قبل التفصيل في الإجابة عن هذا السؤال الغريب، علينا أولا أن نعرف بالمعنى الإجمالي والمتعارف عليه لهذا الصرح الصحي الضخم، المستشفى الإقليمي لتاوريرت.
أنشئ المستشفى الإقليمي لتاوريرت لتلبية الحاجيات الصحية لساكنة تتجاوز تعدادا الـ 200 ألف نسمة، في إقليم يعتبر من أكبر الأقاليم الجهة الشرقية للمغرب ، والأكثر تظهورا وتهميشا في المغرب، وقد تم تدشينه ليقي الإقليم من شر التنقل إلى مدينة وجدة لمستشفى الفرابي ، والمستشفى الجامعي ، خاصة وأن عاصمة الشرق تبعد عن تاوريرت بـ 108 كلمترات ، هذا البعد الذي لن يضيف على ألام المرض ألام التنقل.
تعرف تاوريرت حاليا مجموعة من الاحتجاجات التي ينظمها نشطاء على الفيسبوك، وكذا مواطنين ومواطنات قد وصل لهم السيل لأعلى مراتبه صعودا ، وذلك لما يعرفه هذا المستشفى الإقليمي والذي تعتبره الساكنة لا يرقى لأن يكون مستوصف لحي من الأحياء، بالرغم من شأنه المقدس الذي أنشئ من أجله.
المستشفى الإقليمي لتاوريرت عرف منذ إنشاءه مجموعة من الاختلالات على مستوى الخدمات التي يقدمها في مجموع أقسامه، لكنه في الآونة الأخيرة قد عرف اختلالات جد واضحة في جملة من المرافق الحيوية على رأسها “سكانير” الذي تم تدشينه من طرف عامل إقليم تاوريرت في مدة لا تتجاوز الشهور ، ولازلنا لحدود الساعة نسمع جملة ” سكانير خاسر “، وما على المواطن المسكين إلا تضعيف الألم المرضي لألم الجيب ، والتنقل إلى مدينة وجدة .
مؤخرا كانت ساكنة تاوريرت على موعد مع فاجعة دهس مقاتلة لبيع الخمور لشاب لا يتجاوز سنه الـ 22 سنة، هذا الدهس الذي تم على إثره نقل الضحية للمستشفى الإقليمي لتاوريرت، ومنه إلى وجدة ، وإضافة إلى غرابة كون المستشفى الذي من الملزم عليه تقديم هذه الخدمات الصحية لهذا الشاب وإنقاذه من الموت، أضيف أمر غريب هو عدم وجود جهاز التنفس الاصطناعي. في سيارة الإسعاف التي استعملت في النقل، ليضاف أمر في غاية الغرابة وهو تغيير سيارة الإسعاف في محطة للبترول لتدارك الموقف المحرج، لكن السيارة الثانية هي الأخرى لا تتوفر على هذا الجهاز، لتختتم هذه الجولة المؤسفة بعدم مرافقة ممرض مختص في التخدير والإنعاش للضحية ، وما هي إلا أيام قليلة قبل أن تستفيق ساكنة تاوريرت على خبر وفاة الشاب ضحية عملة الدهس بالمستشفى الجامعي بوجدة.
إن المستشفى الإقليمي لتاوريرت، وهو الذي كان من المنتظر أن يساهم في تنمية صحية شاملة للإقليم، وتقريب الخدمات الصحية من المواطنين والمواطنات، أصبح اليوم حالة جد مستعصية لساكنة تاوريرت المغلوبين على أمرهم، ليضيف إلى مشكل التنقل إلى وجدة مشاكل أخرى على رأسها المواعيد التي تتجاوز مدتها في بعض الأحيان السنة.
تاوريرت المنسية، حاضرة لكنها غائبة ، نأمل أن تستفيق كباقي المدن التي تسير نحو تنمية شاملة في جميع القطاعات الحيوية والضرورية.. إلى أين يا تاوريرت؟
الحسين بنصناع
عن موقع : فاس نيوز ميديا