أولى الكلمات التي تعلق في الحلق توجيه كلمات الترحم على الطفل رضى بجنة الخلد والدعاء لأسرته بالصبر والسلوان. لم أكن أريد الكتابة في موضوع انتهاك حياة الصبي رضى ببشاعة الفعل وإعدام الحياة، لم أكن أقدر حتى التفكير في الكتابة عن وحوش آدمية تعيش بيننا وتتنفس نفس الهواء وتخالطنا بالتنزه على ضفاف صهريج سواني، لكني اليوم تشجعت وجمعت كل دمعة عالقة في عيني عن شهيد مدينة مكناس رضي الطفل، تشجعت بعد أن ألهتنا تلك الصور المسوقة لقتلة وهي تنال علامة (إعجاب)، حين لم أفهم لما نشمر على سواعدنا ويزداد صبيب الصور المسوقة لأبشع وجوه جرائم القتل، ونحن نعتقد بأننا نحق السبق الصحفي، فما أسوأ السبق و المسعى التحولي.
هي مكناس التي يخلد تاريخها سجل أعتا الجرائم ، تلك المتابعات التي كنت أستقي منها أخبار مقتل براءة سن رضى الصغير تسلحت كثيرا بصور السبق للقتلة، تسلح بإلهاءات وتعويم المسؤوليات، أنستنا بأننا (كلنا معنيون). نعم، المسؤوليات تلف الدولة المغربية حين لم يستطع الأمن حماية (رضى ) بالاستباقية والفعالية التامة، تلف الدولة حين تعلم بأشخاص غير أسوياء يعيشون بيننا وممكن أن يشكلوا خطرا على الساكنة في أي لحظة، المسؤولية تلف ذلك النساج الحقوقي الذي يناضل ضد الإعدام، تلف الأسرة والمجتمع المصغر والكبير، تلف يقظة المجتمع الذي فقد قيم الشهامة وحماية القانون والتبليغ عن أي انتهاك لبراءة الطفولة الهشة.
هو مقر الأكاديمية للتربية والتكوين مكناس تافيلالت سابقا والذي أصبح اليوم مسرحا لتمثيل تلك الجريمة الشنعاء، هي من بين النتائج الكبرى في تحويل مقر الجهة نحو فاس. لن نتحدث عن دور الأمن ونبخس اشتغالا ته الميدانية، لكننا نتحدث عن الأمن ودور الاستباقية في الحد من تلك الهفوات الأمنية المميتة، نتحدث عن تلك المنطقة السياحية التي تغيب عنها كاميرات المراقبة الأمنية الواقفة بالتتبع، نتحدث عن دوريات أمنية متحركة في نقاط سوداء تعتبر مركزا لتجمع شياطين الانحراف بتنوعه، نتحدث عن القضاء والذي لا يقدر سوء السراح لمجرمين أحرار يشكلون رحم الجرائم الولودة، نتحدث عن دور التربية و التوجيه للأطفال بالتحسيس من سوء عواقب الثقة بأناس لا ثقة فيهم، نتحدث عن كثرة المباني والمساحات المهجورة والتي تشكل نقاط و مأوى الإجرام بامتياز.
فهل مكناس تنتج الجرائم البشعة بامتياز؟، هل نعيش نوعا من الفتور الأمني بمكناس؟، هل المجتمع واع بأدواره في حماية القانون و التبليغ عن مشاهد غير سوية ؟، هل لدينا تلك الوسائل الترفيهية السليمة لأطفالنا بعيدا عن خشاش مقر الأكاديمية سابقا؟، ما هي أدوار الأسر في حماية الأطفال؟، ما هي أدوار جمعيات المجتمع المدني التي تتلقى الدعم من المال العام ولا تنتج إلا أنشطة مهرجانات لا أثر لها ؟.
هي أسئلة لا تبتغي إجابة إخبارية عنها، لأنها حقيقة تتضمن إجابات الإخفاق وإعلان أننا لم نستطع حماية براءة من بكينا عليه جميعا الطفل رضى. الآن، نعلن للجميع، كلنا نقتسم مسؤوليات ضياع روح حياة رضى البريئة، كلنا نتحمل المسؤولية المدنية حين لن نتمكن من صناعة أمن اليكتروني لنقاط تعرف ببؤرة المشاكل، كلنا أخفقنا في صناعة وعي تربوي تعلمي سلوكي تجاه مظاهر سوء النية المبيتة، كلنا كأسر أخفقنا في الرعاية الفضلى لأبنائنا. الرحمة عليك رضى ومن اليوم سيحمل مقر الأكاديمية السابقة للتربية والتكوين اسم “رضى ابن الشعب”.
متابعة للشأن المكناسي / محسن الأكرمين.
عن موقع : فاس نيوز ميديا