كتب الصحفي الأمريكي ستيفن كوك على موقع “فورين بوليسي” مقالا تحت عنوان: “محمد بن سلمان ضعيف، ضعيف، ضعيف”، يحاول من خلاله تحليل الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا.
في بداية مقاله، أعرب كوك عن دهشته من الموقف السعودي إزاء كندا، واصفا إياه بالمتهور. ويقول الكاتب أن كندا “تجرأت” ونشرت عبر وزيرة خارجيتها الجمعة الماضية تغريدة على موقع توتير تعرب فيها عن قلقها حيال اعتقال ناشطات في مجال حقوق الإنسان في السعودية، مطالبة الرياض بالإفراج الفوري عنهن.
ويضيف كوك “هذا كل ما في الأمر، لم تطالب أوتاوا بعقوبات على الرياض، ولم تتعاطف مثلا مع الحوثيين في اليمن! فما كان من السعوديين إلا أن طردوا السفير الكندي لديهم واستدعوا سفيرهم، بالإضافة إلى إلغاء بعثات نحو 16 ألف سعودي في الجامعات الكندية”.
فلقد رأت السعودية أن “التغريدة” الكندية تمثل انتهاكا لسيادتها.
ويقول الكاتب إن الموقف السعودي لم يكن متوقعا حتى من دولة مثل مصر، والتي “يستمتع رئيسها باحتقار المجتمع المدني والناطشين والمتعاطفين معهم دوليا”!
ماذا وراء هذا الموقف المتهور؟
ويتابع الكاتب أن عدة نظريات يمكن أن تفسر الرد السعودي على “التغريدة الكندية”.
ويرى بعض المحللين أن الموقف السعودي يأتي استكمالاً للسياسة المتهورة على الصعيد الخارجي التي ينتهجها ولي العهد محمد بن سلمان، بينما يرى البعض الآخر أن الموقف موجه للداخل أكثر منه للخارج، لإيصال رسالة إلى السعوديين أن الإصلاحات في المملكة هي فقط ما يقرره ولي العهد، وأن من يطالب بأكثر مما يأمر به محمد بن سلمان فسيعرض نفسه للخطر.
من وجهة نظر الكاتب، كلا التحليلين صحيحين، حيث أن محمد بن سلمان “يتميز” بمزيج من التهور والسطحية وعدم النضج والطغيان.
كذلك اعتبر المحلل السياسي كوك أن “اعتقال من لدية رؤية مجتمعية مختلفة عن تلك التي تطرحها القيادة السعودية، إنما ينم عن الضعف، من الناحية الأخلاقية والسياسية، مضيفاً أن “النساء اللائي يقمعن في السجون السعودية في الوقت الراهن، كان يجب إسكاتهن قبل أن يكشفن ثغرات المشروع الذي تطرحه القيادة”.
وهذا الإكراه على السكوت ينم على القوة الغاشمة والضعف السياسي في نفس الوقت.
والإصلاحات التي تعلن عنها المملكة تبدو جوفاء أمام اعتقال المعارضين، واتهام هؤلاء المعارضين بأنهم كانوا على اتصال بجهات أجنبية لا تعدو إلا مراوغة غير مقنعة من القيادة السعودية، التي تخشى أن يكشف الشعب السعودي عدم قدرتها على الوفاء بتعهداتها في مجال الإصلاحات.
السياسة السعودية تأتي بنتائج عكسية
ويذكر الكاتب أمثلة أخرى على “التهور السعودي” على صعيد السياسية الخارجية، مثل استقالة سعد الحريري المفاجئة في نوفمبر 2017، إلى قيادة التحالف العربي في اليمن، والأزمة الخليجية مع قطر.
ويقول الكاتب إن تلك السياسة المتهورة، ساهمت في حجب الجزء الآخر من الحقائق، حيث أنها جعلت المحللين يرون أكثر التجاوزات السعودية، في اليمن على سبيل المثال، متجاهلين انتهاكات الحوثيين، فيما أصبحت قطر ضحية، غير أنها ليست بريئة بالمجمل.
وكذلك فحملات الاعتقال التي تقوم بها القيادة السعودية، تحجب أي محاولة للإصلاح يقوم بها ولي العهد، وتظهره بمظهر غير شعبي في الداخل السعودي.
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن ولي العهد السعودي اختار أن يخوض حربا مع البلد الخطأ. ليس فقط لأن كندا بلد قوي ولكن لأن أوتاوا لها مواقف واضحة وثابتة في مجال حقوق الإنسان.
وبرد فعلهم المبالغ فيه، اختارت الرياض أن تتباهى بحالة الجنون والوهن التي أصبحت عليه.
عن موقع : فاس نيوز ميديا