برزت في صفحتي الاجتماعية تدوينة من صديق تصف السيد عبد الله بوانو بأحسن رئيس تربع كرسي عمدة مكناس. توقفت مليا ولم تتسرع يدي على وضع (لايك) كما تعودت التعامل مع تدوينات صديقي الوفي لقيم الحداثة والتنوير. معاينة تدوينة الأفضلية بقيت عالقة بمستوى الإخبار والتفكير في صوابها أو عدمه ، نظرا لأنها تحتاج إلى تحقيق وتعليل والعلم بكيفيات مقايسات التدبير بالنتائج في عمل رئاسة مجلس جماعة مكناس، و استحضار الوقائع الحاسمة التي مرت منها مدينة مكناس عبر قياس أثر رئاسة مجالسها المنتخبة.
قد تقولون وما حاجتنا اليوم إلى وضع معايير التفاضل بين من مر برئاسة مجلس جماعة بمكناس المدينة؟، هنا نلتقط الجواب الأسهل من حيث دمج الماضي في الحاضر والمستقبل الآتي، و جعل صورة تدبير حاضرة مكناس في ميزان المفاضلة. وهو التفكير الذي من خلاله ممكن أن نلقي بكاشف ضوء نحو صورة حلم مدينة عنيد و مشاكس نتوخاه لمكناس بالجودة. ولأنني لا أميل إلى إصدار أحكام قيمة، فقد عملت على تفكيك نمذجة من أثر تدبير جماعة مكناس المدينة.
كيف لنا أن نصدق القول الوفير ونقول: (عبد الله بوانو أحسن رئيس لجماعة مكناس)؟، حين الإجابة عن هذا السؤال لم أجد رصيدا تاريخيا في مأثور جماعة مكناس تم تدوينه لكل فترة رئاسة بالمجلس، لم أستطع الاقتناع بما يحكى عن رؤساء جماعة مكناس السابقين شفهيا، حين وجدت معظم الحكي الذي تلقيته يغلب عليه طابع الصنف السياسي ويبتعد عن التنوع و الموضوعية، ويحمل مرات عديدة الهزل الممل . حكي لم يفرز لي لغة فرك الأرقام بالمفاضلة، وبقي على طول الخط سجين (روي/ زعموا/ قالوا). هنا أشكل علي وجه المقارنة ولو بحد مستوى قيمة المفاضلة (أحسن/ أفضل).
هذا من جهة، ومن جهة أخرى لم يساهم التراكم التاريخي لمنجزات كل رئيس مر بجماعة مكناس من تسجيل منجزات حصرية بالمدينة. بعدها بقي لذي التوجه إلى منطقة التنوع التعدادي و التراكمي لمنجزات السيد عبد الله بوانو بما أنه الحاضر، وممكن من خلاله أن نسلك طريقة أخرى لطرح موضوع المفاضلة تسمح لنا بحوار مثمر وبنتائج أكثر موضوعية.
من بداية القول نقر بـ (نعم) على النقلة النوعية التي عرفتها مكناس في عهد الرئيس عبد الله بوانو من جانب تفعيل موجهات هيكلة المدينة وتدوير إصلاحات البنية التحتية، نقر بأن المدينة أضحت في سكة حركة متوازية نحو امتلاك قيادة الحكامة الجيدة و مأسسة العلاقات التدبيرية، نعترف للسيد الرئيس على حسن إنصاته التام لكل الفئات المدنية والاجتماعية، نعلن مدى حركيته في إخماد مجموعة من المشاكل المفتعلة بالمدينة وداخل مجلس الجماعة حتى أني أصفه برجل الإطفاء و الحكمة الرزينة، استطاع بتجربته وحنكته على مستوى التدبير و التسيير على أن يقدم حلولا إجرائية وعادلة لمجموعة من الأعطاب المتراكمة بمكناس (النقل/ النظافة/ الحكامة/ التشاركية…)، استطاع أن يجعل من مشروع الجماعة الاستراتيجي(2016/2021) قاطرة للتنمية و دستور مدينة، استطاع إصلاح بعض أعطاب استقطاب الاستثمار حين مهد للمدينة بأن تكون قطبا مؤهلا للاستثمارات الدولية، أشرف على عمليات حل بعض مشاكل الاجتماعية(سيكوميك)، بات يفكر في تحسين مستوى الرقمنة والتكوين والدفع بالمدينة إلى فتح رهان (المدن الذكية).
هي قضايا نستحسن اشتغال السيد عبد الله بوانو عليها وفك كل شفرات معيقاتها، فيما أول ما ينبغي ملاحظته لن يكون من جانب تبخيس عمل الرجل، بل من جانب التوجيه والنقد الايجابي البناء، ملاحظة أولية تتمثل في قبضة سلطة الرئيس الحديدية على كل القضايا مهما صغر نوعها و اختلفت مشاربها، قبضة ممكن أن توصف من الطرف الآخر بسلطة تمركز القرارات وممارسة ديكتاتورية اختصاصات الرئاسة تجاه كل مكونات جسم مجلس الجماعة أغلبية كان أومعارضة.
إن أمر المتكلم (أنا الرئيس) لن يستقيم مع التوجه نحو مسلك الديمقراطية التشاركية القائم على مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة . فغرق الرئاسة في التدبير اليومي للورق والمشاكل المستجدة ترهق حتما رئاسة المجلس، وتركن اهتماماته لزاما بمداومة عمل المكتب و التأشير على كل القرارات. في حين أن أدوار الرئيس تقوم على خلق هندسة حكيمة لتسيير شؤون الجماعة و المرفق الإداري وفق تراتبية المسؤوليات و التكليفات.
رافعات خروج مدينة مكناس من الانتظارية القاتلة، تكمن في دعوة الرئيس إلى البحث عن حق نيل مكناس نصيبها من المال العام الوطني والترافع عن هذا المطلب بقوة، يحتم على الرئيس ترك مساحة فسحة في البحث عن الاستثمارات القادرة على امتصاص البطالة المنتجة للمهن غير المهيكلة (الفراشة/ كراريس البوبوش…).
فمكناس السيد الرئيس حبلى بالتحديات الكبرى وتتطلب تدخلات مقصية من قبيل تحريك مسطرة تحرير الملك العام ، من قبيل البحث عن حلول لتوطين الفراشة و سويقات (البراريك) لزوما داخل أسواق نموذجية، من قبيل خلخلة البنية الرياضية والوقوف سدا منيعا أمام عبثية تمطيط أزمة الرياضة بمكناس. هي مشاكل وغيرها عالقة بمكناس من الماضي القريب، ولن يتأتى امتلاك الحلول لها إلا من خلا ل تفعيل الديمقراطية التشاركية/ التفاعلية ، هي ذي الحقيقة الثابتة أمامنا والتي تحتم على السيد عبد الله بوانو تعبئة مضاعفة لإخراج المدينة من عنق الزجاجة، ومنها ممكن أن نصدر حكم قيمة إيجابي .
متابعة للشأن المكناسي محسن الأكرمين.
عن موقع : فاس نيوز ميديا