يُواجِهُ تَلاَمِيذُ قُرى إقليم تَاونات مُعاناة كبيرة، وصُعُوبات مُتعددةٌ وكثيرةٌ، خُصوصا مُشكلةُ التنقل اليَوْمِي إلى المؤسسات التربوية البَعِيدَة عن منازلهم عبر المسالك الطرقية الوَعْرَة وغير مُعَبّدة(بِيسْتَا) وتضاريس قاسية، تلاميذ في عمر الزهور يقطعون مسَافات كبيرة جدا إما مَشْياً على الأرجل بالنسبة لتلاميذ التعليم الابتدائي أو عبر وسائل النقل التي تَنقل تَلاميذ التعليم الإعدادي والثانوي، يقطعون عشرات الكيلومترات تحت الأمطار ووسط الأَوْحَال (الغيس) وَوُعُرَةُ طُرق الجبال شتاءاً، وتَحت أشعة الشمس الحارقة في فصل الربيع وبداية الصيف.
ظروف صعبة و قاسية يعاني منها أبنائنا في هذا الإقليم الذي يطاله التهميش والإقصاء على كافة الأصعدة والمستويات، ومن بينها التعليم مما ينعكس سلبا على صحة المتعلمين جسديا ونفسيا، ويؤثر على تحصيلهم الدراسي حيث تكثر الغيابات والتأخر عن الالتحاق بالفصول الدراسية، خصوصا في الشتاء فبعض أولياء الأمور يمنعون أبنائهم من الذهاب إلى المدرسة خشية من تقلبات أحوال الطقس،مما يتسبب في الانقطاع المبكر للدراسة ويكثر الهدر المدرسي خصوصا عند الإنات كنتيجة حتمية و موضوعية لمجمل الصعوبات التي تعترض هذه الفئة. فالتلاميذ الذين يغادرون المدرسة أغلبهم يعيشون في الوسط القروي نظرا لمرار العيش في هذا الوسط الذي تعوزه أبسط أساسيات الحياة. فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد مداشر: اللدونة،و تاونسات، و السواليين التابعة إداريا إلى دائرة غفساي وتفوق نسبة الساكنة في هذه الدواوير حوالي 400 أسرة لا يتوفرون على وحدات مدرسية مع العلم أن هذه المداشر متجاورة فيما بينها وتلاميذ هذه الدواوير يقطعون يوميا ما بين كلومترين الى خمس كيلومترات للذهاب الى المدرسة في حين كان بالإمكان بناء فرعية بدوار اللدونة ويتم تجنيب التلاميذ قسوة صعود الجبال وطول مسافة الطريق،لكن من يفكر في أبناء الفقراء ومعاناتهم، من ينتبه لفلذات أكباد الفلاحين وآهاتهم،فهؤلاء يعيشون تحت وطأة التهميش المفرط في صمت كبير و تعتيم مفرط لا تهتم بهم المنظمات الحقوقية ولا الحركات النسائية ولا جمعيات المجتمع المدني،يتركونهم يواجهون قدرهم القاسي في بلدا يغيب فيه التوزيع العادل للثروة ويتم فيه التوزيع العادل للقسوة والمعاناة،ويطلبون من التلاميذ محبة الوطن كواجب، والقيام بتحية العلم كطقس يومي والوطن لم يصون كرامتهم ولم يحترم حقوقهم، لم يعبد لهم الطريق ولم ينشئ لهم المدارس ولم يوفر لآبائهم العيش الكريم..فاللهم إجعل عيشنا في تاونات شفاعة لنا يوم القيامة.
عبد الإله العلوي: أستاذ مادة الفلسفة وفاعل جمعوي.
عن: فاس نيوز ميديا