تسويق الوهم أصبح بضاعة نافذة في كل المجالات، أثر الزمن المفقود وحتى الزمن المستعاد بمكناس أصبح يزيد من تكبيل تنمية مشلولة. المشكلة التي تقض مضجع ساكنة هي العلاقة بين حقيقة نكسة مدينة بالتراجعات التنموية، وبين الوهم المسوق عبر دوام وتناسل احتفالات ومهرجانات مستطيلة الظل بالخفوت وحضور موائد ما لذ وطاب، وتسويق وهم صورة.
هي العلاقة بين واقع مدينة يشهد له الداني والقاصي بالتدني و الفتور. هو مكتب مجلسنا الموقر الذي ينمي رصيده الثقافي الرزين في الاستثمار في تنمية مهرجانات الموائد وليالي الجذبة. هي متوالية الدفع بتسويق وهم المهرجانات والملتقيات إلى الأمام بمكناس يعيد لنا زمن (قولوا العام زين بمكناس)، وكأن مكناس مدينة من المنعم عليهم بشارة الرضا و المدن الذكية.
حزام الحقيقة الذي تتزين به مدينة مكناس والمتمثل في الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب بات نسخة كربونية يستنسخ نفسه سنة بعد سنة، ويزيد من كمية الشكليات الداخلية و المواكبة لأيام الملتقى، بات يصنف ضمن ملتقيات هدر زمن التنمية بمكناس، مادام أثر عوائده المادية غير بينة على المدينة بشكلها الخاص أو العام.
منذ أربعة عشرة سنة و(حليمة ترجع إلى عادتها القديمة) في حركة تزيين الطرق المؤدية للملتقى الدولي للفلاحة، حتى باتت عين الاستئناس حين تشاهد صباغة الطوارات وحصاد الأعشاب،تعلم لزوما أن وقت الملتقى قد اقترب، باتت مشاهد بناء وتقليع الخيام يستهلك زمن ثلث سنة بمكناس.
الآن، لغة الحق لا بد أن تسمع من طرف القيمين عن الشأن التدبير والتسيير بمكناس. فمن اللازم إعادة بناء رؤية جديدة تتماشى كليا مع نقاش النموذج التنموي المغربي الجديد الذي دعا إليه الملك لتفعيله بتفاعلية مع الساكنة. حزام الحقيقة يكشف عن مجموعة من المتناقضات والعلاقات غير المتوازنة بين حاجيات مدينة، وخدمة ساكنة بالقرب و الأولويات، وبين عيش (أسبوع الباكور) كجهد معدوم يتصبب عرقا ثلث سنة، وأثر لا تلوي منه مدينة إلا غرس زهور متفتحة بقدرة قادر، وتزين طرق بعينها.
حين نتحدث عن نقد سياسة مدينة متمركزة حول سياسة التنمية و الاستثمار في أنشطة المهرجانات، فإننا لا ننقص من أثر الفن حتى و بقلة عوائده على المدينة، فإننا لا نتسلح بالسلبية المطلقة، بل نرتضي خلق محفز وشعار تفكير جماعي لمدينة مكناس بدون معوقات ولا مزايدات، ولا تسويق وهم باذخ بخطب رنانة لا تسمن من امتلاك تنمية مندمجة وعادلة.
مشكلة مكناس بأننا استحسنا استهلاك الوهم، و رضينا به. قبلنا بالأمل وجعلنا منه محطة قطار (غودو) للتنمية الذي لن يأتي لمكناس قطعا في ظل إفلاس سياسة جماعية للتنمية . مشكلة مكناس تلك التوافقات السالبة، والارضاءات لذر الرماد في العيون. مشكلة مكناس أن المدينة باتت تنتج وهم الفرح الزائل بالمهرجانات، والالهاءات المستطيلة. مشكلة مكناس أننا صنعنا مجتمعا مدنيا تشاركيا في ديمقراطية إنتاج أنشطة المهرجانات بكل أريحية وطواعية.
لكن، المشكلة الأساس بمكناس أننا ألفنا الانتظار(وعمرنا أنفسنا بالصبر)، ألفنا استهلاك وهم تنمية سجينة ضمن برنامج عمل الجماعة ، ألفنا دورات مجلس تقوم على التصويت و المصادقة لأكثر من ثلاث أرباع نقط دورتها على الشراكات ودعم المهرجانات. مشكلتنا الأساس أننا لا نبتكر حلولا إجرائية تستند في بناء فضاء للملتقى الدولي للفلاحة قار ومفتوح على أجنحة طرقية سلسة السيولة، في نقل الملتقى إلى الأراضي المجاورة للمدرسة الفلاحية بطريق الحاج قدور كمقترح سليم، الحل في جعل منافذ من الطريق السيار توصل مباشرة إلى قلب الملتقى، الحل في حكامة ناجعة في إدارة الملتقى وفق مفهوم الشركات وقياس عوائده على تنمية مكناس حقيقة لا إعلاما.
حزام الحقيقة حين تغيب عنا الإجابة عن كل التساؤلات، حينها نتوصل بأننا لم نتمكن من تقويم دورات الملتقى الفلاحي الدولي بمكناس بكل شفافية و مصداقية.
فحين نتساءل ما استفادة مكناس من الملتقى الفلاحي الدولي بالمغرب؟، قد أكون جاحدا وغير برئ في تحليلي إن قطعت الأمر بالنفي السلبي، لكني سأركب عدل القول وأخص الملتقى الدولي للفلاحة بأنه قيمة نوعية يحتاج إلى الابتكار و خلخلة التجديد، ولما حكامة التدبير.
بقلم : محسن الاكرمين/ مكناس
عن: فاس نيوز ميديا