ترأس وزير الصحة، السيد أناس الدكالي، أول أمس الجمعة 15 فبراير 2019 بالرباط، لقاءً لإطلاق الاستراتيجية الوطنية المتعددة القطاعات للوقاية ومراقبة الأمراض غير السارية للفترة 2019-2029، بحضور ممثلي وكالات منظمة الأمم المتحدة، وممثلي التعاون الدولي المتعدد الأطراف والثنائي والإقليمي، وكذا ممثلي مختلف القطاعات الوزارية والمنظمات غير الحكومية.
وفي كلمة بالمناسبة أكد السيد الوزير أن الأمراض غير السارية، خصوصا أمراض القلب، أمراض السرطان، داء السكري، الأمراض الرئوية والأمراض النفسية، تشكل عبئا ثقيلا على نحو متزايد على الصعيد العالمي نظرا للعواقب الصحية والاقتصادية والاجتماعية على الدول اتي ترتفع فيها هذه النسب.
مضيفا أنه حسب منظمة الصحة العالمية، تتسبب الأمراض غير السارية في وفاة حوالي 40 مليون شخص في جميع أنحاء العالم كل عام، أي 70٪ من الوفيات العالمية، منها 15 مليون وفاة سابقة لأوانها، تمس الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و69 سنة، كما يمثل 82 ٪ من جميع الوفيات التي تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
من جهة أخرى، تعتبر الأمراض غير السارية مسؤولة عن 60 ٪ من العبء العالمي للمراضة، متجاوزة بذلك المشاكل الصحية الأخرى للقرن الحادي والعشرين. بالإضافة لذلك، فإن المنظمة العالمية للصحة تُركز على أهم عوامل الاختطار المرتبطة بهذه الأمراض وهي:
تعاطي التبغ والخمول البدني والنظام الغذائي غير الصحي والاستخدام الضار للكحول، وتؤكد أن التغلب على عوامل الاختطار هذه، تعتبر من الأدوات المهمة في مكافحة الأمراض غير السارية.
على عكس الأمراض السارية، لا يوجد هناك نظام عادي لجمع البيانات عن حالات الأمراض غير السارية أو عوامل الاختطار المرتبطة بها. وبالفعل، فإن أول مسح وطني لعوامل اختطار أمراض القلب والشرايين يعود إلى سنة 2000، وهو الأمر الذي لم يعد يسمح لنا نهائيا باتخاذ القرارات المناسبة للوقاية من هذه الأمراض ومكافحتها، خاصة بعد تسجيل واقع اللامساواة الذي عرفه قطاع الصحة لمدة بين الجهات، وبين عالم الأرياف والحواضر، وبين الفئات الاجتماعية عموما.
لذلك، يضيف السيد أناس الدكالي، كانت هناك حاجة لتعمل وزارة الصحة وتساهم من أجل تصحيح هذه الفوارق، وتضمن ولوج الجميع للخدمات الصحية ضمن رؤية استراتيجية تروم إصلاح المنظمة الصحية ككل، مما مكن بلادنا من القيام بإجراء مسح حول انتشار عوامل اختطار الأمراض غير السارية كما أوصت به منظمة الصحة العالمية، ويتعلق الأمر بالمسح التدرجي ( التدريجي) الذي يتبع بروتوكولا صارما يتم تكييفه مع (واقعنا) الوطني.
هذا المسح جاء ليسد الخصاص في البيانات الوطنية حول الأمراض غير السارية وعوامل اختطارها، وكدا لتمكين مسؤولي برامج مكافحة هذه الأمراض من الاعتماد على معطياتها لوضع أو تقوية الإجراءات الوطنية لمكافحتها.
أجري هذا المسح ما بين سنتي 2017 و2018 لدى فئة السكان البالغين من العمر 18 سنة وما فوق، وشمل عينة من 6100 أسرة في الوسط الحضري والقروي. وكان من أهدافه:
تحديد مدى انتشار عوامل الاختطار المشتركة للأمراض غير السارية؛
وﺻف ﺗوزﯾﻊ ﻋواﻣل اختطار الأمراض ﻏﯾر اﻟﺳﺎرﯾﺔ ﺣﺳب اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟدﯾﻣوﻏراﻓﯾﺔ والقياسية واﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ؛
تعريف الفئات السكانية الأكثر تعرضاً لعوامل اختطار الأمراض غير السارية في بلدنا؛
تقييم العلاقة بين مختلف عوامل الاختطار؛
تحديد مستوى معرفة السكان بعوامل الاختطار المشتركة للأمراض غير السارية.
