قال السيد مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، اليوم الثلاثاء بالداخلة، إن الذكرى الـ 39 لاسترجاع إقليم وادي الذهب تعد علامة متميزة ومنارة وضاءة على درب الكفاح الوطني المجسد للإرادة بين العرش والشعب.
وأكد السيد الكثيري، في كلمة خلال مهرجان خطابي حضره على الخصوص والي جهة الداخلة – وادي الذهب السيد لامين بنعمر، أنه يحق لأبناء المنطقة أن يفخروا بما قدموه من تضحيات وأعمال جبارة في ملحمة الانعتاق والحرية، حيث كانوا سباقين لتقديم بيعة الرضوان للعرش المنيف إثر عودة الأسرة الملكية من المنفى، وواصلوا موقفهم التاريخي إبان استعادة المغرب لإقليم طرفاية سنة 1958 ومدينة سيدي إفني سنة 1969، كما أيدوا وواكبوا النداء الملكي السامي بتنظيم المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني سنة 1975.
وأضاف أنه، على امتداد كل هذه المحطات النضالية، أبلى سكان المنطقة البلاء الحسن وكللوا عملهم بالتحاق إقليم وادي الذهب بركب مسيرة التحرير في غشت 1979، حيث اجتمعت كلمتهم وتوحدت إرادتهم وبادروا إلى تجديد بيعة آبائهم وأجدادهم لملك البلاد ورمز السيادة ووحدتها جلالة المغفور له الحسن الثاني، متوجهين بأعيانهم وشيوخهم إلى القصر الملكي العامر بالرباط لتقديم الولاء. وقد توج هذا النصر الكبير بالزيارة الملكية التي قام بها المغفور له الحسن الثاني لمدينة الداخلة حاضرة إقليم وادي الذهب في 4 مارس 1980.
وأشار المندوب السامي إلى أن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالعيون بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، يعد بمثابة خارطة طريق ترتكز في مضمونها على استراتيجية النهوض بالتنمية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
وأوضح، في هذا الصدد، أن هذا النموذج التنموي، الذي جاء انسجاما مع الرؤية الملكية الطموحة الرامية لجعل هذه الجهة من المملكة قطبا تنافسيا بارزا على الصعيدين الوطني والدولي، وحلقة وصل بين أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء، يرتكز على ثمانية برامج تهم تقوية محركات التنمية، ومصاحبة القطاع الإنتاجي وإدماج المقاولات في النسيج الاقتصادي.
وأضاف أن هذه المشاريع التنموية الكبرى ستمكن من الارتقاء بجهة الداخلة – وادي الذهب كي تصبح في أفق سنة 2025 قطبا جهويا حيويا يؤهلها لتصبح جهة منتجة لفرص الشغل ووجهة سياحية متخصصة في تقديم عروض مبتكرة للسياحة البيئية والرياضية والترفيهية، وبوابة لولوج البلدان الإفريقية جنوب الصحراء.
وأكد السيد الكثيري أنه، بهذه المناسبة الغالية، وفي إطار العناية الملكية السامية بأسرة المقاومة وجيش التحرير، فقد تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس بأن أنعم على صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأوسمة ملكية شريفة بمناسبة الذكرى الـ 64 لليوم الوطني للمقاومة، ويتعلق الأمر بثلاثة شهداء سقطوا في المعارك البطولية التي خاضوها رفقة رفاقهم في النضال من أجل الاستقلال والوحدة الترابية.
وأشار إلى أنه بهذه المناسبة كذلك، وكما جرت العادة بذلك، سيتم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وذلك عربون وفاء واعتراف بمناقبهم الجليلة وأعمالهم الحميدة وتضحياتهم الكبيرة، وعددهم 11 وهم جميعا انتقلوا إلى دار البقاء، مضيفا أنه إلى جانب التكريم المعنوي، هناك أيضا التكريم المادي حيث سيتم توزيع 23 إعانة مالية بغلاف مالي إجمالي يقدر بـ 207150 درهم.
