دعاء الرحمة والغفران نعلنه جماعيا على أرواح شهداء قطار حادثة بوقنادل، دعاء الشفاء لكل مصاب من الحادث المؤلم و المفجع.
ينال الألم منا جميعا من عدة أحداث تتسابق بالتوالي على الساحة المغربية ، ألم حادث على مواقف ممثلي الأمة حين تسابقوا على تهريب حلويات البرلمان خارجا، ألم من التبريرات الواهية التي أبلغنا بها مكتب رئاسة البرلمان من (واقعة الحلويات)، ألم حين يختفي برلمانيونا عند الكوارث.
وبقدر الألم الجماعي الذي غطى على سماء المغرب، تتناسل الأسئلة حول أسباب حادثة قطار بوقنادل (سبعة قتلى من بين ركاب القطار، وإصابة حوالي 125 آخرين بجروح، سبعة منهم إصاباتهم بليغة ضمنهم سائق القطار ) ، يتناسل القول حول استعدادية المغرب على تدبير تلك المخاطر بكل احترافية، حول خطط التفكير في التقليل من احتمالية حدوثها مستقبلا.
بقدر ما يهم قرار فتح بحث قضائي من أجل استجلاء ظروف وأسباب الحادثة التي أدت إلى انحراف القطار المكوكي رقم ( 9) الرابط بين مدينتي الرباط والقنيطرة، بقدر ما نأسف عن جملة مآلات غير سليمة تتوالى أحداثها بعموم الوطن و تستوجب وقفة أكثر من تأملية.
قبل أن يخرج ذلك القطار ببوقنادل عن سكته، فقد خرجت قطاعات كثيرة عن سكتها الموضوعية زمانا وسجلت تسربا مدويا معلنا فشل نموذج التنمية بالمغرب، و تنامي كثلة الاحتقان الاجتماعي …خرج التعليم عن سكة الجودة والمجانية وسجل تسربا متتاليا بالإخفاقات المتراكمة، و بات يعيش إصلاح الإصلاح بلا نهاية له. خرجت مرفق الصحة من أخلاق العناية الدستورية للمرضى وأصبحت المستشفيات تعاني قلة صحة البنيات التحتية والموارد البشرية، خرج الاقتصاد الوطني من طموح تنمية عادلة بالمناصفة و الكرامة في كافة ربوعه وبآخر نقطة به إلى حافة تفاقم سلم الفقر.
فاجعة قطار بوقنادل أرجعتنا إلى روح التضامن و التكافل الاجتماعي في الكوارث مهما كان نوعها، أرجعتنا إلى أن التضامن في الحزن يستوجب تأجيل كل الأنشطة ذات الشكل الغنائي، والتفكير رسميا في إحداث أيام الحزن الوطنية، إلى إلغاء تلك المسلسلات (البئيسة) في التلفزة العمومية، إلى إلغاء أو تأجيل كل المهرجانات ذات الشكل الغنائي ولو بمدن البعد الجغرافي عن واقعة الحدث.
من ألم الحدث اختفاء ممثلي الأمة (البرلمانيون)عن ساحة الحدث ببوقنادل، حين كان الموت حاضرا، والحلويات تغيب، أرجعتنا إلى أن الأحزاب المغربية لا هم لها من المواطن إلا صوته يوم الاقتراع، فلا بلاغات صادرة عنها، ولا إعلان تضامن سليم مع الضحايا.
هو المغرب الذي ندعو له بالحفظ الرباني، هو المغرب الذي لا تضامن فيه إلا بين الطبقات الدنيا و المتوسطة، أما أصحاب المال فلا وجود لهم في ساحات الأحداث الكارثية. هو شعب المغرب القادر على صنع الحدث والتكافل الاجتماعي ولو بالتبرع بدمه لصالح الضحايا.
متابعة محسن الأكرمين.
عن موقع : فاس نيوز ميديا