المكناسي الأكرمين يكتب : “قفة رمضان كماركة مسجلة بالمغرب”

مظاهر اجتماعية تطفو على السطح خصيصا في شهر الصيام، تظهر منها قفة رمضان وتسويق صورة للشعب في صف مستقيم ينتظر حقه من الوزيعة المجانية. من الجانب الديني والتضامني السليم لن أنتقد تلك القفة والتي تضم زيتا وسكرا ودقيقا وحبوب شاي، قفة تريد إضفاء فرحة وجيزة على عموم أسر الهشاشة.

من المؤسف أن نصنع شعبا فقيرا مطواعا ثم نجود عليه بحسنات الكرم الحاتمي، من المؤسف أن الدولة صنعت شعبا يمد يده لكل ما هو يوازي (الفابور)، ما أسوأ الاستغلال للفاقة الإنسانية !!!، من سوء حظ الشعب أنه منذ الاستقلال لم يقدر على صناعة دولة تؤمن بالعدالة الاجتماعية والكرامة للشعب والديمقراطية الحكيمة .

حقيقة شعب (الفابور) يزيد عدده ويستطيل، وخريطة تواجده بمملكة الفوارق الاجتماعية تتسع،  من محصلة كثرة الفوارق الاجتماعية بروز نخبة متحكمة في رقاب الشعب التقريرية/ السياسية، وأرزاق العباد المعيشية/الاقتصادية. حقيقة شعب ( الفابور) لم يختر خندق مد اليد، بل تم تدمير مسالك معادلة الإنصاف والكرامة، ونيل حقه من سؤال، أين الثروة؟ ، (شعب (الفابور) فق من نعاس راه من 56 ما شفنا والو…).

في حديث (شي عايش، وشي عايش مثل الذبانة في البطانة) هو شعب المغرب الحديث والذي يزيد سعة مع نمو ديموغرافيا الفقر،  هو شعب يعيش على فتات الموائد المتبقية …. فتمركز الثروة في أيد قليلة متحكمة في قرارات الوطن الكبرى، في أيد تجمع القرار السياسي والمال، في أيد (مول الشكارة) والريع والتهريب و صناعة الفساد ، كل هذا أفرز لنا ثلة قليلة من المحظوظين التي تبتغي شراء صكوك الغفران الربانية عبر قفف رمضانية، أفرز لنا فئات متحكمة (حيد ليه حقه من المال العام، وأعطيه قفة موسمية) مع خاصية تصويره وتسويقه إعلاميا !!!.

ممكن أن يكون حنقي من تفاقم الفوارق الاجتماعية بمملكة العدل أساس الحكم، ممكن أن أكون قد عممت القول بتعويم، لكن هنا الاستثناء القليل الذي لا  يبتغي من قفة رمضان إلا حسنات ربانية، هنالك استثناء ينفق من ماله الخالص و ابتغاء مرضات الله ) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )، “سورة البقرة الآية 207”.

لكني اليوم أتحدث عن أخلاق العناية الفضلى التي تسلسل رقبة الدولة تجاه معالجة هشاشة حياة شعب بإنسانية اجتماعية عادلة . أتحدث عن معادلة توزيع الثورة بالموازاة مع تنمية مندمجة تفاعلية مع حاجيات الشعب (العمل لمواجهة البطالة/العدل في معالجة ملفات الفساد / العلم والعقل في خلق الوعي والتحرر والتنوير…). أتحدث عن الحق في الكرامة والعدالة الاجتماعية المتضمن ضمن فصول الدستور، أتحدث عن قيمة المساواة في العيش والاستمتاع من خيرات الوطن بالجمع لا بالإفراد. أتحدث عن من يمد قفة باليمين، وسلب حق الشعب في العيش الكريم باليسار. أتحدث عن من يستعمل عمليات الإحسان والبر (قفة/ ختانة…) لإغراض سياسية دنيئة تنتج نفس أسطوانة التحكم والتوجيه الانتخابي، أتحدث عن تغيير لقلب (الطرحة) والكف عن الخير الموجه نحو معادلة الإنصاف والمساواة في نيل الكرامة بحكمة صينية (علمني كيف أصطاد السمكة بدل أن تعطيني إياها)، ونعم الموجه.

ذ/ محسن الأكرمين.

عن موقع : فاس نيوز ميديا