بقلم : حسن العاصي
كاتب وباحث فلسطيني مقيم في الدنمرك
تقدم الحكومة المغربية كل عام أماكن تعليمية مع أو بدون منحة في المؤسسات العامة للتعليم العالي والمهني لآلاف الطلاب العرب والأفارقة ومن دول أخرى مختلفة، بدافع تعزيز وتطوير العلاقات بين المملكة المغربية والدول الشقيقة والصديقة. ولهذا الهدف تأسست الوكالة المغربية للتعاون الدولي (AMCI) في العام 1986 كواحدة من أهم الأدوات الديناميكية المرنة والفعّالة التي يعتمدها المغرب الشقيق في تنفيذ سياساته المتعلقة بالتعاون الخارجي للمملكة. وتدير الوكالة أعمالها وأنشطتها بالتعاون والتنسيق الوثيق مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، كما تقوم الوكالة بعقد شراكات مع جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية المغربية وكافة إدارات القطاع العام. وتدير الوكالة وتشرف على تطوير وتوسيع وتعميق جميع علاقات المملكة المغربية الثقافية والعلمية والتقنية والاقتصادية مع دول العالم، وخاصة التعاون بين الجنوب جنوب، وتتابع الوكالة كافة المشاريع ذات الطابع العلمي والاقتصادي والأعمال الإنسانية التي يتكفل بها المغرب تجاه دول أخرى.
تقدم الوكالة المغربية للتعاون الدولي آلاف المنح الدراسية سنوياً يستفيد منها طلاب من دول أفريقية وعربية ومن دول أخرى، حيث يستحوذ الطلبة الأفارقة على حوالي 60 في المائة من المنح، بينما يذهب ما نسبته 35 في المائة للطلاب العرب، وخمسة في المائة لطلاب من جنسيات مختلفة، وتخصص الوكالة سنوياً مئات المقاعد الدراسية للطلاب الفلسطينيين للدراسة في الجامعات والمعاهد المغربية. ويدرس حوالي 30 ألف طالب أجنبي في المؤسسات التعليمية المغربية من حوالي 70 دولة. وتوفر الوكالة حوالي ألف سرير لفائدة الطلاب الأجانب من خلال الحي الجامعي الدولي الذي تضطلع الوكالة المغربية للتعاون الدولي بإدارته، بالإضافة إلى ما يوفره المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية من أسرة بمختلف الأحياء الجامعية.
وترتبط السفارة الفلسطينية في الرباط بعلاقات وطيدة مع الوكالة المغربية للتعاون الدولي، وشهدت هذه العلاقات تطوراً هاماً وملحوظاً، نتج عنه زيادة في عدد المنح المقدمة من المغرب للطلاب الفلسطينيين خلال تولي الدبلوماسي اللامع جمال الشوبكي مهامه سفيراً لدولة فلسطين في المغرب، حيث يدرس أكثر من 500 طالب فلسطيني في الجامعات والمعاهد المغربية في مختلف التخصصات. ومن المعروف أن عدداً من كبار المسؤولين والوزراء الفلسطينيين كانوا قد أكملوا دراساتهم العليا في المغرب الشقيق. وفي العام الماضي التقى السفير الشوبكي مع السفير محمد مثقال المدير العام للوكالة المغربية للتعاون، وفي حينها تناول اللقاء أهمية وسبل تعزيز وتطوير مستوى التعاون الثنائي في قطاعات التكوين وتبادل الخبرات بين الوكالة المغربية للتعاون الدولي والوكالة الفلسطينية للتعاون، وزيادة مستوى التنسيق في مجالات الطب والزراعة والبحث العلمي. وكذلك القيام بتنفيذ برامج مشتركة بين الوكالتين في القارة السمراء.
وتستقبل السفارة الفلسطينية في الرباط عبر بعثتها التعليمية ومسؤولها السابق الأستاذ محمد قديح والحالي الأستاذ قاسم الطلاب والطالبات الفلسطينيين منذ لحظة وصولهم إلى المغرب، وتتابع معهم التفاصيل المتعلقة باستكمال إجراءات تسجيلهم في الجامعات المغربية، وكذلك كافة القضايا الإدارية الأخرى من سكن وإقامة ونقل وتبديل.. الخ.
يلقى الطلاب الأجانب الذين يدرسون في المغرب الاهتمام والرعاية التامة من قبل الوكالة المغربية للتعاون الدولي، ويجد الطلاب الفلسطينيين في المغرب كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال وطيب اللقاء الذي يتصف به الأشقاء المغاربة، وما عرف عنهم حبهم لفلسطين وشعبها وتعلقهم الروحي والديني التاريخي بمدينة القدس. وكذلك الدور الهام والمتواصل لأمير المؤمنين جلالة محمد السادس رئيس لجنة القدس في رعاية المدينة المشرفة وأهلها، وكان جلالته قد أمر بتخصيص منحة مالية لمدينة القدس خلال الشهور القليلة الماضية، وأمر بإرسال معماريين وصناع تقليديين مغاربة مهرة، لصيانة الأصالة المعمارية للمدينة وصيانة ترثها الحضاري والروحي. وهي مكرمة ملكية سامية لترميم بعض الأجزاء داخل المسجد الأقصى وفي محيطه، دعماً لصمود المقدسيين، ودفاعاً عن الوضع التاريخي لهذه المدينة، وتأكيداً على رمزيتها الدينية وهويتها الحضارية كمدينة للتعايش والتسامح بين جميع الأديان السماوية.
للوكالة المغربية للتعاون الدولي الشكر الكبير والامتنان والتقدير للدور الكبير المهم الذي تقوم به في استقبال ودعم ومساعدة الطلاب من مختلف دول العالم، وتوفر لهم كافة المستلزمات والظروف المناسبة لاستكمال دراساتهم في مختلف المؤسسات التعليمية المغربية. ولمديرها العام السفير الخلوق محمد مثقال كل الاحترام لجهوده العظيمة المهمة وإدارته الناجحة للوكالة.
للمغرب الشقيق كل الحب والوفاء لهذا العطاء المتواصل لفلسطين وشعبها وطلابها. ولأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس أدامه الله ورعاه أسمى آيات التقدير والعرفان لمواقفه العربية والأفريقية والإسلامية المشرفة.