حين نفتش بالتقليب في موازين القيم الاجتماعية السائدة بالتمدد، حين نحاول ملامستها من حيث قربها وبعدها من الحقيقة الاجتماعية السائدة في وضعيات المرأة المغربية. فإننا نصطدم بمدى ازدواجية الرؤى وتنافر تواجد علامات تشوير في عمود واحد.
نتيه حينا بين متوجهات الوضعية الاجتماعية المتهشمة للمرأة على العموم، وبين اتجاهات الوضعية المعيارية للمرأة في النصوص الدينية والقانونية. حين فكرت في الكتابة عن المرأة وعيدها الكوني، وجدت نفسي أمام مسلمة تاريخ الفلسفة والذي تشكل المرأة عصبه الأول بغواية حواء لآدم والخروج الحزين من الجنة.
هي المرأة الكينونة بالتميز و التمكين، هي الوجود الذي لا مناص لنا إلا من إلقاء تحية قبلة صدق تتكرر بالتجدد على جبين كل امرأة علمتنا أن ” تاريخ الفلسفة ما هو إلا تاريخ المرأة بامتياز” .
في يومك سيدتي باختلاف لونك، وطنك، دينك، لغتك، ثقافتك، وضعك الاجتماعي … أهدي إليكن جميعا يا نساء العالم أغنية فيروز ” أعطني الناي وغني، فالغناء سر الوجود…”. لن أحمل وردة يتيمة إليك في يومك، فهي تختزل لحظة تتويجك، و تسوقها بالتبخيس مع صورة وردة اصطناعية…أو وردة طبيعية قابلة للتلف. لن أكون كريما معك سيدتي إلا بباقات ورود تحمل تربة رياحين العالم، تحمل عطر نوارة شتوية لا شرقية ولا غربية …
أسميك في السر سيدتي، أنت التي لا أتمكن من ذكر اسمها بتمام الحروف (ابنة حواء) ، أرسم في الصمت عينيك، عيناك سيدتي تاريخ كل الشعوب، أنت الحكايات الأزاهير بالعطر الفواح، أنت العمر والعطر، وأنت الوجع الصارخ فوق الجسر… أسميك الحب سيدتي… وحين أكتب وجهك على أوراقي ، أكتب وجهي ملازما له، فهي إذا من بدايات انبعاث فلسفة الكينونة والوجود…
آه ، يا امرأة أشعلت بأصابعها دخان الحرائق حين ثارت على الظلم الذكوري. آه، يا امرأة زرعت ورد الشوك على مرمى الحزن وابتسمت للحياة والأمل … اليوم، يومك ولا سلطة لحكم الرجال فيه ، اليوم قولي انفعلي لا تقفي مثل المسمار…قولي، واحكي لنا عن كل اختزال للمرأة في الجسد، احك حين تصبح العيون تمارس جنس الغواية، احك عن الشارع المتلصص بالفخاخ، احك عن كل التحرشات ووشوشات الهوامش الظلماء في كل زمان ومكان.
اليوم يومك سيدتي، لن أقدم لك باقة ورد حتى وإن جمعتها من أحراش الغابات العذراء، اليوم من اللازم وغدا أن أعترف بمناصفتك بالإيجاب، أقر بدورك من أعلى مئذنة مسجد في مدينتي العتيقة آذانا مدويا بالتمجيد…اليوم أسميك الحكايات و العمر، أسميك كما أنت… أنت الورد فلا حاجة للورد و هو يزاحم وجودك المتفتح بالعطر… فالورد أبى ألا يحضر إليك إلا راكعا فواحا…
اليوم سيدتي، لن أبتغي تحاملا من الجنس الذكوري على حريتك، لن أرضى كبسا على مساحات تفكيرك وحريتك، على لحظاتك ذاتك الحميمة والوجدانية. فليكن اليوم بداية الثورة على ترسب التاريخ بحمولة الظلم لنصف المناصفة، ثورة على تكلس إثبات أفق الوجود، ثورة على كل تفكير بالرجعية الشرقية حتى وإن كان موقع الوطن ضمن جغرافية غرب المشرق. اليوم ، وحلم المستقبل الذي يأتي هو يوم عيدك أنت سيدة الوجود و الكينونة، هو يوم بداية بناء تاريخ جديد للمرأة حتى و إن لم يقع بتمامه… هو يومك سيدتي لإعادة تشكيل فلسفة حداثية تنويرية، و البدء سيكون من إعادة الاعتبار لحواء وخروج آدم من الجنة بلا غواية.
فألف تحية لنساء المغرب حتى في بعده العميق وهوامش جوانحه القصية ، للمرأة أين ما كانت وأين ما وجدت، ألف تحية لمن تحمل هم الذات و الأسرة و المجتمع، لمن تكابد قسوة الزمن في سبيل إحضار لقمة عيش لأيتام…، ألف تحية لكم جميعا نساء وطني والعالم وانحناءة شكر.
بقلم: محسن الأكرمين
عن: فاس نيوز ميديا