أكد المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر السيد عبد العظيم الحافي، اليوم الخميس بالرباط، على ضرورة إيلاء اهتمام خاص لتحدي مكافحة التصحر، حيث أنه من الضروري إعادة تهيئة 12 مليون هكتار سنويا حول العالم لتجنب تدهور هذه الأراضي، وفي الوقت نفسه مكافحة تهديدات انعدام الأمن الغذائي.
وأوضح السيد الحافي خلال افتتاح ورشة عمل على هامش اليوم العالمي لمكافحة التصحر، تحت شعار ” لنستثمر معا في التدبير المستدام للأراضي من أجل تكيف فعال مع التغييرات المناخية”، على أن المغرب لديه سياسة رائدة في إدارة الموارد المائية، وهي سياسة السدود وتعبئة المياه السطحية.
وبهذه المناسبة، أشارت ممثلة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، السيدة فلورانس رول، وذلك خلال كلمة ألقتها بهذه التظاهرة، إلى أن مكافحة تدهور الأراضي لاتنبني فقط على تفعيل المشاريع التي تهم المجال الطبيعي، ولكن تستلزم أيضا تحسين ظروف عيش الساكنة.
كما ذكرت، بأن منظمة الفاو، الشريك الأساسي للمغرب في مجال تدبير الموارد الطبيعية والغابوية، تنجز حاليا عددا من المشاريع التي تهم إعادة تأهيل النظم الغابوية، وإحداث أنشطة مدرة للدخل بالنسبة للساكنة القروية.
وقد سجل هذا اليوم، في إطار تخليد عشرية قرار الأمم المتحدة للصحاري ومكافحة التصحر 2010-2020 الصادر من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، والرامي إلى تعزيز الإجراءات التي تحمي الأراضي الجافة، حيث كان الشعار العالمي لهذه المناسبة هو “للأرض قيمة، استثمرها”.
ويتمثل الهدف الرئيسي من تخليد هذا اليوم، في التأكيد على أن تدهور الأراضي هو التحدي الرئيسي الذي يواجه العالم، مما يستدعي تكاثف جميع الجهات المعنية والشركاء على الصعيدين الوطني والعالمي، لتدبير مستدام معقلن للأراضي، والوصول إلى ما يصطلح عليه بتعادلية تدهور الأراضي (ضمان حصيلة إيجابية في تجنب عملية تدهور الأراضي من طرف الإنسان أو إعادة تأهيل المساحة المتضررة، بهدف ضمان مساحات خصبة أكبر للأجيال القادمة).
وعلى اعتبار أن المغرب يعد من الأوائل الذين صادقوا على الاتفاقية الدولية لمحاربة التصحر، فقد عمل على وضع برنامج وطني لمحاربة التصحر عام 2001، يرتكز على مبدأ الاندماج والتشاور، واللامركزية، والتشارك، والاستمرارية، ويعتمد على أربعة أسس وهي، التخفيف من آثار الجفاف، ومحاربة الفقر، والمحافظة على الموارد الطبيعية، والتنمية القروية المندمجة.
ومن هذا المنطلق، فإن التنسيق بخصوص تفعيل البرنامج الوطني لمحاربة التصحر، تقوده المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، حيث تسعى إلى تقييم مدى تأثير المشاريع التي يتم تنفيذها في هذا المجال بمعية مختلف القطاعات الوزارية، ووكالات التنمية، والسلطات المحلية، والمنظمات غير الحكومية.
وترتكز الدعائم التوجيهية والرئيسية لتحيين البرنامج الوطني لمحاربة التصحر، التي أجريت سنة 2014، على تطوير مؤشرات نجاعة السياسات العامة في هذه المناطق، مع مبدأ التنمية المستدامة على أساس التنمية الاقتصادية، والتوازن البيئي، والعدالة الإجتماعية في تقاسم الثروة.
وتدعو هذه التوجهات إلى النظر بشكل أفضل في الخصوصيات المجالية، من حيث تصميم نماذج للتنمية المستدامة خاصة بكل إقليم إيكولوجي.
وتجدر الإشارة، إلى أن النهج الذي تتبعه المندوبية السامية، لا من خلال استراتيجية العشاري الماضي 2005-2014، أو العشاري الجديد، الخاصة بالفترة 2015-2024، يستند على ثلاث لبنات أساسية يمكن تلخيصها في مقاربة مجالية، تعتبر المجال كوحدة للتدخل مع العمل بمؤشرات خاصة لكل نظام إيكولوجي طبيعي، ومن خلالها يتم بلورة السياسات العمومية على مستوى ثماني جهات إيكولوجية محددة على مستوى التراب الوطني.
أما المدخل الثاني، فيدمج القحولة المهيكلة، والجفاف الظرفي في نماذج التنمية، ثم المدخل الأخير، الذي يأخد بعين الإعتبار التكيف والتأقلم، وكذا تدبير المخاطر خاصة تلك المتعلقة بالمناخ.
وفي هذا السياق، فقد تم وعلى حدود سنة 2017 معالجة أزيد من 800 ألف هكتار من الاحواض المائية، مع بناء أزيد من مليون ونصف متر مكعب من سدود الترسيب للحد من الخسائر التي تسببها عوامل التعرية، بالإضافة إلى تشجير حوالي 730 ألف هكتار بالاعتماد أساسا على الأصناف المحلية كالارز، البلوط الفليني، الاركان، والعرعار.
أما فيما يتعلق بمحاربة زحف الرمال، تم تثبيت 40,000 هكتار من الكثبان الرملية، خصوصا بالمناطق الجنوبية والواحاتية، وقد ساهمت عملية تحيين البرنامج الوطني لمحاربة التصحر في خلق أرضية ومرجعية للاندماج القطاعي من أجل محاربة التصحر.
وبخصوص الشق المتعلق بالحفاظ على التنوع البيولوجي والإيكولوجي، في إطار المخطط المديري للمناطق المحمية، فقد أنشأت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر منذ 2005، عشر منتزهات وطنية على مساحة تقدر بـ 772000 هكتار، وثلاث محميات للمحيط الحيوي، بهدف إعادة استطان الأصناف الحيوانية، والنباتية المهددة بالانقراض.
وفي هذا الصدد، وجب التذكير على أن المغرب، يستضيف منذ سنة 2017، وحدة التنسيق الإقليمية لاتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة التصحر بإفريقيا، التي تعد نتاجا لمسلسل من العمل الجاد، الذي انطلق منذ 2015، وتم الإعلان عنه على هامش فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ (كوب22)، الذي انعقد بمراكش سنة 2016 ، حيث وضع المغرب خبرته في هذا المجال في خدمة البلدان الإفريقية، وإن أساس هذه الخبرة يبين على أن نماذج التنمية يجب أت تكون مستوحاة من التنمية العامة لكل جهة ايكولوجية، ويجب أن تكون المخططات القطاعية، كتنزيل على مستوى المجال.
وقد حضر هذه التظاهرة ممثلون عن جميع القطاعات المعنية ووكالات التنمية، والسلطات المحلية، ومؤسسات، وجمعيات البحث العلمي الناشطة في مجال مكافحة التصحر.
عن جريدة: فاس نيوز ميديا