موسم مولاي عبد الله أمغار بين الممارسات الإيجابية والانفلاتات السلبية (مقالة رأي)

موسم مولاي عبد الله أمغار أحد أعتد وأقدم المواسم والتجمهرات الشعبية بالمملكة المغربية بشكل خاص والقارة الأفريقية بشكل عام، حيث لا زال يعمر برباط تيط – مركز جماعة مولاي عبد الله حاليا – لمئات السنين بل وأصبحت فرصة لا تعوض للرفع من قيمة مجموعة من المجالات بإقليم الجديدة سواء في الجانب الاقتصادي وإنعاش الشغل ولو بصفة مؤقتة، بالإضافة للجانب الديني الروحاني والجانب السياحي دون نسيان الجانب التراثي لمنطقة دكالة ككل المعروفة بشكل كبير بأنها منطقة الخيل و التبوريدة، لكن ولأننا لا نناقش فقط من أجل التعريف لابد من طرح أسئلة موجهة على سبيل المثال، إذا ما كان موسم مولاي عبد الله معروف بالطقوس الدينية و فن التبوريدة التقليدية بالنهار و فن الحلقة و السهرات الشعبية بالليلة فهل هناك ممارسات أخرى خفية يتستر عليها الغالبية سواء من جهات رسمية ودونها؟ وإذا كان ميزانيته تعد أكبر ميزانية مخصصة للأنشطة الموسمية بالمغرب، لماذا لا نجد إضافات إيجابية وتنموية للمنطقة بعد اختتامه؟ لماذا لا يستغل هذا المهرجان لما بعده؟ هل هو راجع لقصر نظرة المسؤولين أم لحاجة في نفس يعقوب أم أنه فقط يمر مرور الكرام دون تقديم الإضافة؟ هي أسئلة رهينة بمن هم مشرفون عن هذا الموسم. بالعودة إلى منطقة رباط تيط ” تيطنفطر” أو مركز جماعة مولاي عبد الله فهي تقع في الوسط الجنوبي للمملكة المغربية ضمن إقليم مدينة الجديدة على بعد 10 كلومترات من عاصمة إقليم دكالة مدينة الجديدة عبر الطريق الوطنية رقم 301 الرابطة بين مدينة الجديدة و أسفي، و التي تتميز بتاريخها العريق الذي يعود لعدت قرون قد خلت و تعتبر من أقدم المدن تاريخيا و من كبرياتها كما ذكر ذلك ابن فضل العمري في كتاب مسالك الأبصار، بالإضافة إلى أنها كانت ولاية تابعة للإمارة الوطاسية في عهد السلطان محمد الوطاسي الذي حررها من يد البرتغال، أكيد ليس هناك تاريخ مضبوط لتأسيسها و من أسسها لكن ما عليه إجماع اليوم هو أن تاريخها يزيد عن 13 قرن من الزمن، بالإضافة إلى عين فطر أي مركز جماعة مولاي عبدالله حاليا تعتبر من أهم الجماعات الترابية بالمغرب لما تزخر به من موارد ثقافية و اقتصادية وسياحية و حتى علمية و دينية، وذلك بتواجد أول و أكبر ميناء خام في المغرب وإفريقيا و يتواجد في أعماق المحيط الأطلسي، بالإضافة إلى تواجد منتجعات سياحية بمقدمتها منتج السياحي سيدي بوزيد و الذي يعتبر الوجه المفضلة لأغلبية المغاربة، بالإضافة إلى كون المنطقة تعتبر منطقة فلاحية بامتياز، و أيضا تتميز شواطئ جماعة مولاي عبد الله بوفرة مادة الطحالب البحرية ذات الجودة العالية جدا و التي تستعمل في الأدوية الكيمائية و أيضا كمواد حافظة و غيرها من المميزات الأخرى التي تجعل من مركز مولاي عبد الله في ما مضى يتبوأ لقب أغنى جماعة ترابية قروية بالمغرب بتعداد ساكنة يتجاوز 74671 نسمة حسب وزارة الداخلية بما يقارب 69 دوار تابع لجماعة مولاي عبد الله، كما تعتبر جماعة مولاي عبد الله المركز و المحور الأساسي لفن التبوريدة التقليدية بالمغرب حيث يستقطب موسم مولاي عبد الله أمغار ما يزيد عن 1928 فارس و 21750 خيمة في حين أن عدد زوار الموسم تجاوز 1200000 زائر و هي أرقام رسمية خاصة بالمجلس الجماعي لمولاي عبـــد الله، و من هذا كله سنجد أن هذه التظاهرة تعتبر من أهم التظاهرات التي تنظم على مستوى المملكة المغربية، و بالتالي رغم كل هذا سأطرح سؤالا، لماذا و لحدود اللحظة لا نلمس أي تنمية حقيقية داخل هذه الجماعة الغنية بكل شيء بتراثها وصناعتها و فلاحتها و ثروتها الطبيعية؟؟ لماذا ورغم الميزانية الهائلة التي تسير بها هذه الجماعة وكثرة مهرجاناتها و وفرة مواردها وزوارها لا تزال بنياتها التحتية لا ترقى حتى إلى المستوى الأساسي للعيش؟ أما الطرقات فتعتبر شبه منعدمة، فرص الشغل غير متوفر لأبناء الجماعة، الحركة الاقتصادية شبه متوقفة إلا موسميا رغم تواجد أكبر مركب صناعي بأفريقيا، الثروات البحرية غالية الثمن رغم غزارتها في المنطقة، بالإضافة إلى مجموعة من الأشياء الأخرى التي تميز هذه الجماعة التي ما فتئت كل الجهات الرسمية والشبه رسمية بنعتها جماعة فقيرة وليس لها القدرة على تبني مشاريع كبيرة وتنموية. لن يختلف معي اثنين إذا ما قلنا أن موسم مولاي عبد الله أمغار يعتبر بوابة اقتصادية وسياحية ودينية وترفيهية وثقافية وفرصة لمجموعة من الأشخاص على الأقل لتحصيل أو ضمان مدخول لمدة أقلها عشرة أيام، أي أن موسم مولاي عبد الله أمغار يعتبر أحد المنافذ الأساسية التي تقدم الإضافة الكبيرة لجماعة مولاي عبد الله والجماعات المجاورة لها، بحيث أن ما تحصده جماعة مولاي عبد الله وساكنتها خصوصا من حيث الجانب الإيجابي هي أشياء تفرح كل متلقي لها والتي أسرد منها ما يلي: – توفير فرص شغل ولو أنها فرص مؤقتة. – التعريف بمنطقة مولاي عبد الله أمغار كوجهة سياحية ودينية وثقافية. – الحفاظ على استمرارية التراث والموروث الديني والثقافي وخصوصا فن التبوريدة وفن الحلقة. – خلق رواج اقتصادي وسياحي بالمنطقة وبالمناطق المجاور بحكم الكم الهائل لعدد الزوار. – الحفاظ على التراث والموروث الثقافي. تعتبر هذه من أهم النقاط التي تحصدها جماعة مولاي عبد الله وساكنتها وباقي المناطق المجاورة على سبيل المثال مدينة الجديدة، وهي أشياء أكيد يجب الافتخار بها والتنويه بها وتطويرها سنة بعد سنة بغية إنهاء داك الركود الحاصل على طول السنة، وجعل من جماعة مولاي عبد الله احدى الوجهات المحببة إلى سُياح الداخل وسُياح الخارج، لعراقة تاريخها ومرجعياتها وما تتميز به من أثار. أكيد لكل عُملة وجهين ولكل حدث إيجابياته وسلبياته، لكن هناك عوالم خفية لكل حادث، وأيضا لموسم مولاي عبد الله أمغار مجموعة من السلبيات التي تعتبر من مخلفاته وأيضا عوالم خفية لا يعلمها إلا من هم على درايا بالكواليس التي تقع قبل وأثناء وبعد الحدث -موسم مولاي عبد الله أمغار- والتي من شأنها عدم المساهمة في تحقيق الإيجابيات السابقة أو الوصول إلى تلك النتائج المنشودة والتي سأسردها على شكل عوارض. الشق التسييري الإداري قد نجد: – طرق تدبير وتسيير توزيع الأكشاك والمساحات وخصوصا للفئة المعطلة من أبناء الجماعة. – طرق تدبير وتسيير مصاريف ومداخيل موسم مولاي عبد الله أمغار وخصوصا إذ لحظنا أن الكم الهائل من المستشهرين الذي يصل إلى أنه الأكبر والأضخم على الصعيد الوطني. ” وانعدام الشق التواصلي للتعريف بمداخيل الموسم ومصاريفه وكيفية استغلالها من طرف المسييرين”. – الحروب السياسية الخفية من الفئة المنتخبة بالمجلس الجماعي لجماعة مولاي عبد الله. – طرق تدبير المقاربة الأمنية، لأن كل سنة لا يخلوا الحدث من قتلى ومصابين واعتداءات وحالات سرقة وغيرها… – غياب تصميم مهيكل للتنصيب الخيام لتسهيل عملية ضبط المرتادين على الموسم. – تسويق أكبر كم من اللحوم الفاسدة ولحوم حيوانات كالكلاب والحمير. – تسويق كم هائل من المواد الفاسدة أو منتهية الصلاحية وأحيانا بمباركة الجهات الوصية. – افتتاح خيام للدعارة وممارسة البغي في أماكن عمومية وبالعلن دون حسيب أو رقيب بحكم أن الخيام ليس لها أماكن محددة. – منح ساكنة مركز مولاي عبد الله جوائز جد رائعة كالنفيات والبعوض وغيرها من الكوارث. – قلة الموارد البشرية المعبئة من طرف الأجهزة المنظمة للقيام بما من شأنه خلق الطمأنينة للزوار من حيث الأمن والمراقبة الغذائية وغيرها… – الارتفاع الصاروخي لأثمنة استهلاك الماء والكهرباء بالنسبة للساكنة بعد نهاية المهرجان. – غياب شبه تام لجمعيات المجتمع المدني التي تنتمي لجماعة مولاي عبد الله سواء عبر الإقصاء من طرف الأجهزة الوصية أو لعدم رغبة الهيئات نفسها. هو فقط غيض من فيض لجملة من الإيجابيات و السلبيات التي يخلفها لنا موسم مولاي عبد الله أمغار، و الذي بعد مئات السنين من التنظيم لازلت جماعة مولاي عبد الله لم تستفد في جل المجالات بداية من البنيات التحتية حدث و لا حرج، و المرافق الحيوية قد نقول شبه منعدمة و المقاربة الأمنية تكاد تخدل المواطن الامغاري، لكن هذا لا يمنع أننا قد نقول أن من العوامل التي جعلت رباط تيط أو مركز جماعة مولاي عبد الله ذات سيط وطني و دولي هو موسم مولاي عبد الله أمغار، و سأختتم مقالتي بسؤال للمسؤولين، لو أننا استغلينا تواجد أكبر و أعمق مجمع صناعي للخام في أفريقيا “الجرف الأصفر”، و أعتد و أقدم و أكبر موسم شعبوي بالمغرب و أفريقيا “موسم مولاي عبد الله أمغار”، و أكبر مجمع كيميائي بأفريقيا، كيف ستكون جماعة مولاي عبد الله؟؟؟؟؟

الكاتب: عبد الاله رشقي

عن موقع : فاس نيوز ميديا