يقف كل متتبع لشأن مكناس المحلي حيرة، ويحس بأن المدينة آمنت بمطلق متوالية (ادفع) بمزيد من بهرجة المهرجانات المتتالية ومنصات الخطابة التسويفية لغة التشفير و الإفصاح. كل من حضر إلى مكناس يلعب على دغدغة مشاعر ساكنة ومدينة بطيب الكلام المنمق وينال التصفيق في حينها طواعية، بعدها تعود حليمة من حيث أتت بدون أثر يذكر على واجهة تنمية المدينة.
نصيحة مني لزوار منصات خطابة مكناس، من وزراء، و مسؤولي الدولة، وسياسي الأحزاب بكلفة حجز تصفيق عفوي وبدون أداء فما عليهم إلا أن يلعبوا على استلهام كلمات من قاموس التسويف وحشد مشاعر الساكنة الحالمة في ملعب كبير ومسرح كبير وتنمية شاملة… لكن الحقيقة الماثلة بالمرارة المطلقة، أن مدينة مكناس (من 56 ما شافت والوا…تكلموا على المسرح الكبير ما شافت والوا … تكلموا على الملعب الكير ماشافت والوا…).
خلال مهرجان مكناس للدراما التلفزية تردد الأمر غير ما مرة بخطابة الشفهي من طرف وزير الثقافة (التفكير في بناء مسرح كبير) ومن قبل رئيس مجلس جماعة مكناس (نحن جاهزون والدراسة الورقية متوفرة)، ومن غيرهم ممن رأوا أن القاعة لا تستوفي حجم حضور عروضهم الفنية.
حلم ملعب كبير ومسرح كبير، طال عليه الأمد حتى قست قلوب ساكنة ومدينة بعدم تحققه في ظل رمي الكلام من فوق منصات الاحتفالات و الأضواء والموائد المستديرة. حلم ترافقه مقولة أن ساكنة مكناس باتت تستهلك الشفوي(الشفهي)، تستهلك زمن التنمية بالهذر والتأجيل إلى حين…، تستهلك هواء طاحونة الطلاسم. فحين تفتش عن بوابات التنمية المندمجة بمكناس ممكن أن تبقى لساعات طويلة وأنت غارق في تفكير دائري دون أن تلوي يد الشد على حقيقة فك نحس عقد التنمية عن المدينة.
مدينة مكناس بالتمام تنتج ملاعب القرب بالتقسيط حسب الأعياد الوطنية السنوية. تنتج مدارات طرقية ترفع فيها علامة تشوير ليس لك حق الأسبقية. نعم ليس للساكنة حق الأسبقية للتنمية الحديثة بالسرعة النهائية، فمادام قد تتم التطويح بقطبية مكناس، مادامت التنمية لم تلمس حدودها الترابي، مادامت تصبغ طواراتها وتحصد العشب الجانبي عند كل موسم ملتقى الدولي للفلاحة بالتكرار الممل لمدة (14سنة). مدينة تنتج المهرجانات المتنوعة بالتزاحم لا أثر وملمح حصري بعد انقضائها، مدينة لم تستطع نفض غبار التقادم على بنيتها التحتية ولا حتى في ابتكار إبداع استراتيجي في اختيار المشاريع التموضعية ضمن لغة التميز و الانفراد.
إنها مدينة مكناس التي تعيش رداءة الفعل الرياضي و النتائج الوضيعة، مدينة تعايشت مع لغة (قولوا العام مزيان) البنائية والفخرية وممكن أن تكسبك ود أهل الحل والعقد. في أقل من أسبوع مر بالمدينة الوزير الأول في لقاء مفتوح مع تجار المدينة (وما أدراك ما تجار المدينة)، حضر وزير الثقافة مسرعا وأعلن أن المدينة في حاجة إلى مسرح كبير، حضر الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة في بدايات التسخينات السياسية الأولية . لكن، كلهم امتلكوا لغة غرس شتائل دغدغة مشاعر مدينة بالشفوي قبل متم شهر مارس.
نعم، تلك الزيارات لم تنل منها مكناس إلا الشفوي(الشفهي)، لم يتم النبش في ذاكرة مكناس عن وضعها المتردية لزوما، لم يتساءل أحد أن التنمية بمكناس انطلقت بتوزيع كراريس البوبوشة وقصب السكر والخضر وحصر أماكن تواجدها.
من سوء حظ ساكنة ومدينة فطرة النسيان والثقة في الكلام المعسل بدون دخان ملوح، من سوء معادلة التنمية بمكناس أنها تقوم على تدوير ما كان، بدل صناعة ممرات أرضية في التقاطعات الطرقية الكبرى بالمدينة واعتبار التنمية رؤية حلم ممكن أن تمتد إلى سنة (2050).
لن أقول اليوم ، بأن مكناس تحتاج لملعب كبير ولا إلى مسرح كبير، بل أعلنها للعموم أن مكناس تحتاج إلى زيارة ملكية ميمونة تؤثث مشهدها التنموي ببدائل ابتكارية ، وبرؤية شريفة استشرافية للمستقبل، تعيد مدينة السلاطين العلويين إلى قيمتها الاعتبارية ضمن نسيج كبريات مدن المملكة.
محسن الأكرمين/ مكناس
عن: فاس نيوز ميديا