من جانبه، أكد رئيس مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، السيد الخطاط ينجا، أن بيعة وولاء سكان وقبائل الصحراء للعرش العلوي المجيد لم تكن وليدة الأمس القريب، بل إنها تشكل عقدا تاريخيا ورثناه عن آبائنا وأجدادنا، عبروا من خلاله عن مدى تعلقهم و ارتباطهم بالملوك العلويين سليلي الدوحة النبوية الشريفة، فاسترخصوا كل غال ونفيس وفاء لهذا الترابط، فكانوا بالمرصاد لكل الأطماع الأجنبية التي كانت تحوم بالمنطقة، وأبانوا عن شجاعة وبسالة كبيرتين في صفوف المقاومة وجيش التحرير عبر معارك عديدة مثل “أم التونسي” و”وادي الشياف” و”تكل” و”لكلات” و”اطويرف” و”العركوب”..
وقال رئيس مجلس الجهة إنه “بالنظر لأهمية هذا اليوم التاريخي ودوره في استكمال وحدتنا الترابية وجمع الشمل وتحقيق الأمن والاستقرار بهذه المنطقة، فقد كان بداية إعلان عن مسيرة تنموية جديدة، عرفت فيها جهة الداخلة – وادي الذهب، في ظرف وجيز، قفزة نوعية لا يمكن إنكارها”.
وأوضح، في هذا الصدد، أنه تم إيلاء العنصر البشري أهمية قصوى بتشييد المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية، والعمل على تأهيله وإدماجه في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، كما تم إيلاء عناية خاصة بالبنيات التحية والتجهيزات الأساسية ومد قنوات الصرف الصحي وإيصال الكهرباء والماء الشروب للساكنة.
وأشار السيد ينجا إلى أن هذه الجهود مكنت من فك العزلة عن هذه المناطق والتغلب على الإكراهات والاختلالات المجالية بالمنطقة، مما أهلها لتكون قطبا اقتصاديا مهما على الصعيد الجهوي والوطني وجعل منها قاعدة لتطوير التبادل التجاري والاجتماعي مع العمق الإفريقي للمملكة.
وقال إن تخليد هذه الذكرى يأتي اليوم في ظل الدينامية الإيجابية التي انخرط فيها المغرب وخاصة بأقاليمه الجنوبية، حيث أعطى جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة تخليد الشعب المغربي للذكرى الـ 60 لعيد الاستقلال المجيد، والذكرى الـ 40 للمسيرة الخضراء المظفرة والزيارة الميمونة التي خص بها جلالة الملك رعاياه الأوفياء بالجهات الجنوبية للمملكة، انطلاقة النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية والإعلان عن جيل جديد من المشاريع والأوراش التنموية.
إثر ذلك، قام المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ووالي جهة الداخلة – وادي الذهب والوفد المرافق لهما بزيارة تفقدية لورش تقوية حافة الكورنيش بمدينة الداخلة، الذي بلغت نسبة تقدم الأشغال به حوالي 65 في المئة.
ويهم المشروع، الذي رصد له غلاف مالي يبلغ 32 مليون و277 ألف و560 درهم، تقوية وتهيئة حافة الكورنيش للمنطقة الأولى على طول 360 مترا، والمنطقة الثانية على طول 190 مترا، والمنطقة الثالثة على طول 275 مترا.
ويندرج المشروع في إطار اتفاقية الشراكة لتأهيل مدينة الداخلة والمراكز الصاعدة (2016-2019)، بشراكة بين المجلس الإقليمي لوادي الذهب (صاحب المشروع) وبين المديرية العامة للجماعات المحلية التابعة لوزارة الداخلية، ووزارة السكنى وسياسة المدينة، وولاية جهة الداخلة – وادي الذهب (صاحب المشروع المفوض)، والجماعة الترابية للداخلة.
عن جريدة: فاس نيوز ميديا