عقوبات أميركية شرسة فُرضت، الاثنين، لاستهداف النظام الإيراني الذي لا يتوانى عن دعم الإرهاب، من المؤكد أن تفتك باقتصاد البلاد وتترك المواطن العادي أمام حياة لا يقوى على مواكبة غلائها، مما يمهد الطريق لاندلاع احتجاجات واسعة جديدة، قد تعيد البلاد هذه المرة إلى نهج ينقذ الشعب الإيراني من محنته المستمرة طوال عقود.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت “حزمة أولية” من العقوبات على النظام الإيراني، طالت الأحجار الكريمة والذهب والبنوك، بدأت بعد خروج أميركا من الاتفاق النووي، الذي أبرمته إيران مع الدول الكبرى عام 2015، وأثرت بشكل كبير على حياة الإيرانيين، خاصة مع هبوط الريال الإيراني بصورة كبيرة.
ومع العقوبات الجديدة (الحزمة الثانية)، التي فرضتها واشنطن بدئا من اليوم الخامس من نوفمبر، سيكون النفط الإيراني هو المستهدف، لذا فإن التأثير سيكون “مدمرا”، خاصة وأن النفط يمثل شريان الاقتصاد في البلاد.
وقال الباحث في الشؤون الإيرانية، عبد الرحمن الحيدري، لـسكاي نيوز عربية: “العقوبات الجديدة ستدمر النظام الإيراني، كونها تستهدف شريانا أساسيا، وبالتالي، فإنها ستؤجج احتجاجات المواطنين العاديين الذين وجدوا أنفسهم بين سندان النظام الإيراني ومطرقة العقوبات الأميركية”.
ويعاني أبناء الشعب الإيراني من معيشة صعبة، إذ يواجهون ارتفاعا كبيرا جدا في أسعار المواد الأساسية، مع انخفاض رواتبهم، وعدم تلقيهم لها في كثير من الأحيان.
وأوضح الحيدري مدى صعوبة الحياة في إيران في ظل ارتفاع الأسعار، قائلا: “بعد فرض الحزمة الأولية عقب خروج واشنطن من الاتفاق النووي، ارتفعت أسعار المواد الأساسية 70 في المائة، ووصلت في بعض المنتجات إلى 100 في المائة”، مشيرا إلى أن أسعار الطماطم، ومعجون الطماطم، قفزت في فترة سابقة إلى أكثر من 100 في المائة.
كما أشار إلى أن تذبذب الأسعار أصبح مصدر إحباط للمواطنين، إذ لم تعد الأسعار تتقلب من يوم أو شهر إلى آخر، وإنما أصبحت تختلف من ساعة إلى أخرى في كثير من الأحيان، فأسعار بعض المنتجات صباحا تختلف عن تلك المعروضة مساء.
ولا يقتصر الأمر بالنسبة للطعام، فالحصول على الدواء أصبح أيضا من الأمور التي تؤرق الإيرانيين، فهناك شح في الأدوية، كما أن الكثير منها، خاصة تلك التي تعالج أمراضا خطيرة مثل السرطان، ليست متوفرة إلا في السوق السوداء بأسعار مرتفعة جدا، لا يقوى عليها المواطن العادي.
ومع ارتفاع الأسعار وتضييق النظام الخناق على أبناء الشعب، أوضح الحيدري أن الفترة المقبلة لابد أن تشهد احتجاجات متأججة.
وقال: “تعاني الكثير من المدن الإيرانية من الإهمال والبطالة والغلاء ونقص الحقوق، وهي أمور ستتضاعف بعد فرض العقوبات”، لافتا إلى أن هناك احتجاجات تخرج بالفعل بشكل يومي في بعض المدن، مثل الأحواز التي يخرج فيها عمال الفولاذ بالإضافة إلى عمال البلديات، الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر.
وتابع: “من المؤكد أن احتجاجات ستخرج في مدن مثل العاصمة طهران، التي تشهد حراكا اجتماعيا قويا، وأصفهان ومشهد، التي انطلقت منها الاحتجاجات الكبيرة عام 2017”.
واعتبر الحيدري أن “التعويل الأكبر يقع على عاتق المدن غير الفارسية، مثل الأحواز، وسنندج في كردستان إيران، وزاهدان مركز بلوشستان”، قائلا: “الاحتجاجات في هذه المدن هي خليط من المطالب الاقتصادية والقومية، فهي بحاجة لتحسينات اقتصادية كبرى، بالإضافة إلى مطالبة أبنائها بأبسط حقوقهم التي سلبهم إياها النظام الإيراني”.
وشدد الباحث في الشأن الإيراني على أن “أهم عامل يضمن تحقيق تلك المطالبات هو استمرارية المظاهرات، وليس انطلاقها فقط”.
وأضاف: “إذا استمرت المظاهرات والحراك الاجتماعي والمدني، سيضطر النظام لإعادة حساباته، وقد تؤدي بالفعل لتغيير النظام، لكنها تحتاج للدعم المعنوي واللوجستي والإعلامي، خاصة من المجتمع الدولي”.
وختم الحيدري حديثه مع سكاي نيوز عربية بالقول إن النظام الإيراني “يعرف جيدا أن الكف عن سياساته التخريبية وملفه النووي يعني نهايته، لذا سيستمر بمحاولاته في إثارة الشغب والدمار والإرهاب في المنطقة من خلال ميليشياته، ليبعد الأنظار عنه”.
عن موقع: فاس نيوز ميديا