أهم ما ميز مونديال روسيا هو المغادرة المبكرة للمنتخبات ،التي كانت مرشحة للظفر بالدرع الذهبي ،وهي منتخبات تعج بالنجوم ،لتترك المجال لرباعية أوروبية خالصة ، تتضمن فرقا لم تكن في حسبان عشاق التنبؤات.
وتبقى معطيات مونديال روسيا فريدة ولم يسبق لها مثيل منذ عام 1930 ، سجلت إقصاء منتخبات فوق العادة والمرشحة المفضلة ،مثل البرازيل والأرجنتين وألمانيا وإسبانيا ،التي ستغيب بالكامل عن المرحلة الأخيرة لهذا الحدث الكروي العالمي ، وهو ما كذب جميع التوقعات والتكهنات السابقة التي كانت تجزم بتألق الفرق المعنية .
فبطل العالم في النسخة الأخيرة من المونديال (ألمانيا) لم يتسن له حتى تخطي دور المجموعات والمرور لدور الثمن وخرج بخفي حنين عوض الدفاع عن اللقب الذي أحرزه خلال دورة البرازيل ،ولم يسبق لل”مانشافت” أن غابت عن أي مربع ذهبي سواء في كأس العالم أو في كأس أمم أوروبا منذ عام 2006 ، وعرف منتخب إسبانيا ،بطل العالم في سنة 2010 ، نفس المآل وهو الذي لم ينهزم لمدة عامين ، قبل أن يغادر المنافسة بعد خسارة مدوية أمام منتخب روسيا في دور الثمن.
ولم يكن حال أصدقاء نايمار جونيور أحسن حالا من الفرق المرشحة قبل انطلاق المونديال ،إذ عرف المنتخب البرازيلي نفس مصير ألمانيا و إسبانيا ،وكان يأمل أن ينسى الفشل الذي مني به في مونديال سنة 2014 ،الذي احتضنت أطوراه البرازيل ،حتى تلقى صفعة جديدة من فريق أوروبي للمرة الرابعة على التوالي خلال النسخ السابقة ، وهذه المرة من منتخب بلجيكا في دور الربع ،منهزما بهدفين لهدف واحد .
والمنتخب الأرجنتيني ، بترسانته الهجومية التي يقودها نجم وصانع ألعاب إف سي برشلونة ليونيل ميسي ، والذي كان الكل يرشحه للذهاب بعيدا في كأس العالم في روسيا ، تبخرت أحلامه بعد انهزامه أمام منتخب فرنسا (3-4) ،وجاء ذلك بعد خسارة وانتكاسة خلال دور المجموعات أمام كرواتيا وبنتيجة لا تقبل النقاش (صفر مقابل ثلاثة ) .
ومن تم سيجرى الدور نصف النهائي من مونديال روسيا دون الفائزين بالكرة الذهبية خمسة مرات ، ليونيل ميسي (الأرجنتين) وكريستيانو رونالدو (البرتغال) ،الذي غادر منتخب بلاده المونديال من دور الثمن أيضا ،بعد فشل واضح لأصدقاء (سي إر 7) بطل الدوري الأوروبي الممتاز مع ريال مدريد لثلاث مرات متتالية ، وانحنى شموخ البرتغال أمام منتخب أوروغواي (2-1) ، ولم يكن مصير ليونيل ميسي أحسن حالا من غريمه التقليدي و لا شك في أنه ودع حلمه بالفوز باللقب العالمي نهائيا .
وبعد مغادرة فرق أمريكا الجنوبية العرس الكروي العالمي ، تتطلع أربعة فرق أوروبية لإحراز الكأس يوم الاحد القادم (15 يوليوز) ،و الشيء المؤكد بطبيعة الحال هو أن التتويج سيكون أوروبياً خالصا للمرة الرابعة على التوالي ،ففي سنة 2006 كان الحظ حليف المنتخب الإيطالي لرفع درع كأس العالم ،وبعده بأربع سنوات نجح المنتخب الإسباني في بصم اسمه على قائمة المتوجين بكأس العالم ، وفي عام 2014 حصل “مانشافت” على كأسه الرابع ،فيما كان آخر فائز بكأس العالم من أمريكا الجنوبية هو منتخب “السيليساو” سنة 2002 ،الدورة التي احتضنتها اليابان وكوريا الجنوبية .
وبخصوص المنتخبات الأربعة المرشحة للمرور الى الدور النهائي (فرنسا وبلجيكا وإنجلترا وكرواتيا) ،فهي تمتلك نفس الحظوظ وتتساوى في أحلامها ،وهي تمثل القارة العجوز ،استثناء ،في حدث كروي لم يحصل إلا نادرا في تاريخ كأس العالم وفي أربع مرات بالضبط عام 2006 (فرنسا والبرتغال وإيطاليا وألمانيا) ، وفي مونديال إسبانيا سنة 1982 (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبولونيا)،وكان أول سيناريو من هذا الشكل في دورة عام 1934 (إيطاليا والنمسا وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا) ،وفي عام 1966 (إنجلترا وألمانيا والبرتغال والاتحاد السوفياتي).
وبفضل شبابها الواعدين ومواهبها المتميزة ، ستواجه فرنسا ،التي وصلت إلى الدور نصف النهائي من كأس العالم للمرة السادسة في تاريخها (1958 و 1982 و 1986 و 1998 و 2006) مع التطلع الى تحقيق نفس حلم 1998 ، منتخب “الشياطين الحمر” بهجوم ناري وفريق متوازن أبهر كل عشاق كرة القدم .
وليست هذه المرة التي يتقابل فيها المنتخبان ،ففي عام 1986 ، تواجه الفريقان و فازت فرنسا في المباراة المحددة للمركزين الثالث والرابع بنتيجة 4-2.
أما الوجه الثاني لدور نصف النهائي فسيجمع كرواتيا ، التي تزخر بمجموعة من النجوم الموهوبين ، و إنجلترا صاحبة المجموعة الشابة المؤازرة من بعض اللاعبين المحنكين.
ويوم الأربعاء ، سيتقابل أصدقاء هاري كين وزملاء لوكا مودريتش في نصف نهائي لم تصل اليه البلاد ،التي يعود إليها اختراع كرة القدم تاريخيا ، منذ 28 سنة مضت .
ورغم أن الفرق الأربعة المشكلة للمربع الذهبي لم تكن مرشحة من قبل لبلوغ هذا المستوى من المنافسة إلا أنها تستحق هذا الموقع الذي وصلته عن جدارة واستحقاق ،وهي التي أزاحت عن طريقها فرقا كبيرة من حجم السويد وألمانيا وغيرهما كثير .
عن جريدة: فاس نيوز ميديا