التفكير بصوت مسموع لتجويد منتوجات مهرجانات مكناس بات ضرورة واجبة ومحقة. لكن، حين يتم توجيه ملاحظاتنا لأثر عطاءات المهرجانات بمكناس، ممكن أن نوصف بأننا نركب موجة حث صخرة النقد والقضاء على الفعل التنشيطي بالمدينة، وممكن كذلك أن ننال قسطا وافرا من النوايا غير السليمة ونوصف أننا موجهين عن بعد.
المشكلة لدينا بمكناس لا نعلم أسباب نزول كل مهرجان على حدا، فهي تناسلت مثل الفطر وفي زمن قياسي، فيما المضحك أن لكل مهرجان تجد له مرجعية تاريخية مرتبطة بأسماء سياسية معلومة بمكناس. لا نعلم سر التراكم العددي لمجموعة من المهرجانات الخارجة عن السياق التاريخي بمكناس. لا نعلم سر التزاحم و التدافع على توقيع الشراكات مع رئاسة مكتب جماعة مكناس ونيل حسنات الدعم الطائي من المال العام. لا نعلم مدى التفكير في مهرجانات تتشابه ولا إضافة نوعية لها على الحقل الثقافي والفني بالمدينة. لا نعلم لما آثر مكتب جماعة مكناس أن يصنع له مهرجانا رسميا (مهرجان مكناس ) ينعقد تحت يافطة مجلس جماعة مكناس!!!.
حين نقف على غياب التراكم الثقافي و الفني الرصين بمكناس للمهرجانات، وتغريد كل مهرجان خارج السرب وفق حرب شرسة على المهرجانات المنافسة، حينذاك نستمر في تشييد العبثية للفعل الثقافي والفني بالمدينة. فيما تبقى حقيقة المهرجانات البارزة مكهربة، ولا تتضح للعموم إلا من خلال صرف المال العام، وهدر زمن التنمية بمكناس، وخلق فجوات الالهاءات الجانبية الموحلة في البهرجة.
القول الصادق بالتساؤل الإخباري، هل مكناس تحتاج إلى هذا الكم الهائل من مهرجانات الغناء؟ ، هل مكناس ليست لها أولويات كفيلة بالانكباب عليها؟، هل هذه المهرجانات لها أثر فاعل في التنمية المحلية ، أم هي مستهلكة للمال العام الخاص بالتنمية؟، ما رأي السلطات المحلية من منصات الغناء ومن تبريرات صرف المال العام؟، ما رأي أعضاء المجلس الجماعي من تقنين خطوات استهلاك سيولة صنبور الدعم الموجه للمهرجان؟، ما موقف أعضاء المجلس الجماعي من ترشيد صرف المال العام على منافع ذات أولية؟، هل مكتب جماعة مكناس يحرك لجان الافتحاص لمتابعة صرف المال العام في تلك المهرجانات؟، هل ممكن أن نتفق بأن مهرجانات مكناس هي يوم الافتتاح وحضور رمز السلطة الأول، وحفل الاختتام وتوزيع التكريمات والشواهد التقديرية، ولما مفاتيح أبواب مكناس؟.
ونحن صغارا، عايشنا بمكناس موسما واحدا تقليديا وإن حمل قسطا من الخرافة الاجتماعية، موسما كان يضمنا جميعا بالفرحة ويوحدنا بدو وحضر، إنه موسم (الميلود) المولد النبوي. موسما، كان يحرك العجلة الاقتصادية بالمدينة و السياحية الداخلية، موسم كان يلاقي الإقبال من طرف كل القبائل المجاورة، ومن جميع أنحاء الوطن. اليوم عملوا على قص أجنحة الموسم، اليوم ابتكروا مهرجانات فئوية ونوعية و مفرنسة، اليوم أصبحت البقرة الحلوب مالية الجماعة وتنافس صناع المهرجانات في الترافع عن ملفات بخسة ومكررة، وعلى الإتيان بوجوه مكناسية مليحة لنيل العطاءات وتوقيع الشراكات.
الأمر المحزن بمكناس، حين يعتقد البعض بأن المهرجان أكبر بصناعه و مدبريه ووجوهه المليحة، حين يتم التغافل بأن قيمة المهرجان يكون بزواره غير القاصرين، يكون في تفاعل المدينة برمتها معه، في العوائد النفعية السياحية والاقتصادية و التسويق لصورة مكناس. فحين تتكلف الجماعة بتغطية ليالي المبيت لبعض زوار ومشاركي المهرجانات فإن الأمر لا يعدو سليما، حين نستدعي وجوها غنائية معلومة و نحكم على برنامج المهرجان بالنجاح، فحدث ولا حرج !!!. لما لا نؤمن بأن مهرجانات مكناس ما هي إلا مرحلة للاستجمام وتجديد الراحة و توزيع التوقيعات والصور والابتسامات المستهلكة من المال العام؟. هو ذا (العام زين) قد عاد إلى مكناس، حين كنا ننتقد جمعيات السهول والأنهار.
(يتبع/ مهرجان مكناس، إلى أين؟).
متابعة للشأن العام بمكناس/ محسن الأكرمين.
عن موقع : فاس نيوز ميديا