تونس تبكي رئيسها الراحل والأمير مولاي رشيد يمثل الملك

انطلقت في تونس، صباح اليوم، جنازة وطنيّة للباجي قايد السبسي، أوّل رئيس منتخب ديموقراطيّاً في البلاد وذلك بمشاركة عدد من قادة الدول.

وبدأت مراسم التأبين قرابة الحادية عشرة صباحاً بالتوقيت المحلي كما كان مقررا بمشاركة الرؤساء الفرنسي إيمانويل ماكرون والفلسطيني محمود عباس والجزائري الموقّت عبد القادر بن صالح والبرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وملك إسبانيا فيليبي السادس ورئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج.

وحل صاحب الأمير مولاي رشيد، اليوم السبت، بتونس العاصمة، لتمثيل الملك محمد السادس، في تشييع جنازة الرئيس التونسي الراحل.



وهي المرة الأولى التي تقام فيها جنازة مهيبة لرئيس دولة تونسية توفي وهو على رأس السلطة.

وانطلق موكب الجنازة بنقل جثمان السبسي وقد لف بعلم البلاد من مقر إقامته بـ”دار السلام” على متن شاحنة عسكرية برفقة تشكيلات عسكرية إلى مقر قصر قرطاج حيث تم تأبينه من قبل الرئيس المؤقت محمد الناصر فيما تليت آيات من القرآن.

“رجل دولة بامتياز”

وقال الناصر في كلمة التأبين “كان رجل دولة بامتياز متحمسا لمبادئ الديموقراطية، وكان حريصا على إنجاح الانتقال الديموقراطي”.

وتابع الناصر والتأثر باديا على وجهه “نجح في خلق التوازن السياسي في البلاد، هو مهندس الوفاق الوطني”.

من جانبه أكد الرئيس الفرنسي في كلمته أن السبسي “من بين الذين وقفوا بشجاعة من أجل تونس المضيئة والمنفتحة والمتشبثة بالقيم الكونية”.

وتواصل موكب الجنازة المهيب من قصر قرطاج في اتّجاه مقبرة الجلاز التي دفن فيها العديد من الشخصيات السياسية، على بُعد نحو 25 كيلومتراً، حيث يوارى الثرى إلى جانب أفراد من عائلته.

وانتشرت صباح السبت قوات الأمن على طول المسار الذي سيسلكه موكب الجنازة والذي سيمر من وسط العاصمة.



وتجمع الآلاف من التونسيين أمام مقبرة الجلاز رافعين علم البلاد في انتظار توديع رئيسهم الذي تزامنت وفاته مع الاحتفال بالذكرى 62 لإعلان الجمهورية العام 1957.

وأكّدت وزارة الداخليّة الجمعة أنّها ستّتخذ “احتياطات استثنائيّة بتسخير كافّة الإمكانيّة البشريّة والمادّية لتأمين موكب الجنازة في مختلف مراحله، مع الأخذ بعين الاعتبار مواكبة التجمعات التلقائية للمواطنين”.

وكتب حافظ قايد السبسي نجل الرئيس الراحل على فيسبوك “الرئيس الباجي قايد السبسي رحمه الله مُلكٌ للشعب، وكلّ تونسيّ من حقّه الحضور في جنازته”.

وأعلنت الجزائر وموريتانيا وليبيا ومصر والأردن ولبنان الحداد ثلاثة أيّام.

وسارع بعض التونسيّين إلى تكريم السبسي الجمعة، بوَضع الورود أمام قصر قرطاج.



ونُقل الجمعة جثمان السبسي الذي توفي عن 92 عاماً من المستشفى العسكري في العاصمة تونس إلى قصر قرطاج بالضاحية الشماليّة، في سيّارة عسكريّة لُفَّت بعلم البلاد، في ظلّ حراسة عسكرية وأمنية.

وتزامناً مع نقل الجثمان، تجمّع مئات التونسيّين مردّدين النشيد الوطني، في حين بكى البعض. وأدّى عدد من عناصر قوى الأمن التحيّة العسكريّة لدى مرور الموكب.

خصال رفيعة

وكان الملك محمد السادس قد بعث ببرقية تعزية إلى محمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب التونسي، على إثر وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، أعرب فيها باسمه وباسم الشعب المغربي، لرئيس المجلس، ومن خلاله لأسرة الفقيد الكبير وللشعب التونسي الشقيق عن “أحر تعازينا وأصدق مشاعر مواساتنا في رحيل أحد رجالات تونس الكبار، الذين نذروا حياتهم لخدمة بلدهم وساهموا، بكل إخلاص ونكران ذات، في بناء دولتها الحديثة”.

وأضاف الملك “وإننا لنستحضر، في هذا الظرف العصيب، ما كان يتحلى به الراحل من خصال رفيعة، ومن حنكة سياسية عالية، أبان عنها في قيادته الحكيمة لبلده، لاسيما بعد انتخابه رئيسا للدولة، حيث عمل، رحمه الله، بجد وبروح وطنية مثالية على استكمال وترسيخ المسار الديمقراطي لبلده، وتعزيز نهضته التنموية في ظل الأمن والاستقرار”.

وقال الملك، في هذه البرقية، “وإن المملكة المغربية لتحتفظ، بكل تقدير، للفقيد المبرور ما كان يشده إليها من روابط الأخوة المتينة والتضامن الفاعل، ومن حرص شديد على إقامة علاقة تعاون وثيق ونموذجي بين بلدينا، فضلا عما عهد فيه من غيرة صادقة على وحدة وعزة شعوبنا المغاربية الشقيقة”.

انتقال سريع

وواصلت الصحف اليومية إصدارها بالأبيض والأسود معنونة “تونس تودع رئيسها” و”الشعب يودع رئيسه” “ارقد بسلام”، كما يبث التلفزيون الحكومي آيات من القرآن وبرامج إخبارية فقط.

توازياً، أعلنت الحكومة التونسيّة الحداد سبعة أيّام ونكّست الأعلام وألغيت النشاطات الفنّية في البلاد، بينما توالت برقيّات التعزية وإحداها من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أشاد بالدور المحوري للرئيس الراحل في “السّير نحو الديموقراطية”.

وبعد ساعات من وفاة السبسي، أدى محمّد الناصر (85 عاماً) رئيس مجلس نوّاب الشعب، اليمين، ليتولى الرئاسة موقّتاً، وفق ما ينص الدستور.

وتوفّي السبسي قبل أشهر من انتهاء ولايته أواخر العام الجاري. ويتوجّب على الرئيس الموقّت، استناداً إلى الدستور، تنظيم انتخابات خلال مهلة أدناها 45 يوماً وأقصاها 90 يوماً.

وقرّرت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات إثر وفاة السبسي تقديم موعد الانتخابات الرئاسيّة إلى 15 شتنبر مبدئياً، فيما بقيت الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرّر في 6 أكتوبر.

وأثنى كثير من التونسيّين على الانتقال السريع والسلس للحكم الخميس، في بلد يُعتبر الناجي الوحيد من تداعيات الربيع العربي ويُواصل مسيرته نحو الديموقراطية على الرّغم من التحدّيات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتهديدات الجماعات الجهاديّة المسلّحة.

عن موقع : فاس نيوز ميديا