من المفارقات العجيبة لقبة الأولياء الصالحين توزيع خروف العيد على المريدين والأتباع، من مساطر الاستفادة من الريع والمال العام التوقيع على صرف ميزانية 200مليون سنتيم لأجل شراء أكباش عيد الأضحى لأكثر من 600 موظف يشتغلون بالمؤسسة التشريعية. هي المصادر المطلعة التي أوردت خبر التأشير على لوائح الموظفين وأعضاء الديوان ورؤساء المصالح والأقسام والمدراء والمتعاقدين الذين سيتوصلون من جمعيتي الأعمال الاجتماعية ب (3000 درهم ) كدعم لشراء أضاحي العيد.
كنت لا أود تناول الموضوع بالكتابة و التعليق عليه، مادام لم يرد بيان من المؤسسة التشريعية يؤكد أو يكذب الخبر. لكن ما أثار فضولي بعض الملاحظات الوجيهة من الخبر لا عن صدق مصدره أم لا. ملاحظات تتحدد في عدد الموظفين المرتبطين بالمؤسسة التشريعية(600 موظف) ، هو الرقم الذي أفزعني كثيرا فحتى أجنحة الأمم المتحدة ومجلس الأمن لا يضمان هذا الجيش العرمرم من الموظفين. صدقوني حين حضرت مجموعة من الأفكار بالتداول على مخيلتي قلت، كم هو حلو مذاق ثدي ريع الدولة !، كم هو لذيذ لحم شواء خروف (جابوا الله فابور) !.
هو المال العام الذي يجب أن يستفيد منه المغاربة على السواء حتى في الهوامش القصية من حدود المملكة. هم موظفو الدولة بجميع القطاعات الحكومية الذين لا ينالون إلا الاقتطاعات المتلاحقة من أجورهم بدل تعميم هبة كبش العيد عليهم. هم حماة الوطن يوم العيد في مواقعهم الحدودية ولا من يفكر في أسرهم، هل حصلوا على خروف العيد أم لا؟. هم من لا دخل لهم ، ولا من يفكر فيهم، و لا في إسعاد أسرهم المنهوكة بمتطلبات قهر المعيشة.
لن أدفع برأي مؤسستنا التشريعية بالصدقة ونيل الريع من مال الدولة العام وتوزيعه على موظفيها، لن أقبل إلا بمعادلة الإنصاف و تكافؤ الفرص بين طبقات الشعب . لن أنجر وراء الحسنات الاجتماعية للدولة تجاه رعية الفقر، مقابل السلم الاجتماعي ودوام الإصلاحات البطيئة. ولكن أدفع إلى ممارسة تحصين الكرامة و الرفع من مرد وديات فصول الدستور، والعناية الأخلاقية التضامنية مع كل مكونات ساكنة الوطن، أدفع إلى تحقيق المساواة في توزيع عوائد الثروة الوطنية على الجميع ودون تمييز إيجابي (موظف بالبرلمان)، أدفع إلى تمكين الشعب من العمل و الحد من ممرات الفساد والريع المضحك المفضي إلى بكاء الرثاء.
لموظفي المؤسسة التشريعية خروف العيد، وللشعب تسوق بالمجان (كيس ميكة ليوم العيد) لكل أسرة عبر جمعيات المجتمع المدني. لموظفي المؤسسة التشريعية (3000درهم) ثمن الكبش الأقرن الأملح، وللشعب (كيس ميكة/محرما قانونيا) ولا تعادل قيمته المادية (0,50سنتيما) . هي ( “…تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ …” / قران كريم /الآية 22 /سورة النجم)، هي القسمة الجائرة بين مكونات موظفي الدولة و التمييز المجحف. هي القسمة غي السوية بين مكونات الشعب المغربي من يوجد بمركز القرار ومن يسكن الهوامش. هي أن المؤسسة التشريعية الحامية لقيم العدل والعدالة الاجتماعية آثرت على موظفيها مدهم بثمن كبش عيد أملح لإسعادهم، وبعث الفرحة فيهم (جابوا الله فابور).
ما أسوأ (شي معيد من جيبو/ شي معيد بالكردي/ شي معيد بطريقة التضامن الشعبية/ شي ما وجد من يعيد له ولو بدجاجة…) وموظفو المؤسسة التشريعية معيدين من المال العام تحت تغطية الأعمال الاجتماعية، ما أسوأ أن تصبح قبة البرلمان المغربي تضم بين ثنايا مكاتبها المريدين والأوفياء لزوايا شيوخ أحزابنا الموقرة، ما أسوأ أن المال العام لا زال يباح استهلاكه بلا حسيب سند قانوني ولا مساءلة مفزعة.
محسن الأكرمين
عن موقع : فاس نيوز ميديا