الحديث عن القيم والطهر والنصيحة في عالم السياسية المغربية بالتخصيص صعب التوفر بتمام الكيل. من الفجوات التي تغرق الفعل السياسي بالمغرب افتقاده التوافق الحقيقي على بناء ثقة الأمل في مستقبل التغيير نحو الأفضل. مغرب (الآن) يحمل مفارقات اجتماعية متباعدة ،وحنقا من وضعية الإصلاح المتكلسة في ظل حديث الاستمرار في السلم الاجتماعي ، شعب يئس من التبشير بالتغيير القريب وحتى البعيد ومن استعمال حرف (سنــ )، شعب يعرف السياسة ولغة الأحزاب بفن الكذب والمناورة والتسويف المطلق، يعرف السياسي بأنه خصب المنافع ويوزع صكوك الغفران عن الذات والحزب بتجديد لغة الخطاب.
تضيع حقيقة خدمة الشعب في عالم السياسة، وتحضر السفسطة المملة ولغة (دون كيشوت)، يمارس بمغرب المفارقات الاجتماعية سجال عميق آت من سياسة الالهاءات في صراعات شكلية بين أحزاب تمارس التناوب على لدغ المواطن البسيط من نفس صندوق الاقتراع.
لن نحاكم النوايا المفصلة في السياسية، ولكن نحاسب الأحزاب عن الحقيقة المعيشية للشعب حين نلحظ أن نفس المشاكل لازالت قائمة منذ سنة (56)، وأن نفس الحلول لازالت الأحزاب تنتجها للسيطرة على السلطة التنفيذية. كل الأحزاب تلبس ثوب الموعظة الفضلى وتقدم نفسها أنها البديل الممكن (الآن)، لكن ثوب الناصحين نفسه بات غير ممكن في ظل كفاف نضج الفكر السياسي وبناء الأمل.
من اللعبة الانتخابية الأحادية إلى ورقة اللائحة، و لازالت سنوات تضييع التنمية الوطنية الكلية تزيد. نعم، ازدواجية الخطاب بين تموقع اليمين ويسار المعارضة بات غير مجد في التسويق الانتخابي، وأضحت جل الأحزاب في سلة واحدة من برامج انتخابية ( كوبي كولي). لكن الحقيقة أن الشعب أدمن على استهلاك وجوه سياسية حتى البدانة، ومن تم كانت النصيحة السليمة أن يتبع تناول حبوب التخسيس من الممارسة السياسية الكاذبة.
الشعب لا يعيش لحظة تبخيس للفعل السياسي فقط، بل يعيش لحظة تيئيس من صعوبة تصويب مشاكل الحاضر والمستقبل والأمل في العيش الكريم بلا مزايدات التدليس. الشعب يريد التطهير، و مكاشفة الحقيقة عبر حكامة ومساءلة ومحاسبة عادلة.
بمغرب التمييع السياسي وليس التبخيس أضحى الحديث عن الفساد ممكنا، بات انتقاد الفاسدين وسياسة الريع مباحا حتى لمن رغب في تطهير الذات والحزب والظهور بصوت الحكيم. وحتى لا يشتد الخوف الجماعي من سياسة الفساد التي ممكن أن تلحق بمستقبل المملكة ما بعد سنة (2021) هناك سؤال متعدد بسذاجة الغباء، عن عيوب النظام الانتخابي السياسي المغربي الذي مازال ينتج نفس الوجوه السياسية وكأن شبيبة الأحزاب لا خزان لها ممتد، سألت عن الصوت الاجتماعي الذي مازال يزكي صور طيور الفنيق التي تعود الحياة لها من رمادها، سألت عن صدمة ممكنة من عدم تحقيق التغيير وبناء رؤية أمل صادقة في المستقبل، سألت عن الشعب البسيط الذي لا يبتغي غير عيش بمواصفات الكرامة والعدل.
لكن محصلة الأجوبة كانت في خوف التمكين من الثقة التامة بتدبير تغير في سياسة المستقبل بحكامة، عن أجوبة تمتلك سياسة غير الممكنات لحل مشكلات التنمية والتعليم والشغل والصحة و العدالة…، أجوبة تتحدث عن تحويل المغرب إلى قوة اقتصادية ودولة ديمقراطية وشعب سعيد.
حين أحسست أن الكلام يكرر من طرف السياسي (منذ56) ويتبناه قبل فطامه من الدولة، تيقنت أن الزوبعة الحزبية الكثيرة غير مستقلة القرار، تيقنت أن الدولة لازالت تنتج التنمية و توجهها، ثم تلعب دورا في نقد التنمية الماضية وتستنجد بالتوقيع على تنفيذ ميثاق “مثالية الإدارة” في مجال التنمية المستدامة، تيقنت أن الأحزاب تعيش لحظة كفاف في نظافة ابتكار الحلول ومسوغات الإصلاح السليم.
بقلم: محسن الأكرمين/ مكناس
عن: فاس نيوز ميديا