شعب المغرب (فق من النعاس)، هي الإشارة الوجيهة للساعة العثمانية التي أمرت بــأن (الفياق بكري بالذهب مشري). نعم، فقد أفاقت التلاميذ من نوم أهل كهف المؤسسات التعليمية ومن رطوبة الفعل النضالي بها. أفاقتهم حين تم تكسير سياج الأفواه المكممة والخروج إلى الشارع والتعبير عن الغضب (الشعب يريد إسقاط الساعة). أبانت الساعة المضافة عنوة أن الحكومة لم تخلف موعدها مع التاريخ، حين أفسدت تقاعد موظفيها، حين حررت سوق المحروقات وتركت المواطنين في مواجهة لشظف العيش، حين أبانت عن فشلها في إصلاح المنظومة التعليمية و المرفق الصحي و الرعاية الاجتماعية، حين قررت ترسيم التعاقد وألقت بفئة عريضة من الشباب في دوامة مغلقة .
مرسوم العثماني كان عنوانه الأساس ” شعب المغرب (فق من النعاس)”. حينها صنع العثماني الحدث الوطني، وأبان بأن الدولة قادرة على خلق الطواحن الهوائية وجعل (فياق الشعب بكري من النعاس) يساوي خانة إلهاء (لعب و كول). استطاعت ساعة العثماني أن تزيد من طول أظافر الشعب نحو المطالبة (بإسقاط الساعة)، وبنفس المعطى استطاعت التقزيم من مطالب الشعب الكبرى إلى الحد الأدنى.
هي (التلفة) التي تلف عنق الحكومة تجاه جميع مكونات الشعب، فحين نتساءل، أين اختفت مطالب الشعب الكبرى ؟، ما هي احتياجات الشعب بحد الأولويات التراتبية ؟ ، تبقى الأسئلة معلقة بعلامات استفهام كبرى، فحين تعوض الكرامة و الحرية بمطلب إسقاط الساعة (هزلت)، حين يتم تغييب مطلب العدالة الاجتماعية بشموليته ويتم تأخير حديث التنمية التفاعلية بمتوالية ادفع (هزل مطلب إسقاط الساعة).
هي سياسة (التخربيق) الإستراتيجية لعمل الحكومة، تريد شعبا (يفيق من النعاس) على وضعية الصياح بالمطالب الدنيا، والتسويق للعالم أن المغرب به حرية التعبير و الرأي و الرأي المضاد ، هي سياسة قرارات (التلفة) التامة وتوجيه الشعب نحو مطالب صغيرة وبصيغة أضعف الإيمان. لكن خروج التلاميذ إلى الشارع قد جدد ضخ دماء نضال التنوير القديم (التلاميذي/ الطلابي) وأدخل النمل المسن (الأحزاب/ الفرقاء الاجتماعيين/ المجتمع المدني الكثيف…) في جحورهم خوفا من أن تدوس أرجل التلاميذ الغاضبة عليهم (لا نعمم القول). هنا الحق أقول بين قوسين (سيأتي يوم سيعيد فيه التلاميذ الخروج… ولن تستطيع الحكومة كبح اندفاع جيل 2000).
الآن، وصل الشعب الذي (فاق من النعاس) متأخرا ونسي مطالبه القديمة بحكامة توزيع الثروة، نسي مطالبه بمساءلة الفساد قضائيا وحضوره إلى المحاكم العادلة، نسي الشعب التضحيات القديمة في تحقيق العدالة والحرية والحد من اقتصاد ريع الامتيازات ، نسي أن أصل مشاكل المملكة المزاوجة (الجمع) بين ممارسة الفعل السياسي (التمثيلي) و ممارسة الاقتصادي (المالي).
شعب المغرب (فق من النعاس)، حين نتساءل متى بدأ النوم يسكن الشعب؟. نقف على أن سياسة التيئيس كانت موجهة نحو صناعة رؤية شعب سئم من كل إصلاحات الإصلاح ، سئم من مناهضة الظلم والحيف الذي يمارس على لقمة عيش الشعب، سئم الشعب حين يبح صوته سلميا ولا من عاقل مجيب لمطالبه.
سياسة التيئيس لزاما ستؤسس لصبح شعب بالمغرب (يفيق من النعاس وهو غاضب على المستقبل)، هي الإشكالات الخزان بالتراكم ، التي لن و لا نرضى تصريف غضبها في ظل وضعية مسايرة السلم الاجتماعي بإصلاحات البطء. يكفي من التسويف وبناء الأمل المبهم، يكفي من خطابات محاربة الفساد ونحن نعرف عناوينه، وأين ينصب له التذكار بكل مدينة؟. هي الدولة التي يجب أن تكون في خدمة الشعب، هي الدولة التي تدعونا للإنصات والتروي، وهي تتعنت بقبول المطالب حتى الصغرى منها (إسقاط الساعة) .
سياسة التيئيس لزاما ساهمت في صناعة مواطن طالح يحرق العلم المغربي(بئس الفعل وبئس فاعله)، في مواطن (قلة الترابي) يطالب بإسقاط الجنسية عنه. لن نجد أي مسوغ لهم غير التنكر من أفعالهم المشينة. أصعب سؤال ماكر حين نسأل، من المسؤول عن تلك التجاوزات الصادمة (بالحمق)؟، هل المدرسة المغربية فشلت في صناعة منتوج مواطن صالح؟، هل القيم الوطنية تدنت مستوياتها إلى الحد الأدنى ؟، هل هو فشلنا في بناء التشكيلة الديمقراطية المغربية الرشيدة؟، هل هي ضبابية المستقبل؟. حقيقة لا نريد شعبا (يفيق من النعاس غضبانا )، بل نريد إصلاحا حقيقيا بالموازاة مع تحقيق السلم الاجتماعي.
ذ/ محسن الأكرمين.
عن موقع : فاس نيوز ميديا