20 سنة من حكم الملك محمد السادس تعزز حقوق الطفولة المغربية

منذ اعتلائه العرش، قام الملك محمد السادس بالعديد من المبادرات ذات الطابع الاجتماعي، كان في مُقدّمتها الاهتمام الخاص والاستراتيجي بالطفولة، كما يعمل جاهدا على تطوير وتوسيع نطاق حقوق الطفل وحمايتها عبر ملاءمة التشريعات الوطنية في هذا الصدد مع المواثيق الدولية، وإعطاء الضوء الأخضر لجملة من المشاريع والمؤسسات التي من شأنها أن تعمل على حماية حقوق الأطفال بالمغرب.



في هذا المقال، تستعرض جريدة هسبريس الإلكترونية أهمّ منجزات وأوراش الملك محمد السادس للنهوض بحقوق الطفل بالمغرب، سواء تعلق الأمر بمشاريع تنموية، أو ما تم تحقيقه من مكتسبات على المستويين الدستوري والقانوني لتعزيز احترام حقوق الطفل والسّير بها نحو الأفضل.

دعم الأطفال المتخلى عنهم



منذ سنة 1999، بدأت مؤسسة محمد الخامس للتضامن تولي عناية خاصّة بالأطفال المتخلّى عنهم والمحرومين واليتامى؛ إذ عملت على إعادة ترميم وبناء 260 مركزا خيريا موجها أساسا لخدمة الأطفال في جميع أنحاء المملكة. وبتدبير من جمعيات المجتمع المدني، توفّر هذه المراكز الإيواء والأكل بالمجّان لفائدة الأطفال اليتامى، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 و18 سنة.

وتقوم المؤسسة بعدة أعمال لفائدة الأطفال، من خلال تقديم المساعدات المادية والمالية، بصفة منتظمة، للجمعيات التي تسعى وراء الأهداف نفسها، كالعصبة المغربية لحماية الطفولة، والمرصد الوطني لحقوق الطفل، وجمعية الأطفال المصابين بالسرطان، وجمعية “بيتي”، وجمعية المودة والإخلاص بتطوان، وجمعية “دارنا”، وجمعية المستقبل، الخ.

وفي هذا الصدد، قالت جمعية “بيتي”، ضمن أحد تقاريرها، إنه “ما بين سنة 2009 و2013 تم التكفّل بـ 2608 أطفال؛ 39 في المئة منهم فتيان و61 في المئة فتيات، 16 في المئة منهم من أطفال الشوارع”، مشيرة إلى أنّ “41 في المئة منهم تمكنوا من العودة إلى المدرسة، فيما تم تدريب 15 في المئة في مهن مختلفة”.



دعم التمدرس

عززت مؤسسة محمد الخامس مجهوداتها الرامية إلى دعم الأطفال ومساعدتهم على إدماج أفضل في المجالات العائلية، والاجتماعية، والمدرسية، والاقتصادية، عن طريق مباشرة برامج وطنية لضمان ودعم التمدرس، تبعا لتعليمات الملك محمد السادس.

غلاف مالي فاق 100 مليون درهم استثمرته المؤسسة لوضع مشاريع تروم مساعدة أطفال المناطق ذات مناخ شتوي قاس، كما قامت بإعداد برنامج لإنجاز فضاءات لإيواء وتأطير أطفال العالم القروي، على وجه الخصوص، بلغ عددها 70 مأوى؛ وهي فضاءات تقول المؤسسة إنّها تستجيب لظروف التمدرس الناجح في المستوى الثانوي أو حتى الجامعي.

وللمساعدة على التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي بالنسبة للعالم القروي، ولضواحي المدن، وللمدن العتيقة، أُطلق، بشراكة مع وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، ومؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية والتربية والتكوين، وبدعم من وزارة التربية الوطنية، برنامج لتوزيع المقررات المدرسية والحقائب لفائدة الأطفال المعوزين المقبلين على ولوج السنة الأولى ابتدائي، وعلى الفتيات المقبلات على ولوج السنة الأولى إعدادي.

رشيد روكبان، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، دعا إلى ضرورة “الحفاظ على هذا الايقاع الايجابي والمتميّز في معالجة حماية حقوق الطفل من مختلف زواياها، والاستمرار في المقاربة المعتمدة وتطويرها، خصوصا بعد انخراط المغرب والتزامه بإعمال وتنفيذ أهداف الألفية للتنمية، وذلك من خلال خطة العمل الوطنية للطفولة (مغرب جدير بأطفاله)، ومختلف المبادرات الهامّة الأخرى، بغضّ النّظر عن مستوياتها وحجمها ومجالها الترابي، كتلك المتعلقة بالرباط مدينة دون أطفال شوارع”.



