعلى فالطرح الأول في العنوان ليس له وجود من وجهة نظر الأتراك سواء مؤيدي الرئيس أو معارضيه هي فقط في عقول أهل الخارج و هذا يحيلني أن خوف أهل الخارج و الدول العظمى هو يبقى من عودة تركيا الجديدة بصفة العثمانيين الجدد.
الكاتب : عبدالاله رشقي
عن موقع : فاس نيوز ميديا