الخطر القادم من الشرق .. في متناول الجميع .. فهل من متدخل ؟

كان الحشيش الصنف الأكثر شهرة من المخدرات الصلبة، و قد كان متناوله قبل عقود قليلة يَتَوارى بعيدا عن أعين الناس هروبا و استحياءً من وصف “حشايشي” المُخزي الذي كان يلاحق متناوله، و يجعلهُ منبوذا بالمجتمع المُحافظ أنذاك. لكنه رغم ذلك لم يكن يسبب أي هيجان بل بالعكس كان يُدخل مستعمله في حالة ركود و رفض لأي نشاط بدني … ، و كانت العقوبات الزجرية رادعا لكل من ضُبِطَ متناولا أو مُرَوِّجا له. و قد أصبح الآن تَحضير ملفوف الحشيش “الجْوانْ” و تناولهُ شبه عادي و”عايَنْ بَايَنْ” في الأزقة و الشوارع و في شُرُفات المقاهي. و كانت هنالك تجارة خَفِيَّة موازية للحبوب المهدئة لمرضى الأمراض العقلية و النفسية التي كانت تُعْطى بوصفات طبية دقيقة و لا تُمنح بالصيدليات إلا تحت رقابة بالغة. و كان يستغلها بعض مُنْعَدمي الضمير لكسب دراهم معدودة، و كان مفعولها هي الأخرى مُهَدِّئا كالحشيش. و أما المخدرات الصلبة الأخرى و الحقن فلم تكن أنذاك في متناول إلا شرذمة قليلة نظرا لغلاء أسعارها و لم نكن نسمع عنها سوى في الأعمال السينمائية الأجنبية .
لكن الكارثة العظمى بدأت بظهور حبوب الهلوسة المُهَيِّجة “القرقوبي”بِمُسَمَّياتِها العديدة و بأثمنة قد تجعل أرخصها في متناول الجميع، و التي دَخَلَتْ عبر الحدود كتجارة لها عائدات مادية مُهمة للبعض، و أهداف تخريبية تستهدف شبابا، و ربما أحداثا، لتُحَوِّلَهم لوحوش آدمية قد تقوم بأشنع الجرائم و الأفعال، والتي قد تصل لحد القتل دون شعور، و التنكيل بالأجساد، و ربما في حق أقرب المُقَربين، و اغتصابات حتى في حق المحارم . زِدْ على ذلك حالات ترويع الناس بالظهور العلني بالشارع العام بأسلحة بيضاء بشتى أصنافها، و الهيجان و الكلام الفاحش أمام أعين الأطفال و النساء …

و ظهرت كذلك عادات سيئة دخيلة، كالشيشة التي كُنا لا نراها إلا في المسلسلات و الأفلام المصرية، يتناولها أُلوا العمامات من فُتُوات الحاراتِ …  و رغم عدم دخولها ضمن خانة المخدرات، لكن المقاهي التي تتخصص فيها تُوفر دهاليز شبيهة بالمراقص الليلية في وضح النهار، و على عينَكْ أَبَنْ عَدي” بأثمنة في متناول الكثيرين “، و تشكل بذلك مراتعَ للقاصرات و القاصرين المهووسين بحياة أبناء وبنات الليل.

أما النوع الخاص بالأثرياء من المخدرات الصلبة فقد بدا يُقَسَّطُ بأثمنة في متناول محدودي الدخل، ليَدخل المجتمع بأسْرِه في نفق مُظلم، أصبح الإحساس بانعدام الأمن و الخوف على الأجيال القادمة محسوسا و بِشِدَةٍ بين باحث عن ثمن المُخَدِّرْ، و هائج تحت تأثيره، لا يتوانَى عن فعل أي شيء لأجل الحصول عليه، و لا يخجل مما يَقْتَرِفُهُ من أفعال مُشِينة اتجاه مجتمع كان هادئا قبل حلول العاصفة.

مواطن فاسي

عن موقع : فاس نيوز ميديا