أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، الثلاثاء 19 فبراير الجاري بالرباط، على وجود “هوامش هامة لتحسين” تعزيز الاستثمار وتطوير مناخ الأعمال في المغرب.
وأوضح الجواهري خلال الندوة الأولى لـ “يوروموني للندوات” بالمغرب، المنعقدة تحت عنوان “بناء نموذج اقتصادي جديد”، أن المغرب يعمل على ضمان الشروط الملائمة للاستثمار، بما في ذلك إصلاح رئيسي لنظام العدالة، ووضع استراتيجية لمكافحة الفساد وعدة تدابير من شأنها تحسين مناخ الأعمال، مشيرا إلى أن النتائج مشجعة، كما يتضح من خلال تقدم رتبة البلاد في مختلف التصنيفات الدولية من قبيل “دويين بيزنيس”، ومؤشر الحرية الاقتصادية، غير أنه لا تزال هناك هوامش كبيرة للتحسن، ومن ثم يتعين الاستمرار في بذل الجهود”.
وأكد والى بنك المغرب على الدور المركزي لرأس المال البشري كعامل محدد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مبرزا “أن بلدنا يواجه تحديات كبرى في هذا المجال، غير أنه يتوفر على إرادة قوية، ووعي كبير للجهات الفاعلة بأهمية هذا الورش، كما يتضح من خلال إحداث المجلس الأعلى للتعليم والتكوين والبحث العلمي”.
وأضاف أن المغرب، بناء على هذه التعبئة وتطوير رؤية عام 2030 وتنفيذها في القانون المؤطر، يسعى إلى استدراك عجزه وتوفير فرص جيدة لإدماج شبابه.
وفيما يتعلق بإصلاح نظام سعر الصرف، قال السيد الجواهري إن بنك المغرب يواصل تطوير إطار لاستهداف التضخم لزيادة تعزيز استقلالية السياسة النقدية، وذلك على ضوء الانتقال إلى المراحل التالية.
وتابع أن هذا الإطار الجديد، الذي سيتم إحداثه في المرحلة المناسبة من الطور الانتقالي، ينبغي أن يمكن السياسة النقدية من ترسيخ التوقعات بشكل أفضل، وبالتالي تحسين نقل قراراتها.
وقال “بينما ننوه بهذه التطورات، لا نزال في يقظة واستمرار لمواكبة الأطراف المتدخلة، كما نتواصل بطريقة مستهدفة بشأن الإصلاح”، مؤكدا أن هذا الإصلاح يمر في ظروف جيدة، من خلال اعتماده من قبل النظام المصرفي، وملاءمته تدريجيا من طرف الفاعلين وتعميق مستمر للسوق.
كما أشار الجواهري إلى أن “تطور سعر الصرف ضمن نطاق التذبذب دون تدخل البنك المركزي يؤكد، وفقا لتقييماتنا، أن قيمة الدرهم ظلت متماشية مع أساسيات الاقتصاد”.
وبالموازاة مع ذلك، ركز والي بنك المغرب على القطاعات الحساسة أو المستبعدة في النظام المصرفي، بما في ذلك المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، علاوة على بعض الفئات السكانية (الشباب والنساء والعالم القروي).
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن الإستراتيجية الوطنية للإدماج المالي، والتي تم وضعها بشكل مشترك من قبل بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية، تهدف أساسا إلى الحد من العجز وتقليص اللامساواة في هذا المجال.
وسجل الجواهري أن الإدراج الحديث للتمويل التشاركي، ومؤسسات الدفع، والدفع عبر الهاتف المحمول، وإصلاح القروض الصغرى، والعديد من الأوراش جارية التنفيذ المتعلقة أساسا بالتمويل الصغير والتمويل الجماعي، يجب أن تساهم في تحقيق الأهداف المسطرة في هذا الإطار.
وقال إن ضمان توازن ومتانة التمويلات العمومية تعد واحدة من بين أحد العوامل الرئيسية لمرونة الاقتصاد، مشيرا إلى أنه تم تحقيق تقدم كبير في هذا المجال، كما أن العديد من الأوراش لا تزال في طور التنفيذ لإدخال مزيد من الفعالية والرؤية والشفافية في تدبير التمويل العمومي.
وذكر، في هذا السياق، الإصلاحات التي همت الإعانات وصناديق التقاعد، والقانون الأساسي للتمويل، ناهيك عن الورش الكبير لإصلاح السياسة الاجتماعية التي تركز على إحداث سجل اجتماعي موحد لتحسين استهداف السكان وترشيد الموارد.
من جهة أخرى، أكد السيد الجواهري أن “التساؤل خارج الممارسة المنتظمة لقوانين المالية والمواعيد الانتخابية هو ممارسة مفيدة تتبناها العديد من الدول النامية والمتقدمة”.
وأوضح أن “إعادة طرح هذا التساؤل يجب أن يكون كضرورة دائمة في عملية صنع السياسة العمومية على أساس تقييمات محايدة وموضوعية، وبهذه الطريقة يمكن للبلاد استعادة مصداقية العمل العمومي والمؤسسات السياسية”.
وخلص إلى أن المغرب، بتساؤلاته المنتظمة لخياراته ومثابرته وشجاعته في السعي لإصلاحات هيكلية، وتعزيز جيد للحكامة على جميع مستوياته الإدارية، إضافة إلى توطيد توازناته الأساسية وتحسين مرونة اقتصاده، يحافظ على جميع فرصه في القدرة على تحقيق طموحه في التنمية، مبرزا أن الهدف يبقى هو القدرة على الاستجابة لتطلعات سكانه وشبابه على وجه الخصوص، وتقليص الفوارق وتعزيز تماسكه الاجتماعي.
و.م.ع
عن موقع: فاس نيوز ميديا