أجريت برحاب كلية الشريعة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس صبيحة أمس الثلاثاء 31 يوليوز 2018 مناقشة أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في الشريعة في موضوع:” التدبير المالي للأوقاف العامة دراسة فقهية وقانونية”، تقدم بها الباحث عبدالحق الصبوني والذي يشغل في نفس الوقت منصب المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بتاونات، وتكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة: الدكتور حسن الزاهر (كلية الشريعة بفاس) رئيسا ومشرفا، الدكتور إبراهيم با محمد (كلية الشريعة بفاس) عضوا، الدكتور إدريس جويلل (كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس) عضوا، الدكتور عبد المجيد الكتاني (كلية الشريعة بفاس) عضوا.
استهلت المناقشة بكلمة لرئيس اللجنة عرض فيها راهنية وأهمية الموضوع وحيازته لقصب السبق إذ تعتبر أول أطروحة تتناول مالية الأوقاف العامة بالدراسة والتحليل خاصة مع صدور مدونة الأوقاف المغربية وأن كلية الشريعة دأبت على مواكبة المستجدات التشريعية وتفتخر بمثل هذه الرسالة العلمية، ليتناول بعد ذلك الباحث الكلمة لعرض تقرير أطروحته ليبين أن القضايا المتعلقة بتدبير مالية الأوقاف العامة تعتبر أهم مستجدات مدونة الأوقاف والتي أفردت لها الباب الرابع منها، المواد من 133 إلى 165 والقرارات الوزيرية الصادرة لتطبيق هذه المقتضيات خاصة القرار رقم 2685/13 الصادر في 19 شتنبر 2013 بسن التنظيم المالي والمحاسبي الخاص بالأوقاف العامة. والتي يمكن القول إنها تشكل تأسيسا لمرحلة جديدة في تدبير الوقف، واعتبر أن سؤال التدبير المالي للأوقاف العامة ليس وليد اليوم وإنما هو قديم طرحه الفقه الإسلامي فأجاب عنه بما دونه الفقهاء في إطار محاسبة الناظر، ومعظم ما جاء فيه أحكام اجتهادية صرفة اقتضتها ظروف الحال لعدم وجود نص صريح من الكتاب أو السنة ينظمها أو يبين أحكامها وإنما هي أمور قياسية على ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عند محاسبة من ولاه على الصدقة، وقد جعل الإمام الماوردي في الأحكام السلطانية مشارفة الوقوف من اختصاصات السلطان يتولاها بنفسه أو ينيب عنه ناظر المظالم وهو نفس النهج الذي اعتمده ملوك الدولة المغربية الشريفة عبر التاريخ ورسخه ظهير مدونة الأوقاف الذي جاء في المادة الثانية منه:” يعتبر النظر في شؤون الأوقاف العامة من صلاحيات جلالتنا الشريفة بصفتنا أميرا للمؤمنين ويقوم بهذه المهمة تحت سلطتنا المباشرة وزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية، في إطار التقيد بأحكام هذه المدونة والنصوص المتخذة لتطبيقها”.
ومن هنا تتجلى جلالة قدر مؤسسة الوقف وأهمية البحث فيها، حيث يعتبر البحث في موضوع الوقف خاصة في جانب التدبير المالي بحثا في قضية عملية من قضايا الواقع وإشكال من إشكالاته يتجاوز البحث النظري الصرف من شأنه المساهمة في الجهود الرامية إلى حسن تدبير أموال الأوقاف العامة والحفاظ عليها والرقابة الصارمة على تدبير شؤونها معالجا إشكالية رئيسة وهي : بيان مدى نجاعة المقتضيات الواردة في مدونة الأوقاف والنصوص المتخذة لتطبيقها في تدبير أمثل لمالية الأوقاف العامة، لضمان تدبير يتسم بالحكامة في التنفيذ والتنظيم والصرامة في الرقابة، وذلك لتوفير الحماية اللازمة والضرورية لهذه الأوقاف حتى تضطلع بأدوارها كاملة.
ثم خلص في النهاية إلى عرض أهم النتائج التي تم التوصل إليها من خلال هذه الدراسة ومنها:
– تثمين إصدار المشرع المغربي لمدونة الأوقاف الجامعة للأحكام الفقهية في مجال الوقف والمنفتحة على الآفاق المستقبلية.
– تبني المشرع المغربي للاتجاه الفقهي الموسع من مجال استثمار الأوقاف
– إعمال مقصد ونية الواقف المتجهة للإنفاق في سبيل الله بدل حرفية شرطه
– الاعتراف للوقف العام بالشخصية المعنوية
– وحدة الذمة المالية للوقف وما تتيحه من إمكانيات لتنويع وتحديث الصيغ الاستثمارية للأموال الموقوفة وقفا عاما.
– إمكانية إصدار السندات الوقفية
– إحداث جهاز للمراقبة المالية
– إحداث المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة.
حيث ثمن الباحث النص على هذه المستجدات التشريعية، إلا أنه قدم انتقادات واقتراحات لتعديل بعض المقتضيات القانونية حتى يتمكن الوقف من المساهمة الفعالة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية بالإضافة إلى دوره الرائد في المجال الديني.
وبعد ذلك تناول الكلمة السادة الأساتذة أعضاء لجنة المناقشة والذين أجمعوا على القيمة العلمية لهذه الأطروحة وتناولها لموضوع في غاية الأهمية والحساسية وغير مسبوق، وستكون مرجعا أساسيا وضروريا لكل باحث في مجال الوقف مستقبلا وذلك نابع من مزاوجة الباحث بين الجانب النظري والعملي التطبيقي بحكم وظيفته المهنية.
وبعد المداولة قررت اللجنة قبول الأطروحة ومنح السيد عبد الحق الصبوني درجة الدكتوراه في الشريعة بميزة مشرف جدا مع التوصية بالطبع
عن موقع : فاس نيوز ميديا