من جهة أخرى أكد السيد وزير الصحة أنه على غرار الدول المماثلة أو المتقدمة، ومن أجل احترام التزامات بلدنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنتي 2011 و2018، إضافة إلى مطلب تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالوقاية والتحكم في الأمراض غير السارية، قامت وزارة الصحة بإعداد الاستراتيجية الوطنية متعددة القطاعات للوقاية ومراقبة الأمراض غير السارية 2019 – 2029.
وتندرج هذه الاستراتيجية أيضا في سياق وطني يتميز بالإصلاحات المؤسساتية والسياسية والاجتماعية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وقد تم ترجمة هذه الالتزامات بتخصيص أربعة محاور ذات أولوية من بين 25 محور في “خطة الصحة 2025” للوقاية ومكافحة الأمراض غير السارية، مع أولوية واضحة للعلاجات الصحية الأولية وتعزيز الصحة في إطار مقاربة خدماتية تركز على المواطن، باعتبار قطاع الصحة ركنا أساسيا من أركان التنمية البشرية.
وقد تم إعداد هذه الاستراتيجية، بتنسيق مع جميع الشركاء المؤسساتيين، مهنيي الصحة، الجمعيات العلمية، ممثلي القطاع الخاص خصوصا الصناعة الفلاحية الغذائية والمنظمات الدولية خصوصا منظمة الصحة العالمية، اقتناعا من الجميع بضرورة سن سياسة فاعلة للحماية.
وهي تندرج في إطار الاستمرارية، كما سلف الذكر، وتأتي من أجل توحيد الجهود التي تبذلها البرامج الصحية المتعلقة بالوقاية ومكافحة الأمراض غير السارية وتوسيع نسبة تغطية السكان المستهدفين وأخيرا تقوية مكافحة عوامل الاختطار وتعزيز أنماط الحياة الصحية كمجال رئيسي للتدخل.
وعلى هذا الأساس، فإن الاستراتيجية الوطنية متعددة القطاعات للوقاية ومراقبة الأمراض غير السارية 2019 – 2029 التي ترتكز على قيم لها رؤية واضحة وأهداف قابلة للتحقيق.
وهي تهدف إلى التقليص من معدل المراضة والعجز والوفيات المبكرة المرتبطة بهذه الأمراض ببلدنا، وترتكز على أربعة محاور استراتيجية:
تعزيز أنماط الحياة الصحية والوقاية من الأمراض غير السارية.
تحسين التكفل بالأمراض غير السارية وتطوير برامج جديدة.
تحسين الحكامة بخصوص الأمراض غير السارية وعوامل الاختطار الخاصة بها.
تدعيم اﻟرﺻد واﻟﺗﻘﯾﯾم واﻟﺑﺣث ﺣول اﻷﻣراض ﻏﯾر اﻟﺳﺎرﯾﺔ وﻋواﻣل الاختطار اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﺎ.
يضيف السيد الوزير أن نجاح هذه الإستراتيجية لا يمكن أن يكون له الأثر الإيجابي على صحة المواطنين إلا من خلال المشاركة الفعلية والتزام مختلف المتدخلين على المستوى الوطني حكوميين وغير حكوميين ودعم الشركاء الدوليين.
ولهذه الغاية، فإن مشروعا لميثاق مكافحة الأمراض غير السارية يوجد في طور المصادقة. يهدف إلى تأكيد الإرادة والالتزام لدى أهم الفاعلين المعنيين من أجل إجراءات متقاربة لصالح الصحة، كما يهدف إلى تعزيز مقاربة متعددة القطاعات للصحة تأخذ تلقائيا بعين الاعتبار محدداتها في السياسات العمومية، مع البحث عن أنجع السبل لتضافر الجهود بين مختلف القطاعات المعنية.
هذه الاستراتيجية تشكل إذن فرصة للتلاؤم مع التحديات الجديدة للقرن 21 وتطوير الحلول المتعددة الأطراف والقطاعات للوقاية ومكافحة الأمراض غير السارية في سياق برنامج التنمية المستدامة في أفق 2030.
عن موقع : فاس نيوز ميديا