قصة تهريب حلويات البرلمان غطت على أجزاء خطاب الملك، وضاعت كل التوجيهات الملكية السديدة حينما انقض فئات معينة من برلمانيي الأمة على نيل عطية بركة (كاطو) القبة الخضراء. فحين تناطحت الصور الآتية من مخرج البرلمان في المواقع الاجتماعية تيقنا أن فئة معينة من ممثلينا لا يهمهم من الشأن المغربي إلا حلويات البرلمان، ويوم الافتتاح من قبل الملك.
حين تحدث الملك في خطابه عن (التعبئة الشاملة، والعمل الجماعي، وقيام كل واحد بدوره كاملا …) لم يفوت برلمانيو الأمة الفرصة واقتنصوا الأولى منها في التعبئة الشامل لأجل عملية القيام (بدوره كاملا) تجاه حلويات حفل الافتتاح، و شمروا على روح (روح المسؤولية والعمل الجاد) كشعار يطبق من بداية منطلق بهو البرلمان الذي ضم ما طاب ولذ من الحلويات الأنيقة.
قسمة (وزيعة) حلويات البرلمان هو نموذج حي من فشل (دينامية الإصلاح، التي تعرفها بلادنا…) كما ورد في خطاب الافتتاح، حيث يتم تقاسم قشدة خيرات الوطن وتوزيع الأدوار (اليوم أنا الأغلبية ، وغدا انا في المعارضة) والشعب يعيش سنوات تسويف و هدر زمن الإصلاحات الفعلية.
المشكلة تكمن في مستوى فهم وتفكير برلمانيي الأمة في الخطب الملكية (فالمصلحة الوطنية واحدة، والتحديات واحدة. ويبقى الأهم هو نتيجة عملكم الجماعي)، نعم فالفهم السطحي ركز على كلمات مقطعة (عملكم الجماعي…) فقط، حين ضبطت (الميكات) المحرمة استعمالها قانونيا خروجها محملة بالحلويات، كانت هي الأشياء المفزعة للضمير المغربي (اللهطة). هي من المظاهر المحزنة ، حين أصبح البرلمان يومها مركز حلويات وزكاة عين لها. لكننا، لن نعمم قولنا تماما بالتعويم ونجر على كافة أعضاء البرلمان اسم (الحلويون) فهناك الاستثناء حتى وإن قلت يوم (تويزة) طاولات حلويات البرلمان.
شوهة بينة وموثقة لتهريب حلوة البرلمان خارجه، شوهة مدوية في المواقع الاجتماعية لم تترك لخطاب الملك مجالا للتداول والتحليل وبناء العبر وموجهات الاشتغال الاستعجالية. فالملك تحدث عن الرفع (من الدعم العمومي للأحزاب، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها، في مجالات التفكير والتحليل والابتكار)، والسادة سياسيو الأمة من عزة فرحتهم بالمال العام الآتي من الدولة (بدؤوا بالكاطو). من شدة فرحتهم فتحت شهيتهم وشهية تجميع أكبر قدر ممكن من الحلويات الأنيقة وليست اللذيذة (لأن اللذة صفة قائمة بذات الحلويات أصلا). هي نماذج الأنانية المفرطة بشكل (اللهطة)، فهل بهذه التصرفات سيتم التعامل سياسي مع المال العام داخل الأحزاب؟ !!!.
خطاب الملك يؤسس لمراحل مفصلية وسياسية وطن يبتغي الحكامة والتغيير، وما حصل مع حلويات البرلمان يوضح بالتمام أن ممثلينا في غفلة تامة عن موجهات الملك الكبرى. فحين يقول الملك أن المغرب (كان وسيظل، إن شاء الله، أرض التضامن والتماسك الاجتماعي، داخل الأسرة الواحدة، والحي الواحد، بل وفي المجتمع بصفة عامة…) تجد أنانية البرلمانين ماثلة للعيان في تجفيف طاولات حلويات البرلمان بالتمام، وكأنهم (منشفة) حبر مرت على كل الأنواع و الأصناف، فكيف لمن يفكر في نفسه وأسرته ومعارفه أن ينتج شكلا تضامنيا وطنيا؟.
هو الفهم الرديء لبعض برلمانيي الأمة لموجهات الملك، فحين تحدث الملك عن (أشكال التبرع والتطوع والأعمال الخيرية…)، كان فهم معنى (التبرع ) عندهم بسيطا بحده الدارجي (التبراع)، فقرروا شكلا ولونا من (التبراع) والتطوع في إخراج حلويات البرلمان علانية ودون خجل من الكاميرات الموجهة عليهم عنوة (للفرشة) ، قرروا حمل (الكاطو) بصيغة (الأعمال الخيرية) والمقربون كانوا الأولى.
حقا، أتلف البرلمانيون بفعلتهم النكراء كل وصايا الملك السديدة، أتلفوا قول الملك، حين حث على (…وروح المسؤولية والالتزام)، ضاع التفكير في الإنكباب على ( … خلق المزيد من فرص الشغل). فيما كانت (التويزة ) التفاعلية للحلويات، قد أضاعت حتى التفكير في (تحسين ظروف العيش والاستقرار بالعالم القروي…).
الأصعب حين تجد الملك البلاد يشتغل بالسرعة القصوى لحل كل الإشكالات الاجتماعية ،الاقتصادية ،السياسية ، والسياسة الخارجية، وتقف على بضع نماذج جديدة من برلمانيي الأمة لا يفكر إلا في بطنه وحاشيته العائلية، أبهذا الشكل من التعامل ممكن أن نصنع (رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية) بالمغرب؟، أبهذا الشكل من نماذج القبة (الحلاويون)، ممكن أن يتم (التركيز على القضايا المستعجلة التي لا تقبل الانتظار، … كالتربية والتكوين، والتشغيل وقضايا الشباب، ومسألة الدعم والحماية الاجتماعية)؟.
حق القول حين قال الملك (إن الرهانات والتحديات التي تواجه بلادنا، متعددة ومتداخلة، ولا تقبل الانتظارية … فالمغرب يجب أن يكون بلدا للفرص، لا بلدا للانتهازيين. وأي مواطن، كيفما كان، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ، لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته، ومن فرص النمو والارتقاء…). والله لحق القول حين صدق على مهزلة (الانتهازية ) لحلويات البرلمان. أبهذا الشكل من الصور الصادمة و الأفعال صعب الحصول على طينة (… وطنيين حقيقيين، دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين، … يتحملون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات…) كما ورد في توجيهات الملك .
متابعة محسن الأكرمين.
عن موقع : فاس نيوز ميديا