وباعتباره رئيسا لمنظمة الطلائع أطفال المغرب، قال المُتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إن “للقضاء دورا مهما للغاية في إعطاء دفعة قوية تساهم في تقوية ونجاعة السياسات والبرامج المتعلقة بالأسرة والطفولة، “وأضاف أن “تأثير الاختيارات والتشريعات المعتمدة يُلمس على أرض الواقع من خلال النتائج المحققة ونسبة تحقيق الأهداف المسطرة ومدى تجاوز المشاكل والأوضاع غير الصحية”.

إصلاحات دستورية

من الآليات الجديدة التي ساهمت في تكريس الديمقراطية التشاركية، ما أكد عليه الفصل 169، حيث يتولى المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، المحدث بموجب الفصل 32 في البند المُتعلّق بضمان حقوق الطفل من دستور 2011، مهمّة تأمين تتبع وضعية الأسرة والطفولة، وإبداء آراء حول المخطّطات الوطنية المتعلقة بهذه الميادين، وتنشيط النقاش العمومي حول السياسة العمومية في مجال الأسرة، وضمان تتبع وإنجاز البرامج الوطنية المقدمة من قبل مختلف القطاعات والهياكل والأجهزة المختصة.

ونصّ الفصل 34 من الدّستور على أنّ السلطات العمومية تقوم بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تسهر على معالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات، وللأطفال والأشخاص المسنين والوقاية منها، وكذا إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع.

ويرى عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنّ “مصادقة المغرب على اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 دفعت إلى القيام بعدة ملاءمات تشريعية، سواء على مستوى مدونة الأسرة أو على مستوى القانون الجنائي، من أجل ملاءمة نصوصه مع الاتفاقيات الدولية المتعلّقة بحماية الأطفال”.

وأكّد أدمينو، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ هذه التشريعات “منعت الظواهر التي كان يتم من خلالها استغلال الأطفال، من قبيل استغلالهم كعمّال منزليين”، موردا أنّ “التعديلات همّت كلا من مدونة الأسرة، ومدونة الشغل، والقانون الجنائي، والمسطرة الجنائية”.



وأضاف المُتحدّث أنّ “ما جاء به دُستور 2011 ساهم في تكريس حقوق الطّفل في المغرب؛ فالباب الأول من الدّستور تضمن مجموعة من البنود التي شملت الأجيال الثلاثة لحقوق الإنسان، خاصّة فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، سواء تعلّق الأمر بالطفل أو ذوي الاحتياجات الخاصة، إلخ”.

مكتسبات قانونية

ويرى رشيد روكبان، رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب، أنّ المغرب حقّق جملة من المكتسبات القانونية؛ يتمثّل أهمها في دخول “القانون رقم 12-19 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين حيز التنفيذ، ما يجعل المملكة من الدول القلائل السباقة التي أفردت قانونا خاصا بهذه الفئة من العاملات والعمّال ووفت بالتزاماتها الدولية في هذا المجال”، منوّها في هذا الصدد “بالمضامين الإيجابية بالغة الأهمية التي أتى بها هذا القانون، لاسيما المنع النهائي لتشغيل الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 16 و18 سنة كعاملات وعمال منزليين”.

وأضاف روكبان أن المغرب قام “بخطوات رائدة في اتجاه تطوير ترسانته القانونية المتعلقة بحماية حقوق الأطفال، وتكييفها مع التزاماته الدولية؛ ومن أبرزها إصدار مدونة الأسرة، وإدخال تعديلات نوعية على قانون الجنسية بمنح الجنسية للأطفال من أم مغربية، وكذا تعديل القانون الجنائي، خاصة حذف الفقرة التي كانت تعفي المغتصب من العقاب إذا تزوج بضحيته من الفصل 475، وغيرها من مقتضيات قانون المسطرة الجنائية”.

وشدّد المتحدّث على “ضرورة القيام بحملات تحسيسية وتوعوية وإخبارية بالقانون الجديد، وتفعيل وتوسيع آليات المراقبة والتفتيش، ونهج الصرامة في تطبيقه، حماية للأطفال من هذا النوع من الاستغلال الاقتصادي”، داعيا في هذا السياق “كل الفعاليات والهيئات ومكونات النسيج الجمعوي بالبلاد إلى المساهمة في هذا الورش البيداغوجي الهام للشعب المغربي”.

عن موقع : فاس نيوز ميديا